خالد أبو شقرا

لفتح حوار مع لجنة حماية حقوق المودعين ومرصد مكافحة الفساد

نقابات وقطاعات: فليسمع صندوق النقد صرختنا

17 كانون الثاني 2022

02 : 01

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ملتقياً وفد صندوق النقد الدولي بحضور الوزير سعادة الشامي
أدرك صندوق النقد الدولي باكراً أهمية الحوار والاستعانة بخبرات الجهات غير الحكومية في عملية التفاوض مع الدول المأزومة. وقد وضع للغاية في العام 2003 كتيب "المُرشد لعلاقات خبراء الصندوق بمنظمات المجتمع المدني" الذي أعدّة البروفسور جان آرت شولت وخبراء الصندوق. متوخياً الحصول على معلومات ورؤى متعمقة من مصادر غير رسمية، وبناء الدعم وروح المبادرة على الصعيد الوطني تجاه السياسات التي يساندها.




على عكس النهج الذي اعتمدته حكومة الرئيس حسان دياب وبعض وزرائها، أقصت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المجتمع المدني عن المشاورات مع صندوق النقد. وبغض النظر عن النتائج غير المرضية لحكومة دياب، إلا أنها حافظت شكلياً على ما ينص عليه "ميثاق الصندوق" من خلال الالتزام بـ"جعل المبادرة في يد الحكومة، باعتبارها المسؤولة عن إشراك منظمات المجتمع المدني". فعقدت حواراً موسعاً في السراي مع خبراء غير حكوميين، وممثلين عن المنظمات الأهلية ونقابات المهن الحرة لمناقشة خطتها. وقد أخذت بالكثير من الانتقادات وعدلت في مقترحاتها على أساسها. وقد كان من ضمن الممثلين الخبير الاقتصادي دان قزي، ورئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (ALDIC) المحامي كريم ضاهر، والخبير في مجال الاتصالات سامر سلامة... وغيرهم. "لم نشعر وقتها بأن المجتمع المدني مهمش، وبأن هناك حاجة لخلق بديل عن الفريق المفاوض"، يقول المحامي كريم ضاهر. أما اليوم، فمن يفاوض هو "جحا وأهل بيته". من يستأثر بالقرار هما الحكومة و"الحاكم" ويمثلان "وجهان لعملة واحدة". فـ"الأخير الملاحق دولياً بأكثر من قضية، والمتهم بتضييع أموال المودعين واستنزافهم.. يدير الدفة". "مع استبعاد للقطاع المصرفي لكن الحاكم خير ممثل للمصرفيين ومصالحهم".

الضغط للجلوس الى الطاولة

إنطلاقاً من خطورة ما يجري التحضير له، لا سيما تحميل المودعين والمواطنين العبء الاكبر، تبلورت صيغة ضغط تهدف إلى إشراك ممثلين عن المهن الحرة والمجتمع المدني ضمن فريق التفاوض. نقابة المحامين التي كانت سباقة في هذه الحملة عبر تشكيل "لجنة حماية حقوق المودعين" و"المرصد الخاص لدراسة القوانين المتعلقة بالشؤون الإقتصادية ومكافحة الفساد"، استفادت من منحى "الصندوق" السامح بأخذ رأي هذه الفئة، ومن شرعة حقوق الانسان وبعض التجارب السابقة. "أخذنا قبل أيام مبادرة وقراراً بالتصدي لاستبعاد أصحاب الشأن، واستئثار الفريق المفاوض المشارك في "الجرم" بايصال أفكاره ومقترحاته على حساب المودعين"، يقول ضاهر. "خصوصاً مع الاتجاه إلى "ليلرة" الودائع. ممنوع تحميل المودع أي جزء من الخسارة. فهو الدائن الذي وضع أمواله في المصارف بالأمانة. وعلى الأخيرة تحمل المسؤولية أولاً، ووضع خطة واضحة لكيفية إرجاع الحقوق".

الائتلاف المعارض

المطالبة بجلوس أصحاب المهن الحرة وممثلي المجتمع المدني الى طاولة المفاوضات لن يكون لنقل الشكوى، إنما للمساهمة في اقتراح الحلول والمخارج. والمطلوب جلوسهم الى الطاولة يمثلون الشريحة الأوسع من أصحاب الشأن ويضمون بين 80 و100 ألف شخص، وهم:

- نقابة المحامين بوصفها أكبر النقابات وأعرقها. وينضوي تحتها: لجنة حماية حقوق المودعين التي تضم رابطة المودعين. والمرصد، ويضم جمعية المودعين.

- نقابة الأطباء في بيروت.

- نقابة أطباء الاسنان في الشمال.

- نقابة المهندسين.

حاز هذا الإئتلاف على دعم "جبهة المعارضة اللبنانية" التي تضم طيفاً واسعاً من المجتمع المدني مثل: حزب الكتائب، حركة الإستقلال، خط أحمر، حزب تقدّم، لقاء تشرين، عامية 17 تشرين، نبض الجنوب، رابلز، تجمع مواكبة الثورة، مجموعة ثوار عكار واتحاد ثوار الشمال.

