وعد بتيسير مفاوضات الترسيم ونال "ضمانات" إنتخابية و"التزامات" إصلاحية

غوتيريش: لبنان يعاني الأمرّين والوقت ليس لاستنباط الرؤى وآن الأوان للزعماء السياسيين أن يتّحدوا ويجتمعوا

02 : 00

غوتيريش مع الرئيس بري

في اليوم الثاني لزيارته لبنان، وزع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسائله السياسية في كل اتجاه، مبدياً اعتقاده بأن اللبنانيين هم من يجب أن يجدوا حلاً لأزمات بلادهم، ولكن ينبغي أيضاً على المجتمع الدولي أن يعزز دعمه للبنان. أما بالنسبة الى الزعماء فأكد انه آن الاوان أن يتحدوا وأن يتجاوزوا الانقسامات والاختلافات، واعداً بأن الامم المتحدة لن تدخر جهداً في تيسير المفاوضات من أجل التوصل الى حل سريع لترسيم الحدود البحريةً كي يتسنى للبنان الاستفادة من الثروات الموجودة فيه.

غوتيريش استهل نشاطه امس في فندق الموفنبيك بلقاء قادة روحيين، وتفقد مرفأ بيروت مطلعاً على الاضرار التي لحقت به جراء انفجار 4 آب، ووضع اكليلاً من الزهر على النصب التذكاري لشهداء الانفجار، قبل ان يزور رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ويتوجه الى مدرسة الاونروا في طرابلس، ويستمع إلى معاناة طلاب.

القادة الروحيون

القادة الروحيون الذين التقاهم غوتيريش هم: البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، القاضي الشيخ مهدي اليحفوفي ممثلاً الشيخ علي الخطيب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، بطريرك الأرمن الأرثوذكس الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان.

وأكد المشاركون وفق بيان عن مكتب الامم المتحدة في بيروت "التزامهم قيم الانفتاح والتسامح والتعايش باعتبارها جوهر هوية لبنان واستقراره". وشددوا على "أهمية الحفاظ على هذه القيم التي هي من صلب الإيمان، وخصوصاً في هذه المرحلة الحرجة التي تشهد أزمة مالية واقتصادية واجتماعية متفاقمة تلقي بوطأتها الخانقة على عموم الناس". وأعربوا عن "عزمهم التركيز على ما يوحد لبنان ويجمع ابناءه"، وشجعوا "أبناء الديانات والمذاهب المختلفة على فعل الشيء عينه"، واعتماد "الحوار وسيلة لحل الخلافات بروح التوافق والعمل الجماعي". وأكدوا "الرغبة المشتركة بين أبناء الأديان والمذاهب لرؤية لبنان يتعافى ويزدهر"، والتزموا "القيام بكل ما في وسعهم لإعادة الأمل إلى شعبه". وجددوا "دعم الأمم المتحدة للبنان لوضع حد لأزماته وتجنيب الناس المزيد من المعاناة".

دريان

وأكد المفتي دريان احترام دار الفتوى "لدستور البلاد، والتزامها أحكامه، ودعوة اللبنانيين جميعاً والمسؤولين، للتقيد بمضمونه، نصّاً وروحاً، والاحتكام إليه في كل ما يتعلق بشؤون الحكم، وإدارة أعمال الدولة". كما أكد "المبادئ الأساسية والجوهرية التي يقوم عليها نظام الحكم في لبنان.." والتمسك "بالعيش المشترك الإسلامي-المسيحي"...

شيخ العقل

أما شيخ العقل د. سامي أبي المنى فطالب "المجتمعَ الدولي بمساعدة لبنان، لتأمين الأمن الصحي والغذائي والتربوي". وقال: "قلتم للسياسيين: ساعدونا لنساعدكم، ونحن نقول معكم ولهم أيضاً: فلنترفّع عن المطالب الآنيّة المتقابلة، ولتجتمعِ الحكومة، وليتحمّل الرؤساءُ والوزراء والنوّاب مسؤولياتِهم.

ونقل شيخ العقل لغوتيريش تأكيد الموحِّدين الدروز "على رسالة الحوار والاعتدال دائماً، واليومَ أكثرَ من أي وقتٍ مضى، ويُصرُّونَ على ذلك من خلال اعتبار جبلِ لبنان نموذجاً صالحاً للمصالحة والعيش الواحد المشترَك، ذلك لأنهم طائفة أساسية ومؤسِّسة لهذا الوطن، بل طائفة جامعة ولاحمة بين الطوائف، قدَّمت التضحيات الكبيرة واستفادت من العبر الكثيرة عبر التاريخ للوصول إلى وطنٍ سيِّدٍ ومستقلّ"...

