بوتين يحذّر من تسلّل "الدواعش" من سوريا عبر إيران

أردوغان مصمّم على الحرب ... والليرة التركية تهبط

01 : 07

يبدو أن تركيا مصمّمة على مواصلة هجومها على الأكراد في شمال شرقي سوريا، خصوصاً مع إصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أن عمليّة "نبع السلام" العسكريّة لن تتوقف، متجاهلاً تهديدات أميركيّة بفرض عقوبات شديدة. وما زالت "قسد"، التي تضمّ فصائل كرديّة وسريانيّة وعربيّة، تخوض معركة الدفاع ضدّ القوّات التركيّة الغازية وحلفائها، بحيث تترافق المواجهات الضارية بين الطرفين مع قصف صاروخي مكثّف وغارات تشنّها الطائرات التركيّة على قرى عدّة. وسُجّل في هذا الإطار، سقوط قذائف إلى جانب موقع للقوّات الأميركيّة قرب مدينة كوباني، من دون ورود تقارير عن تسجيل إصابات في صفوف قوّات النخبة الأميركيّة، وسرعان ما بادرت أنقرة إلى التنصل من المسؤولية عن القصف على الموقع الأميركي.

وفي نيويورك، أفاد ديبلوماسيّون بأنّ روسيا منعت صدور بيان لمجلس الأمن الدولي صاغته الولايات المتّحدة، يدعو تركيا إلى وقف هجومها العسكري في شمال شرقي سوريا، بحيث كان من المقرّر تبنّي نصّ البيان، لكن موسكو تدخّلت لوقفه. ومع تكليف الرئيس الأميركي دونالد ترامب لديبلوماسيّين التوسّط في "وقف لإطلاق النار" بين حليفيه، الأكراد شركاؤه الأبرز في الحرب ضدّ الجهاديين، وأنقرة شريكته في "حلف شمال الأطلسي"، كشف وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن ترامب يعتزم توقيع مرسوم لردع تركيا عن مواصلة هجومها العسكري، مهدّداً بأنّ بلاده تستطيع شلّ الاقتصاد التركي بعقوبات شديدة للغاية إذا اضطرّت إلى ذلك، ما أدى إلى هبوط فوري في الليرة التركية.

ميدانياً، سيطر الجيش التركي والفصائل السوريّة الموالية له على 11 قرية حدوديّة، حيث تدور اشتباكات مع محاولة "قسد" منع القوّات المهاجمة من التقدّم عبر مقاومتها الشرسة وصمود خطوط دفاعها نسبياً. وتتزامن المعارك العنيفة، التي تتركّز بين رأس العين (الحسكة) وتل أبيض (الرقة)، مع قصف مدفعي وجوّي تركي، وفق "المرصد السوري"، الذي أشار إلى أن "قسد" تستخدم أنفاقاً وتحصينات بنتها قرب الحدود لشنّ هجمات مضادة وعرقلة تقدّم أعدائها، في وقت كان لافتاً ما أعلنته "قسد" عن هجوم تشنّه ميليشيات مدعومة من طهران على وحداتها على جبهات جنوبيّة في دير الزور بالتزامن مع الهجوم التركي على المقلب الآخر. وأحصى المرصد مقتل 7 مدنيين و9 عناصر من "قسد" بالنيران التركيّة أمس، لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ الأربعاء إلى 17 مدنيّاً و54 مقاتلاً من تلك قوّات. وفي الجهة المقابلة، قُتِلَ 10 مدنيين في قصف اتّهمت أنقرة المقاتلين الأكراد بالوقوف وراءه، لترتفع بذلك حصيلة القتلى المدنيين في تركيا إلى 17 شخصاً. كما أعلنت أنقرة مقتل 4 من جنودها ضمن العمليّة العسكريّة. ودفع الهجوم، وفق الأمم المتحدة، أكثر من مئة ألف شخص إلى مغادرة منازلهم. كذلك، باتت بلدات حدوديّة بأكملها شبه خالية بسبب ضراوة المعارك، في وقت أخلت الإدارة الذاتيّة الكرديّة مخيّم "المبروكة" للنازحين، الواقع على بُعد 12 كيلومتراً من الحدود، كما تبحث عن موقع بديل لمخيّم "عين عيسى"، لحماية 20 ألف نازح في الموقعين من القصف التركي العشوائي والكثيف.

وانضمّت روسيا أمس إلى لائحة الدول الغربّية، الأوروبّية خصوصاً، التي حذّرت من أن يُساهم الهجوم التركي في إعادة إحياء تنظيم "داعش"، الذي لا يزال ينشط عبر خلاياه النائمة، رغم هزيمته الميدانيّة على يد "قسد"، إذ حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن العمليّة العسكريّة التركيّة ضدّ المقاتلين الأكراد قد تُحيي خطر "داعش" في المنطقة، مشكّكاً في قدرة تركيا على منع هروب "الدواعش"، وسط تساؤل لافت للانتباه من الرئيس الروسي: "إلى أين سيذهبون؟ هل سيتوجهون عبر أراضي تركيا وغيرها إلى مناطق لا يسيطر عليها أحد في عمق سوريا، ثم عبر إيران إلى دول إقليمية أخرى؟".

وفي سياق متصل، أعلن الأكراد أن 5 معتقلين من تنظيم "داعش" فرّوا من أحد السجون التي يديرونها، بعد سقوط قذائف تركيّة في جواره في مدينة القامشلي. كما أفاد مسؤولون أكراد عن إحباطهم أعمال شغب قامت بها نسوة من عائلات مقاتلي التنظيم المتطرّف في مخيّم الهول المرعب. وعلى وقع المعارك الميدانيّة الطاحنة، تحرّكت أصابع الإرهاب لتضرب مدينة القامشلي وتتسبّب بمقتل 6 أشخاص بينهم مدنيّون، وفق حصيلة للمرصد، في تفجير آليّة مفخّخة تبنّاه "داعش".

دوليّاً، علّقت هولندا تصدير أيّ شحنات أسلحة جديدة إلى تركيا في انتظار تطوّر الوضع الميداني في سوريا، في وقت كشفت وزيرة الدولة الفرنسيّة للشؤون الأوروبّية اميلي دو مونشالين أن مسألة فرض عقوبات أوروبّية على أنقرة ستُبحث في القمّة الأوروبّية الأسبوع المقبل. وإذ اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أنّ تصريحات أردوغان في شأن اللاجئين "ابتزاز لأوروبا وليست في مكانها"، دعا إلى وقف العمليّة العسكريّة التركيّة في الشمال السوري. كذلك، أعرب الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي" ينس ستولتنبرغ عن "مخاوف جدّية" في شأن العمليّة العسكريّة التركيّة، داعياً أنقرة إلى "ضبط النفس"، بينما ندّد وزير الخارجيّة التركي مولود تشاوش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ستولتنبرغ، بالحكومات الأوروبّية، التي انتقدت الهجوم التركي على "قسد". بينما من ناحيته، أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، عن دعم بلاده للعمليّة العسكريّة التي تشنّها تركيا.