جاد حداد

In From the Cold... قصة تجسّس سخيفة وجاذبة في آن

5 شباط 2022

02 : 00

يجب ألا نستخف بقدرة التحولات المقنعة في الأحداث على زيادة زخم القصص. يثبت مسلسـلIn From the Cold (في البرد) هذه الفكرة على أكمل وجه. إذا قررتَ مشاهدته على شبكة "نتفلكس"، ستجد مجموعة متنوعة من المواضيع: قوى خارقة، أم قاسية تكشف قصتها السرية كجاسوسة، رحلة غريبة في إسبانيا، منافسة بين فِرَق تزلج، مشاهد حركة تتحطم فيها الرؤوس... هذه العوامل كلها هي جزء من تجربة خفيفة لكن ممتعة بما يكفي. يقدم آدم غلاس هذا المسلسل الذي لا يستحق الإشادة بسبب حواراته أو شخصياته، لكنّ حبكته مميزة كونها تعجّ بتحولات غير متوقعة، ويبرع العمل في جمع هذه العناصر كلها.

يبدأ المسلسل بمشاهد عنف لا معنى لها، وهو عامل مثالي في عملٍ يُركّز على تقديم صدمات خفيفة. يقوم شاب ذو نظرة غريبة برمي شاب آخر من السطح فجأةً خلال حفلة فاخرة. وفي مكان ما من مدينة مدريد، يتصرف رجل آخر بطريقة عنصرية مع راكب أسود البشرة قبل طرده من الحافلة وتعرّضه للملاحقة. ثم يُخطَف طفل قبل القبض على الخاطف. ما سبب هذه الأحداث المرعبة كلها؟

لننتقل الآن إلى "جيني" (مارغريتا ليفيفا) التي تتواجد في مدريد مع ابنتها "بيكا" (ليديا فليمينغ) وفريق التزلج الذي تنتسب إليه ويضمّ لاعبين أولمبيين مستقبليين. تظن هذه المرأة أن والدتها غير عصرية وحذرة على نحو غريب بشأن ماضيها، ما يُمهّد لنشوء علاقة متقلبة بين الأم وابنتها. عندما تدخل "جيني" فجأةً إلى مصعد الفندق الذي تنزلان فيه يوماً، يلقي شاب بزيّ متدرّب قنبلة دخانية قبل إقفال الأبواب، فتسقط أرضاً. ثم تستيقظ وتجد نفسها أمام مجموعة من الرجال. تتعرض "جيني" للاستجواب حول ماضيها كجاسوسة روسية لكنها تنكر جميع الادعاءات إلى أن تستعمل فجأةً مهاراتها القتالية المتقنة للحفاظ على حياتها، ثم نكتشف أنها منتسبة إلى مركز تدريب.

في المرحلة اللاحقة، تتعرض "جيني" للخداع كي تخرج من مخبئها على يد رب عملها الجديد، وهو عميل وسيم في وكالة الاستخبارات المركزية، فيحاول هذا الأخير أن يستعمل أسلوباً صارماً ويطلق على نفسه اسماً لا يناسب شخصيته: "شونسي لو" (سيليان أوسوليفان). ينجح "شونسي"، بالتعاون مع خبير الكمبيوتر "كريس" (تشارلز برايس)، في الضغط على الجاسوسة السابقة "جيني" ويدعمانها في الوقت نفسه كي تكشف مؤامرة ضد رئيس الوزراء الإسباني وضد ماضيها الخاص.



تجدر الإشارة إلى أن "جيني" تتمتع أيضاً بقوة خارقة لا يريد القيّمون على شبكة "نتفلكس" ذكرها قبل عرض الحلقة الأولى. كذلك، يحمل عنوان المسلسل مطرقة على حرف "O" في كلمة Cold ثم تتعرّض لإطلاق النار برصاصة وتبدأ بالنزيف. تحمل معظم الأفكار جوانب متنوعة، وهي تختلف عن قصص التجسس العادية. لكن ستكون هذه الميزة كافية طالما نستمتع بالمسلسل ونشعر بأننا جزء من تجربة مميزة كتلك التي تختبرها "جيني" و"بيكا". تكثر التفاصيل المعروضة بوتيرة سريعة وقد نجد صعوبة في مقاومتها لأنها تثير الفضول مع تطور الأحداث.

من بين المشاهد المشوّقة الكثيرة في المسلسل، تُعتبر لقطات الماضي التي ترتبط بشباب "جيني" (كانت تُعرَف حينها باسم "أنيا") أقل إثارة للاهتمام من غيرها. سنشاهد مثلاً كيف اكتسبت سمعتها كقاتلة لقبها "الهامسة"، وسنطّلع أيضاً على علاقتها الممنوعة مع شابة أخرى اسمها "فاينا" (أناستزانيا مارتن). تتعامل القصة مع هذا الجانب بحذر وتُخصص له الوقت الكافي. لكن يبقى الحوار بسيطاً وتافهاً في هذه المشاهد. هذا ما يحصل مثلاً حين تقول ربة عمل "أنيا"، "سفيتلانا" (أليونا خميلنيتسكايا): "أنت عبدة لدى روسيا الأم"! إذا كانت الشخصيات الأخرى مُصمّمة كي تكون مبهمة، فما الذي يمنع اللجوء إلى العبارات الروسية الباردة؟ لكن يبقى هذا الأسلوب متقطعاً في المسلسل، فيمتد على فترات زمنية طويلة أو يشكّل مصدر إلهاء عابر قبل عرض مشاهد الحركة المتقنة التي تشارك فيها "جيني" وتحصل في الزمن الحاضر. في النهاية، يبقى هذا المسلسل بسيطاً نسبياً، فهو يتكل على خصائص سطحية وأداء تمثيلي عادي وحوارات غير ركيكة لكنها لا تصيب الهدف. في أحد المشاهد مثلاً، تقول "بيكا": "ما هو السر الكبير؟ أنتِ تتصرفين وكأنك جاسوسة سرية"! في المقابل، تُعتبر مشاهد الحركة ممتعة ومقنعة، وهي تعوّض عن الجوانب المبتذلة والهشة. تقدّم مارغريتا ليفيفا مشاهد عدة تترافق مع تصاميم قتالية مبهرة وتتكل على أداء البدلاء في المشاهد الخطيرة لرفع منسوب التشويق. إنه أداء كافٍ كي نرغب في مشاهدة ليفيفا في مشاريع أكثر جدية مستقبلاً.


MISS 3