جاد حداد

Vikings: Valhalla... مغامرة ممتعة لتجاوز الشتاء الكئيب

2 آذار 2022

02 : 00

قد لا يحبذ الكثيرون هذا النوع من المسلسلات التاريخية نظراً إلى تكرار الأحداث والأجواء في هذه الفئة من الأعمال. في مسلسل Vikings: Valhalla، قد نضطر لتحمّل الحوارات المبتذلة قبل الغوص في تفاصيل القصة المطروحة، لكن يحمل العمل رغم كل شيء درجة مناسبة من السحر التقليدي. يعطي هذا المسلسل انطباعاً قوياً بما يكفي لإثبات جدّية صانعي العمل في ما يقدّمونه، لكنه يشمل في الوقت نفسه جوانب مرحة تتّضح في أداء معظم الممثلين الذين يستمتعون بالمشاهد بكل وضوح. هذا المسلسل ليس درساً في التاريخ بقدر ما هو مغامرة ممتعة. يسهل أن يروق العمل لمحبّي المسلسل الأصلي Vikings، حتى أنه قد يُمهّد لأجزاء جديدة.

حقق المسلسل الأصلي نجاحاً باهراً على شبكة History Channel التي لا تحصد مشاهدات عالية بشكل عام. عُرِض هذا العمل للمرة الأولى في سنة 2013 وجذب ستة ملايين مشاهد، وهو رقم هائل في جميع الأوقات. يحب الناس الأعمال التاريخية وينبهرون بعصر الفايكنغ، مع أن جزءاً من الوقائع والأفكار التي طرحها المسلسل الأصلي أثار غضب الخبراء. بعد بث خمسة مواسم ونصف على شبكة History Channel، عُرِض النصف الثاني من الموسم الأخير في نهاية العام 2020 على خدمة Amazon Prime Video. وبعد مرور أكثر من سنة على ذلك العرض، بدأت شبكة "نتفلكس" تعرض الآن المسلسل الجديد الذي يشمل قفزة زمنية مدتها مئة عام، لكنه يحافظ على العناصر الجمالية نفسها بين القبائل والعائلات المتناحرة (رغم تراجع الأجواء الصوفية فيه).



العمل الجديد من صنع وكتابة جيب ستيوارت (كان اسماً قوياً خلال الثمانينات والتسعينات ومن أعماله سلسلة Die Hard (الموت القاسي) وفيلم The Fugitive (الهارب). تبدأ القصة هذه المرة بعد مرور قرن على أحداث الجزء الأصلي، وتشمل عدداً من أشهر الأسماء في التاريخ الإسكندنافي، بما في ذلك ليف إريكسون، وأولاف هارالدسون، وفريديس إيريكسدوتير. وحدهم الخبراء يستطيعون تقييم مصداقية الأحداث التاريخية، لكن يسهل أن نشعر بأن المسلسل يتلاعب بالشخصيات الأصلية بدل محاولة عرض حياتها الحقيقية أمام المشاهدين، ما يعني أن القصة تتراوح بين الواقع والخيال. لكن كان صانعو العمل أذكياء بما يكفي حين قرروا عدم التعامل مع القصة بجدّية مفرطة، فركّزوا على رسم شخصيات مثيرة للاهتمام بدل الانشغال بسرد وقائع دقيقة.

تبدأ القصة بوصول "إريكسون" (سام كورليت الجذاب) وشقيقته "فريديس" (فريدا غوستافسون التي تقدّم أداءً ممتازاً) إلى النروج، بعدما أبحرا في مياه متقلبة جداً لبلوغ وجهتهما من غرينلاند. هذا ما يجعلهما غريبَين بنظر الدخلاء الآخرين، أي حلفاء الفايكنغز، فيقع صراع بين هذه الأطراف كلها ويأتي المقاتلون من أرض مختلفة أيضاً. هم ينحدرون من شعب يربط نفسه بآلهة قديمة أكثر من مسيحيي الدول الاسكندنافية، بما في ذلك "هارالد هاردرادا" (نجم المستقبل ليو سوتر) الذي يخطط للانتقام لمقتل والده ضد البريطانيين. يصدر الملك أمراً بقتل الفايكنغز، وتتمحور معظم أحداث الموسم الأول حول الانتقام الذي يتخذ هذه المرة طابعاً عاماً وشخصياً في آن.

لكن يخسر المسلسل رونقه في المواضيع والمحاور الواعدة التي يتطرق إليها. تحمل فريدا مثلاً أقوى الدوافع في الحلقة الأولى، لكن سرعان ما يتهمّش دورها حين يبدأ الرجال بالقتال. ويصل الملك "إدموند" (لويس ديفيسون) إلى العرش في عمر صغير جداً، لكن لا يتطرق المسلسل إلى الوقائع الكامنة وراء هذا الحدث. تبدو القصة في هذا الجزء أكثر تركيزاً على الشخصيات، لكن يتردد السيناريو بكل وضوح بالتعمق في مواضيع السلطة والخيانة والدين وحتى العلاقات بين الجنسين.

لكن رغم هذه الشوائب، يبقى المسلسل ممتعاً في معظم مراحله حتى لو كان يفشل في عرض أفضل أفكاره. من الواضح أن الإنتاج يقدّم ميزانية سخية، لذا سنكون أمام عمل متماسك وطاقم جذاب من الممثلين: هم يشبهون نجوم التلفزيون رغم الأوحال والأوساخ التي تطبع حياة الفايكنغز. لا مفر من أن نشعر ببعض الإحباط حين نفكر بأن المسلسل كان ليصبح أكثر غنى وأعلى قيمة لو أنه طوّر مواضيعه وغاياته، لكنه يصيب الهدف رغم بساطة عناصره. أخيراً، توحي الأحداث بأن هذا الجزء هو مجرّد بداية بسيطة لأجزاء لاحقة. امتد المسلسل الأول على مئة حلقة تقريباً، ما يعني أن الفايكنغز بدأوا مغامرتهم للتو!


MISS 3