طوني فرنسيس

توضيحات هوكشتاين ومصالح لبنان

12 شباط 2022

02 : 00

قال الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين كل شيء عن المفاوضات التي يرعاها بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية. وكشف ما خفي على العامة والخاصة من تفاصيل مشروع استجرار الغاز المصري ودور الاردن وموقع سوريا فيه. ولم يبخل في عرض الرؤية الاميركية لكل هذه الأمور فبدا حريصاً أكثر من أي مسؤول لبناني على اخراج لبنان من الطاقة التي حشره فيها حكامه، الى الطاقة التي تنيره 24 ساعة وتجلب اليه الاستثمار والإزدهار والعملات الصعبة.

وجّه هوكشتاين كلامه الى الحكام اللبنانيين فحضّهم على إتخاذ القرار الذي يضمن مصلحة بلادهم. قال لهم ان المفاوضات مع الذي يعتبرونه عدوهم يجب أن توصلهم الى ما يضمن ربحاً لبلادهم لأن بقاء الأمور كما هي عليه لا تعني سوى خسارة مؤكدة. وشرح ان المفاوضات بدأت منذ عشر سنوات ولو انتهت في وقت مناسب الى اتفاق لكان لبنان اليوم بلداً منتجاً، أما الآن، فكل تأخير سيؤخر التنقيب والانتاج في عالمٍ يحتاج بقوة الى الغاز، مع تصاعد الازمات في اوروبا والعالم وسقوط البلد اللامحدود، واذا حصل تأخير إضافي فسيرجئ ذلك العملية برمّتها في وقت يتحول فيه العالم الى الطاقة المتجددة.

لم يتوجه هوكشتاين بكلامه وشروحاته الى المسؤولين الذين التقاهم فقط، أو الى الذين تابعوه من بعد وصنفوا عمله في اطار الشعار السائد للممانعة في تجلياتها الإيرانية الراهنة عن التطبيع، بل بدا وكأنه يتحدث الى عموم اللبنانيين، شارحاً ما لم يقله لهم أحد في السابق، عن أن مشروع تفاوض «سلطتهم» مع اسرائيل وبرعاية اميركية بدأ منذ عام 2010 في عزّ حملات التخوين والترهيب، والإعلان عنه تولاه رئيس المجلس النيابي في ايلول 2020، اي تقريباً منذ بداية الاتصالات الأميركية الإيرانية في مسقط على يد المغفور له جون كيري ومساعده بوب مالك ( مالي راهناً) وطوال هذا الوقت كان المطروح،

اميركياً على الأقل، تسوية عادلة ومفيدة وليس تسجيل انتصار من طرف على آخر، وأن لبنان تحديداً يحتاج، خصوصاً في ظروفه الراهنة الى ما يضمن حقه في استعجال استثمار ثرواته.

بديهيٌ أن الوسيط الأميركي لم يأتِ موزعاً هدايا، ولا هو منحازٌ للبنان على حساب إسرائيل. فلأميركا سياستها في المنطقة. لديها حلفاء وخصوم ولديها مصالح وإهتمامات. واهتمامها بلبنان لم يبدأ مع الترسيم البحري وربما تجدر إعادة بوادره الأولى الى تأسيس الجامعة الأميركية في بيروت ولجنة كينغ كراين أو حتى هجرة انطونيوس البشعلاني!

واليوم يزداد هذا الاهتمام في ظروف الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي والتوغل الايراني في المنطقة العربية وتوالد الصراعات الدولية التي لأميركا موقف ودور فيها.

كان هوكشتاين في بيروت متكئاً الى تلك الصورة الخلفية الأوسع حتى لو لم يتحدث عنها كثيراً. وفي إيضاحه للبنانيين حقيقة وضعهم تساءل: هل يُعقل انه في عشر سنوات تحول الحوض الشرقي للمتوسط من مصر الى فلسطين الى قبرص وتركيا واليونان الى دول منتجة للغاز والنفط ولا يزال لبنان يؤجل ثروة مصيرها كمصير جلد الدب؟

بعض الجواب في سيرة العلاقات الاميركية الإيرانية، قبل عشر سنوات سمحت ايران بالتفاوض عشية اتفاق 2015، واذا صح انها تمسك بمصير الغاز اللبناني بمناسبة مباحثات ڤيينا فكل هوكشتاين وانتم بخير.


MISS 3