الاسترخاء... يزيد توتّر القلقين؟

02 : 22

وفق بحث جديد، يزداد البعض توتراً حين يحاول الاسترخاء لأن الهدوء يعيق مسار قلقه!

تهدف تمارين الاسترخاء في الأساس إلى تخفيف القلق، لكنها تعطي أثراً معاكساً في بعض الحالات.

تستنتج دراسة جديدة أن الاسترخاء يتعارض لدى هؤلاء الأشخاص مع الاستراتيجية التي يستعملونها لتخفيف أثر الأحداث السلبية، أي القلق المستمر.

جرت الدراسة الجديدة تحت إشراف أستاذة علم النفس ميشيل نيومان، وهانجو كيم، طالب دراسات عليا في علم النفس في جامعة ولاية بنسلفانيا، في "كوليدج بارك". لخّص الباحثون نتائجهم في تقرير نشرته "مجلة الاضطرابات العاطفية" في كانون الأول.

ما سبب القلق؟


في العام 2011، طوّرت نيومان نظرية "تجنب النقيض": "وفق هذه النظرية، قد يقلق الناس عمداً لتجنب الخيبة في حال وقوع حدث سيئ". بعبارة أخرى، يكون القلق محاولة لتقبّل أي أحداث محتملة مسبقاً.

توضح نيومان: "هذه النزعة ليست مفيدة. لكن بما أن معظم الأحداث التي نقلق بشأنها لا تحصل على أرض الواقع، يفكر دماغنا بالطريقة التالية: "شعرتُ بالقلق ولم يحصل ما كنتُ أتوقعه، لذا يجب أن أتابع القلق". ربما يتمسك الناس بحالة القلق لمنع تحوّل كبير في مشاعرهم، لكن من الأفضل أن يخوضوا تلك التحولات. كلما تدربتَ على فعل ذلك، ستدرك أنك تجيد تحقيق هذا الهدف. اسمح لنفسك بالاسترخاء من وقت لآخر".

منذ الثمانينات، اعترفت الأوساط الطبية بظاهرة القلق المشتق من الاسترخاء، مع أن الآلية الكامنة وراء هذا المفهوم بقيت غامضة. لكن تشتبه نيومان في أن نظرية "تجنب النقيض" تؤدي دوراً مؤثراً في هذا المجال.

يوضح الباحثون في تقريرهم: "يفترض نموذج تجنب النقيض أن المصاب باضطراب القلق العام يخشى سيل العواطف السلبية المتلاحقة، لذا يفضّل أن يقلق طوال الوقت كي يحافظ على الشعور السلبي بدل أن ينتابه شعور إيجابي مثل الاسترخاء".

استعان الباحثون بـ96 طالباً جامعياً في الدراسة الجديدة، منهم 32 مصاباً باضطراب القلق العام و34 مصاباً باضطراب الاكتئاب الحاد، وشملت المجموعة المرجعية 30 مشاركاً غير مصاب بأي اضطراب.

بدأت التجربة بتطبيق تمارين الاسترخاء. ثم شاهد المشاركون فيديوهات اختارها الباحثون لافتعال الخوف أو الحزن. أرادوا بذلك رصد أي آثار عاطفية مفيدة لتمارين الاسترخاء، ثم أخضعوا كل مشارك للاستبيانات. كان الباحثون يأملون في كشف مستويات الحساسية تجاه التحولات العاطفية التي تنتجها تلك الفيديوهات.

في المرحلة اللاحقة، شارك الطلاب في مجموعة ثانية من تمارين الاسترخاء، ثم ملأوا استطلاعاً حول مستوى القلق الذي شعروا به خلال التمارين.

اكتشف الباحثون أن المصابين باضطراب القلق العام كانوا الأكثر حساسية تجاه التحولات العاطفية، وقد شعروا بأعلى مستويات القلق أثناء تطبيق تقنيات الاسترخاء.

لاحظ كيم أن أكثر الأشخاص عرضة للقلق المشتق من الاسترخاء هم المصابون باضطرابات القلق ومن يحتاجون إلى الاسترخاء أكثر من غيرهم.في مجموعة المصابين باضطراب الاكتئاب الحاد، بقي ذلك الأثر قائماً لكن تراجعت قوته.

يظن كيم أن تكرار الدراسة مع مصابين باضطراب الهلع والاكتئاب الخفيف الدائم قد يكشف معلومات إضافية.

قيمة البحث

تشير الأفكار المطروحة في الدراسة إلى احتمال أن يستفيد المصابون باضطراب القلق العام من إجراء بحث آخر لمتابعة وضعهم.

يشتبه كيم بأن "قياس القلق المشتق من الاسترخاء وتطبيق التقنيات التي تهدف إلى إزالة التحسس من النقيض السلبي قد يساعدان المرضى على تخفيف قلقهم".

أخيراً، تقول نيومان إن التدرب على الاسترخاء الذهني ومقاربات أخرى قد يسمح للناس باسترجاع الاسترخاء وعيش الحاضر.


MISS 3