جاد حداد

Mother/Android... غير مقنع رغم قوة التمثيل

12 كانون الثاني 2022

02 : 00

تتميّز الممثلة كلوي غرايس موريتز بأداء عاطفي نادر، وتبرع في إضفاء شكلٍ ملموس من التماسك والثقة على أدائها تزامناً مع الاحتفاظ بجانب ضعيف وغير مألوف. قد تكون سلاستها التعبيرية السبب الذي يفسّر إتقانها لأدوارها في أنواع خاصة من الأفلام. هي قدّمت مثلاً شخصية وحشية في فيلم Carrie وشخصية حذقة في فيلم Hit-Girl. لكن لا مفر من التساؤل عن ما يمنع تحولها إلى نجمة سينمائية أكثر تألقاً نظراً إلى حجم موهبتها وغنى مسيرتها كممثلة شابة.

يحمل فيلمها الجديد اسم Mother/Android (الأم/أندرويد)، وهو من كتابة وإخراج ماتسون توملين. يدخل هذا العمل في خانة أفلام التشويق والخيال العلمي، لكنه فارغ وممل وتدور أحداثه بعد وقوع كارثة مدمّرة في المستقبل القريب، فتجتاح موجة قاتلة وعنيفة من الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة. قد يكون أداء موريتز الجريء والمتكامل أفضل جانب من هذا الفيلم، فهي تجسّد شخصية "جورجيا" الشابة والحامل التي تحاول إنقاذ نفسها وطفلها على مر رحلة خطيرة مع حبيبها "سام" (ألغي سميث).

لكن حبذا لو كان الفيلم يستحق جهودها! تبدو القصة واعدة بما يكفي في البداية، فتبدأ الأحداث خلال حفلة عيد الميلاد حيث يَعْلَق "سام" و"جورجيا" في الحمّام ويحدّقان بعدد من اختبارات الحمل الإيجابية. في هذه النسخة من الأحداث المستقبلية التي نلقي نظرة عليها، لن نلتفت كثيراً إلى الآلات التي تشبه تلك التي تظهر في فيلم I, Robot (أنا، روبوت) لكنها بشرية الشكل على غرار The Terminator (المدمّر)، مع أنها تتجول وسط الضيوف البشر لخدمتهم. يتعطل أحد الروبوتات للحظة، فيخطئ حين يتمنى يوم هالووين سعيد لأحد الضيوف المغادرين. يبدو هذا المؤشر البسيط الذي ينذر بكارثة مرتقبة كافياً في هذه القصة التي تنتقل سريعاً إلى المستقبل بعد هذا المشهد. تمرّ تسعة أشهر تحديداً لأننا نشاهد "جورجيا" ببطنها الكبير الذي يشير إلى اقتراب موعد الولادة.



انطلاقاً من كلام المخرج الوارد في ملاحظات الإنتاج، يبدو أن قصة الفيلم تشتق من تفصيل شخصي جداً في حياة توملين، فقد اضطر والداه لاتخاذ قرار صعب لكن ضروري بشأن مستقبله حين كان طفلاً. يسهل أن نشعر بهذه اللمسة على مر الفيلم، لكن تغيب للأسف التطورات الداعمة لهذا الجانب المؤثر. غالباً ما يضطر المشاهدون لتصديق الواقع الجديد الذي يعيشه "سام" و"جورجيا" بلا مبرر، فلا يحق لهم أن يتساءلوا مثلاً حول تنقل "جورجيا" بسرعة فائقة رغم وضعها.

سرعان ما نعرف أن الثنائي يتجه إلى بوسطن، نحو مستعمرة آمنة للأميركيين الذين يعيشون في جو آمن نسبياً، بعيداً عن روبوتات بشرية الشكل تقيم في أراضٍ بلا حدود. يواجه الحبيبان العقبات في طريقهما طبعاً، فيتعرفان مثلاً على مستعمرة فوضوية وعلى شخص اسمه "آرثر" (راؤول كاستيلو): إنه مهندس كمبيوتر ينقذ حياة "جورجيا" بدرعٍ من اختراعه يُفترض أن يجعل البشر غير مرئيين أمام الروبوتات. تثق "جورجيا" بـ"آرثر" بعدما يصبح حبيبها أسيراً، وتستيقظ في سرير مريح في أحد مستشفيات بوسطن حيث تتلقى الرعاية من سكان المستعمرة الآمنة.

كل من شاهد أعمالاً مثل 28 Days Later (بعد 28 يوماً) يستطيع توقّع التحوّل المرتقب في الأحداث بسهولة: غالباً ما تكون الظروف المثالية أكثر من اللزوم صعبة التصديق! لكن لا تتعلق أكبر مشكلة في الفيلم بأحداثه المتوقعة، بل يعجز العمل بكل وضوح عن تحديد هدفه. في الفصل الأخير من القصة، لا مفر من أن يشعر المشاهدون بالصدمة من قلة اهتمامهم بشخصية "جورجيا" أو ما يصيبها قبل النهاية المبكية، ويصعب عليهم أيضاً أن يتعاطفوا مع الأحداث عموماً. أخيراً، يتّسم الفيلم بمؤثرات بصرية متقنة وبطاقم تمثيلي بارع، لكنه يبقى أقرب إلى خليط هش من الأعمال السينمائية المتنوعة ويسهل نسيانه بعد إنهاء المشاهدة.


MISS 3