مشاركة هذا الائتلاف العريض يسهم بفضح مخططات المنظومة، والعمل لما فيه مصلحة البلد والمواطن. فالتصدي "لليلرة" على سبيل المثال لا يحمي المودعين فحسب، إنما يظهر لصندوق النقد أن الفكرة تعرقل استعادة الاقتصاد عافيته وتمنعه من النهوض"، برأي ضاهر. و"اذا كان الصندوق مهتماً باستدامة دينه وتحسين المالية العامة، فهذا لن يتحقق. لان لا أحد سيؤمّن لـ"بوطة الحرامية" هذه.

دور للنقابات لتحسين الشروط


لعل الأساس هو "عدم ترك السلطة تتفاوض وحدها مع صندوق النقد الدولي"، برأي الخبير النقابي والاجتماعي الدولي د. غسّان صليبي. "ليس لان الفريق الأول فاسد ومشكوك بتمثيله مصالح الناس فحسب، إنما أيضاً لأن الفريق الثاني، أي "الصندوق"، قوي لدرجة تعجز الدول معه عن تمرير مصالحها بعيدة المدى في الكثير من الأحيان؛ ولا سيما اذا كانت مديونة ومنهارة كلبنان. وفي هذه الحالة تتم الاستعانة بالمنظمات النقابية الدولية واتحاداتها العامة والقطاعية للحد من بعض التأثيرات السلبية ومساعدة النقابات المحلية الضعيفة لتحسين شروطها. ومنها، الاتحاد الدولي للخدمات العامة الذي يضم نقابات المصالح المستقلة". وبرأي صليبي فانه "مع تراجع الثقة بالاتحاد العمالي العالم، فمن الأفضل إشراك النقابات القطاعية المعنية بشكل مباشر في مسائل التفاوض. ومنها رابطة موظفي القطاع العام، وجزء كبير من نقابات المصالح المستقلة. هذه النقابات تنتمي إلى الاتحاد الدولي للخدمات العامة، وتتلقى منه التدريب على كيفية مواجهة الطروحات الكلاسيكية المتعلقة بالخصخصة وتقليص القطاع العام... وغيرها، من خلال طرح البدائل مثل إصلاح القطاع العام. وذلك ليس اعتراضاً على التغيير والتحديث إنما فرض الأصلاح قبل التخلي عن مؤسسات الدولة لقطف النتائج المرجوة.

قوى الانتاج معنية أيضاً


في الوقت الذي تتوقع فيه قوى الانتاج فرض المزيد من الأعباء المالية لتحسين إيرادات الدولة، فإن "ما يهم القطاع الخاص عامة، والصناعيين خاصة، هو إشراكهم في المفاوضات مع صندوق النقد ومراقبة التنفيذ"، من وجهة نظر نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش. "فان كانت الشروط التي يضعها الصندوق والوعود التي تطلقها الحكومة غير قابلة للتنفيذ نكون قد فاقمنا المشكلة بدلاً من حلها. وخصوصاً، لجهة وقف التهريب والتهرب الضريبي". ويرى بكداش أنه "إذا كانت المفاوضات ستفرض المزيد من الضرائب والرسوم، ولن تفضي في المقابل إلى وقف التهريب فاننا خير من يتصدى لمثل هذه الطروحات. ليس من مصلحة أحد تكبير الاقتصاد غير الشرعي وتصغير الشرعي".

من الأفضل للصندوق استمزاج آراء الشريحة الأوسع من أصحاب المصلحة، إلا أن الجلوس الى طاولة المفاوضات على الطرف المقابل للحكومة يجب أن يحصر بجماعة تمثل وحدة رأي. من هنا "نعمل على تشكيل إطار مشترك مع كفاءات واشخاص قادرين على طرح حلول بديلة"، يقول كريم ضاهر. "على كل الشرائح المعنية دعم النقابات الحرة وتفويض المرصد واللجنة للتفاوض باسمهم بالتنسيق مع الجميع سيما وان هناك أصداء إيجابية من الصندوق لفتح حوار جدي معنا".

من بين المقترحات التي ستطرحها نقابات المهن الحرة على جدول اعمال المفاوضات مع صندوق النقد ما يلي:

التصدي لرفع الضرائب، تحديداً على الجمارك والقيمة المضافة، لانها لن تفيد الاقتصاد، واستبدالها بالضرائب المحقة والعادلة، وفي مقدمها الضريبة على الدخل ورأس المال.

إعادة هيكلة الادارة، بلا أجندة أو مصالح سياسية. على عكس فريق السلطة الذي سيكون عاجزاً عن طرح الاصلاح قبل الانتخابات النيابية وحتى بعدها.

البحث وتعديل خطة "لازار" التي فشّلت لاهداف سياسية، والتفريق بين الجيد والسيئ بهذه الخطة.


MISS 3