ألان سركيس

عزوف فرعون... و»تفرعُن» آل الصحناوي

17 كانون الثاني 2022

01 : 59

ميشال فرعون

تنتظر شخصيات وقوى سياسية عدّة معرفة إتجاه الأمور، لتبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً وأن انتخابات هذه السنة ليست نزهة.

لأول مرّة في تاريخه، خاض لبنان إنتخابات عام 2018 على أساس النسبية بعدما كانت كل المعارك منذ نشأة لبنان الكبير تُجرى على أساس النظام الأكثري، وإذا كان قسم لا يستهان به من الشعب لم يفهم القانون النسبي سريعاً، إلا أن تعقيداته أسقطت نواباً كانوا من الرموز في مناطقهم.

منذ ما قبل ولادة لبنان الكبير، كان لآل فرعون في بيروت مركزهم وتأثيرهم، فهم من العائلات التجارية - البورجوازية التي قطنت بيروت في العهد العثماني ولعبت دوراً في تلك الحقبة مع لحود فرعون، ويوسف بن ميخائيل فرعون أحد وجوه التجار في بيروت، ومن ثمّ شغل ابنه ميخائيل فرعون مركز عضو مجلس إدارة ولاية بيروت عام 1892، كما برز لاحقاً فيليب فرعون مؤسس أول وأقدم مصرف في لبنان والمشرق العربي عام 1850، كما أسست العائلة مصرف فرعون وشيحا.

وبقيت العائلة البيروتية محافظة على وجودها السياسي في عصر «المارونية السياسية» مع الوزراء هنري فرعون وبيار فرعون لاحقاً، إلى أن استلم النائب السابق ميشال فرعون راية القيادة الفرعونية.

لم يتمكّن زحف الرئيس رفيق الحريري في إنتخابات 1996 و2000 من تخطّي العائلة الفرعونية، إذ أصرّ الحريري على وجود ميشال فرعون إلى جانبه كوجه كاثوليكي من بيروت، وحافظ فرعون على مركز العائلة النيابي في دورتي 2005 و2009 إلى أن أتى القانون النسبي وأفقد آل فرعون حضورهم في ساحة النجمة.

يُعرف عن ميشال فرعون أنه ليس صدامياً، وكان أول المباركين لـ»إتفاق معراب» والتفاهم المسيحي حينها، لكن حسابات حقول الألغام في هذا القانون النسبي لم تطابق بيدر فرعون، وقد تحاصر بآل الصحناوي بفرعيه، نقولا الصحناوي المدعوم من «التيار الوطني الحرّ»، ورئيس مجلس إدارة مصرف سوسيته جنرال أنطون الصحناوي الذي رشّح جان طالوزيان عن مقعد الأرمن الكاثوليك.

خاض فرعون إنتخابات 2018 على لائحة تحالف «القوات» - «الكتائب» وأنطون الصحناوي فحصل على 3214 صوتاً تفضيلياً، في حين حصل زميله على اللائحة مرشّح الصحناوي، أي طالوزيان، على 4166 صوتاً، وبالتالي فإن مرشّح الصحناوي سبقه بنحو 900 صوت، وقد أتته الضربة الأكبر بتفوّق المرشح نقولا الصحناوي الذي صبّت الأصوات التفضيلية العونية لمصلحته وحصل على 4788 صوتاً تفضيلياً فذهب المقعد الكاثوليكي إلى صحناوي «التيار».

وأمام لعبة الحواصل والتنافس ضمن اللائحة الواحدة سقط فرعون وخسر مقعده، وعلى رغم ذلك بقي إلى جانب أهالي الأشرفية وبيروت في محَنهم وخصوصاً عندما وقع إنفجار مرفأ بيروت.

لكن المفاجأة الحالية كانت بما ينقله المقربون من فرعون ومفاده أنه لم يحسم خياره بالترشّح بعد وهو يفكّر جدياً بعدم خوض المعركة إذا لم يكن الفوز مؤمّناً ولا يريد تكرار أخطاء الدورة الماضية.

ولا تزال الصورة ضبابية في دائرة بيروت الأولى خصوصاً عند القوى السيادية، إذ يتمّ الحديث عن تأليف لائحتين، الأولى لـ»القوات اللبنانية» التي رشحت نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني عن المقعد الأرثوذكسي، والثانية تضم تحالف نديم الجميل وأنطون الصحناوي الذي سيرشح طالوزيان بعد حديث عن ترشّحه شخصياً، وبالتالي فإن لفرعون مكاناً في اللائحتين، لكن ذهابه مع لائحة الجميل - الصحناوي قد لا يكسبه شيئاً لأنها غير قادرة على حصد أكثر من حاصلين قد يذهبان إلى الجميل وطالوزيان.

من هنا، فإن فرعون يدرس كل خياراته، لكن عزوفه عن الترشّح يعني تسليم مفاتيح الزعامة الكاثوليكية في بيروت لآل الصحناوي، خصوصاً مع توسّع نفوذ أنطون الصحناوي، وبهذا يكون ميشال فرعون سجّل أول تغييب لآل فرعون بقرار ذاتي عن المشهد البيروتي والوطني وخسر المعركة قبل أن تبدأ.