إيفون أنور صعيبي

زيادة الـ TVA على الكماليات... وما أدراكم ما هي الكماليات؟!

12 تشرين الأول 2019

00 : 49

ترهق الضرائب كاهل المواطنين لدرجة باتت تحاصر الشعب بفئاته كافة وتدفع به الى الشارع؛ فالشروع بزيادتها عشوائياً يثقل كاهل الإقتصاد والمواطنين ويزيد الإنكماش والكساد عوضاً عن تعزيز النمو... في المبدأ يجب ان تتسم عملية الإلزام بالضرائب بـ"الحذر" حفاظاً على الخير العام وصوناً لحقوق الناس وتقليصاً للتفاوت الطبقي بدلاً من تمويل "المحميات السياسية".

يتفق الجميع على ان زيادة الضرائب على المنتجات المستوردة الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة في بلد كلبنان يستورد كل شيء تقريباً ليست قراراً "حكيماً". ولكنه أمر محسوم بما ان الحكومة غير آبهة إلا بإيجاد مصادر لمصاريفها. وبدلاً من اتباع سياسات نقدية ومالية توسّعية لإنقاذ الاقتصاد، تقوم الحكومة باتّباع سياسات التقشّف، ورفع الضرائب في زمن الركود بدلا من العمل على رفع معدلات النمو ومن ثم اعادة توزيع الثروات بين المواطنين كما وبين القطاعات الانتاجية.

في اتصال مع "نداء الوطن" يوضح الخبير في شؤون المالية العامة والموازنة غسان بيضون أن "الضرائب المباشرة هي تلك التي تراعي الاوضاع الاقتصادية للمكلف، بينما الضرائب غير المباشرة فهي لا تميز بين غير المكلفين وقدرتهم على تحمل العبء الضريبي ولا تراعي الاوضاع الاجتماعية، ولا حتى مبدأ العدالة والمساواة".

ويضيف بيضون: "لزيادة الـ TVA بُعدان: الأول هو احتياج كل تاجر الى رأسمال أكبر لاعتبار انه يدفع ثمن السلع وضرائبها ومن ثم يستردها من الناس وبعد ذلك يعود ويسدّد هذه الضرائب الى وزارة المالية، في حين يقع العبء النهائي على المستهلك الذي يتكبّد هذه التكاليف. في هذه الظروف الصعبة والضيقة التي ترخي بثقلها على كاهل الشعب لا سيما ذوي الدخل المحدود، ستزيد الضرائب وسيجد الناس صعوبة في تدبير أمور المعيشة ذات الكلفة المرتفعة. وسيكون ايضاً عليهم تقليص مصاريفهم ولجمها بنسب معينة وهذا ما سيسبب أزمة لا بل كارثة اجتماعية. يبدو أن الاتجاه ذاهب باتجاه زيادة الضريبة على القيمة المضافة لتلامس الـ 15% تحت تسمية الضريبة على الكماليات. تعتبر الكماليات فخاً، فمن الذي يحدد مفهوم الكماليات من وجهة نظر اجتماعية؟ في هذه الحالة، سيكون من المتوقع أن تخضع سلة واسعة من السلع لهذه الزيادة تحت بدعة انها تندرج ضمن لائحة الكماليات. تسعى الطبقة الحاكمة الى إقرار القانون وبعدها يتم التحايل على القانون كما جرت العادة. اذا لم تساهم الزيادات الضريبية بتسديد الديون ووضع حد للعجز، فلن تكون ذات فائدة وتكون القدرة الاستهلاكية قد استُهلكت للمكلفين والمواطنين بلا أي فائدة وتكون الحكومة قد أمنت مصاريف سنتها المالية فقط لا غير".

من جهته يقول مدير المحاسبة السابق في وزارة المالية أمين صالح: "من شأن زيادة الضريبة على القيمة المضافة ان تحقق حوالى 300 مليار ليرة أو أكثر للدولة. هذه المبالغ ستدفع من جيوب المواطنين من خلال الضرائب غير المباشرة أي الضرائب على الاستهلاك والتي تتحمل اعباءها الطبقة المتوسطة وما دونها. لهذه الزيادة انعكاسات خطيرة في ظل الانكماش الاقتصادي الآخذ بالتفاقم والذي سيؤدي حكماً الى انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين. كما تعتبر الضرائب غير المباشرة خطيرة لا سيما مع غياب اصلاحات جذرية في المالية العامة. الى ذلك فهي لا تهدف إلا الى زيادة موارد الخزينة العامة بلا أي اصلاحات أو تغييرات جذرية وهكذا يستمر ارتفاع خدمة الدين العام".

في المجمل، تتميز البنية الطبقية بالصراع بين فئتين رئيسيتين: البرجوازية أي الرأسماليون الذين يملكون وسائل الإنتاج، والبروليتاريا أي الطبقة العاملة والتي تشمل كلّ الذين يبيعون طاقاتهم وأوقاتهم وأعمالهم (ولو بنسب متفاوتة)، أما في لبنان فالامر مختلف إذ تنحصر هاتان الطبقتان بالطبقة السياسية والشعب أي بين محتكري الموارد والفاسدين في مقابل الشعب الذي لا حول له ولا قوة. لذا لو قاد الشعب "ثورة" اقتصادية، عندها فقط تنتهي حرب الطبقات وتتحقق المساواة الاجتماعية ويوضع حد لجشع دينوصورات المال.


MISS 3