جمعية المستهلك: قانون المنافسة ليس إنجازاً

02 : 00

إعتبرت جمعية المستهلك - لبنان أنّ «قانون المنافسة لا يشكّل إنجازاً». وقالت في بيان أمس : «بعد أكثر من 21 عاماً من المحاولات، صوّتت أكثرية المجلس النيابي إلى جانب تكريس الاحتكارات الأساسية في البلاد عندما أقرّت بشرعية نسبة هيمنة تصل إلى 35 في المئة على السوق. صحيح أنّها تراجعت نصف خطوة إلى الوراء بخصوص الوكالات الحصرية لكنها أبقت عملياً، ولمدة ثلاث سنوات إضافية، على حصريّة هذه الوكالات المحتكرة.

الأهم أنه عملياً لن يؤدي هذا القانون إلى أيّ تغيير في خريطة هيمنة الاحتكارات وكل شيء سيبقى على حاله. في أحسن الأحوال ستضطرّ بضع شركات، التي تمتلك حصة تتجاوز 35 في المئة، إلى إعادة ترتيب وضعها وتأسيس شركة جديدة تحت اسم مستعار لشخص آخر (شركة الغاز مثالا) لتبقى المهيمنة على السوق.

هل يعلم كلّ نائب صوّت إلى جانب هكذا قانون أنّه أرسل رسالة تشاؤم كبيرة إلى اللبنانيين وإلى الدول والأسواق الخارجية؟ هل يعلم هذا النائب أنه بذلك يقفل الأبواب أمام أيّ تعافٍ للبلاد وأيّ تفاؤل بإمكان إصلاح هذا النظام العفن؟».

أضافت: «إمتيازات كبيرة تقف وراء هذا التصويت سمحت لأصحابها خلال عقود ببناء محميّات عائلية مالية وتجارية وسياسية وهي ستفعل كل شيء للحفاظ على هذه الامتيازات وعلى نفوذها السياسي والمالي المهيمن. تصويت أكثرية المجلس هو أيضاً رسالة تستهزئ بالفقراء وبالطبقات الوسطى والقوى الاقتصادية المنتجة كلّها، التي بنيت على الجهد والابتكار لا على شبكة الهيمنة السياسية-التجارية-المصرفية المافيوية المسيطرة.

لماذا طالبت جمعية المستهلك بنسبة 15 في المئة للهيمنة كحدّ أقصى؟ لأنّ كل قوانين المنافسة في العالم اعتمدت نسبة هيمنة لا تتجاوز أبداً الـ 15 في المئة. ولأن وجود ثلاثة أشخاص يملكون السوق كلّها لا يُسمّى اقتصاداً حرّاً بل احتكاراً. ولأن الاقتصاد الحرّ الحقيقي يعني منافسة حقيقية على أساس النوعية والسعر، في القطاعات كلّها، تؤدي إلى انخفاض الأسعار وإلى فتح الاقتصاد بدلاً من تكبيله، وفي النهاية تؤدّي إلى نموّ البلاد المشلولة منذ اعتماد الاحتكارات، وتأمين مصالح وحقوق كلّ مواطنيه واستقرارهم المفقود».

قانون مسخ

وتابعت: «لكن في لبنان أفتى جهابذة المجلس النيابي، قلعة حماية الامتيازات، بأن نسبة 35 في المئة هي نسبة مقبولة للمنافسة! (وفي لغتهم يسمّونها المزاحمة). مثلاً هناك ثلاث شركات استحوذت على سوق الاسمنت في لبنان وتبيعه إلى المواطنين بمعدل مئة دولار للطن الواحد، في الوقت الذي كان سعره في البلدان المجاورة بين 20 و25 دولاراً للطن. طبعاً كان يمكننا أن نوفر طيلة عقود من الزمن عشرات مليارات الدولارات على الاقتصاد اللبناني وكان يمكننا أن نوفر على صحة اللبنانيين وبيئتهم آلاف ضحايا السرطان. والآن ما يسمّى بقانون المنافسة أقرّ هيمنة الشركات الثلاث وأعطاها صكّ براءة فصار اسمها شركات منافسة لا محتكرة، إنها عبقرية لبنانية تستأهل التصفيق. قس على ذلك احتكارات الأدوية والمحروقات والغاز والحديد والدهانات والاتصالات والمواصلات وغيرها».

ولفتت الجمعية إلى أن «هذا القانون المسخ لن يغيّر عملياً شيئاً بواقع السوق الحالية، فقط سيعطي صكّ البراءة للمحتكرين، عاش لبنانهم!».

وختمت: «لذلك، ستبدأ جمعية المستهلك بالطلب من رئيس الجمهورية ردّ هذا القانون لتصحيحه وإلا فنحن ذاهبون إلى الطعن به أمام المجلس الدستوري. بالانتظار تطلب الجمعية، من النواب أصحاب الامتيازات الذين صوّتوا إلى جانب هذا القانون المسخ، أن يعيدوا تسميته «قانون تكريس الاحتكارات». نحن نعترف أن أصحاب الاحتكارات وداعميهم السياسيين نجحوا في وضع البلاد أمام مأزق واضح: إما مرور القانون أو الطعن به. وهم سيكونون الرابحين الوحيدين في الحالتين.

بئس هؤلاء النواب، بئس أحزاب الطوائف وبئس الاحتكارات».


MISS 3