عند بري

وفي عين التينة، عقد لقاء بين الامين العام للامم المتحدة ورئيس مجلس النواب بحضور المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا وقائد قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان ستيفانو دل كول والوفد المرافق، واستهل بخلوة بين بري وغوتيريش استمرت لاكثر من 20 دقيقة تلاها لقاء موسع جرى خلاله بحث للاوضاع العامة لا سيما موضوع ترسيم الحدود.

ووزع مكتب الامم المتحدة في بيروت ملاحظات غوتيريش بعد اجتماعه مع بري، قال فيها: "لقد عقدت للتو اجتماعاً بنّاء مع الرئيس نبيه بري وأنا ممتن لاستضافته لي. كان اجتماعاً بنّاء للغاية، تحدثنا خلاله عن أفضل السبل لإيجاد حلول للأوضاع المعقدة والصعبة التي يواجهها لبنان حالياً".

اضاف: "أعتقد أن اللبنانيين هم الوحيدون الذين يستطيعون إيجاد حل لأزمات بلادهم، ولكن أعتقد أيضاً أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يعزز دعمه للبنان لتجاوز الظروف الصعبة الذي يمر بها حالياً. الأمم المتحدة متضامنة جداً مع اللبنانيين في هذه الأوقات. وسوف نفعل كل ما بوسعنا لتعبئة المجتمع الدولي لتعزيز الدعم للبنان على المسار الإنساني والإنمائي، وإعادة هيكلة مختلف أوجه الاقتصاد والوضع المالي للبلاد".

وتابع: "قبل أن آتي إلى هنا، قمت بزيارة لمرفأ بيروت تكريماً لأرواح الضحايا الذين قضوا في الانفجار، وللإعراب عن تضامني مع الجرحى ومع أسر الضحايا. أعرف المعاناة، وأعرف أن الشعب يريد معرفة الحقيقة، ويريد التوصل إلى المساءلة الملائمة، وكلنا متضامنون مع ضحايا هذه المأساة التي ألمّت بالبلاد".

وقال: "من جهة أخرى، سنحت لنا فرصة التداول بشأن وجود "اليونيفيل" في جنوب لبنان، وعن ضرورة وضع حد لكافة الانتهاكات، لوقف إطلاق النار، لا سيما أن الرئيس بري قد لفت نظري إلى الانتهاكات المتكررة للمجال الجوي في لبنان، وإلى ضرورة احترام قرارات مجلس الأمن احتراماً كاملاً. وناقشنا أيضاً بأهمية التعاون بين "اليونيفيل" والجيش اللبناني وضرورة أن يقدم المجتمع الدولي دعماً إضافياً للجيش".

وأعلن انه "في سياق نشاطاتنا، سوف نفعل كل ما بوسعنا لتسهيل المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سريع لترسيم الحدود البحرية، حتى يتسنى للبنان الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة فيه، وهو سيساهم في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد".

وقال: "آن الأوان للزعماء السياسيين أن يتحدوا وأن يتجاوزوا الانقسامات والاختلافات. آن الأوان للمجتمع الدولي أن يعزز دعمه لشعب لبنان. آمل أن يسمح هذان العاملان، ألا وهما وحدة القادة اللبنانيين وعزمهم وتضامن المجتمع الدولي، لشعب لبنان أن يستعيد في المستقبل القريب الحياة والازدهار اللذين تميز بهما لبنان في السابق، وهو ما يتماشى مع إحدى أقدم الحضارات في العالم".

أما بري فبعدما شكر لغوتيريش زيارته قال: "على الصعيد العام طبعاً الشكر موصول دائماً لـ"اليونيفيل" منذ عام 1978 لان اسرائيل لم تنفذ لا القرار 425 ولا القرار 1701 الذي لا يزال الان يتكلم عن وقف الإنتهاكات الحربية، ولا تقبل ان يقال أن هناك وقفاً لإطلاق النار كذلك الامر لا يريدون أي دور للأمم المتحدة في أي مهمة تتعلق بالجنوب اللبناني ولبنان، وخاصة بما يتعلق بموضوع الحدود البحرية، هذه المواضيع كلها تكلمنا بها علماً انه بموضوع الحدود البحرية تكلمنا بأن تكون الامور بعهدة الامم المتحدة ورعايتها وتحت علم الامم المتحدة وبمشاركة الاميركيين، ومع ذلك لا يزال حتى الآن هناك مماطلة في هذا الموضوع الأمر الذي يؤثر على الإقتصاد اللبناني وعلى الوضع العام، ومعلوم أن الشركات التي رسى عليها الإلتزام تؤخر هذا الموضوع بحجج أمنية".

وأكد بري ان "اهلنا في الجنوب هم والجيش اللبناني واليونيفيل يد واحدة في سبيل الامن في المنطقة وان كان هناك من اضطراب في مكان، المسؤولية هي على اسرائيل الموجودة في ارضنا ولسنا نحن المسؤولين، فكل يوم هناك خرق اسرائيلي للاجواء اللبنانية حتى انهم يستعملون اجواءنا لضرب الشقيقة سوريا".

عند ميقاتي

وفي السراي الحكومي، أجرى غوتيريش محادثات مع الرئيس نجيب ميقاتي قبل ان يعقدا لقاء موسعاً شارك فيه عدد من الوزراء وممثلو هيئات ووكالات الامم المتحدة. ورأى غوتيريش أن "لبنان اليوم يعاني الأمرين وهو بحاجة ايضاً الى الدعم من المجتمع الدولي، ونتوقع من اللبنانيين أن يقوموا بواجباتهم لمواجهة هذه الازمة". وقال: "انتم الآن تواجهون وضعاً مأسوياً وصعباً للغاية، وطبعاً تعود مسؤولية هذا الوضع الى اللبنانيين بشكل جزئي، ولكن المسؤوليات ايضاً ملقاة على عاتق جهات خارج لبنان نظراً للوضع المأسوي في المنطقة ومضاعفاته". وكرر ان "الشعب اللبناني اليوم يعاني الأمرين، وهذا يلقي طبعاً مسؤولية كبيرة على عاتق القادة اللبنانيين لكي يوحدوا انفسهم ويجتمعوا، فهنا ليس الوقت لاستنباط الرؤى، بل لكي لا نألو جهداً ولكي نبذل قصارى جهدنا من اجل ايجاد الحلول لمشاكل البلاد"، مضيفاً: "هذه هي اللحظة الماثلة التي يستحق فيها لبنان التضامن بين القوى كما فعلنا ازاء اللاجئين، نحن هنا ايضاً بحاجة الى ان نعزز ونعبئ جهودنا لكي ندعمكم وندعم لبنان". ونقل عن ميقاتي التزام الحكومة باجراء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وباجراء عدد من الاصلاحات الادارية والمالية اللازمة "لكي يتمكن لبنان من الاستفادة بالكامل من الامكانات المتاحة الآن في ظل الدعم الدولي المتاح للبنان". وأعلن حصوله "على ضمانات بأن الانتخابات ستجرى في أوائل شهر ايار من العام المقبل، ريثما يتم اتخاذ مختلف الاجراءات الدستورية المحقة، وهذا يعني ان لبنان سيهيئ الاطار المناسب للتصدي للازمة الحالية وسوف يتمكن من تحسين الوضع القائم".

بدوره، قال ميقاتي: "ان الأزمة الحالية اعادت خلط الأولويات التنموية للبنان، بحيث أصبح تأمين الأمن الغذائي ومكافحة الفقر ودعم الفئات الضعيفة وتوفير الطبابة والطاقة والمياه والتعليم والنقل في أعلى سلم الأولويات التنموية، كذلك تحقيق الاستقرار النقدي". ولفت الى أن "لبنان يحتاج إلى مساعدات عاجلة في المجالات المذكورة، مع إيلاء أهمية خاصة لتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية للجميع بشكل مستدام يتخطى القروض الميسرة، وتطوير بطاقة تموينية، مع التركيز على إيصال المساعدات إلى الفئات الأكثر فقراً، وتلك التي كانت تنتمي إلى الطبقة الوسطى، إضافة الى الشرائح المهمّشة". وجدد تمسك لبنان بدور القوات الدولية في الجنوب لجهة تطبيق القرار 1701 والتزامه تطبيقه واحترامه القرارات الدولية ودعوته الامم المتحدة الى الزام اسرائيل بتطبيقه كاملاً، وأكد التزام لبنان المضي في المفاوضات الجارية برعاية القوات الدولية ووساطة الولايات المتحدة الأميركية لترسيم الحدود البحرية اللبنانية بشكل واضح يحفظ حقوق لبنان كاملة.

كما جدد "تأكيد التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن اي خلاف بين الدول العربية، كما كان قراره عام 2011 عند صدور البيان الرئاسي خلال عضويته في مجلس الامن، ولن يكون لبنان، في مطلق الاحوال، الا عامل توحيد بين الاخوة العرب، وحريصاً على افضل العلاقات مع كل أصدقائه في العالم".


MISS 3