التهديد بـ"قلب الطاولة" لبلورة أكثرية وزارية حاسمة

نصرالله يرتّب البيت الآذاري... "إما معنا أو ضدنا"

02 : 29

فرنجية أكثر ارتياحاً من باسيل في ملف الرئاسة الأولى
يبدو أن "حزب الله" بدأ عملية إعادة تجميع القوى وتثبيتها وإلغاء مسافات التباعد بينها، باستثناء "مرض كرسي الرئاسة الأولى المزمن"، الذي استطاع تحييده مرحلياً، لأن ما هو مطلوب ومتوقع يستدعي تبريد الصراع حول استحقاق تعتبر قيادة الحزب "بكير الحكي فيه".


اللافت أن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يعيد شخصياً ترتيب البيت الداخلي لقوى "8 آذار"، من خلال لقاءات مطوّلة يعلن عنها وكان أبرزها لقاء السبع ساعات ونصف الساعة مع رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، ولقاء الست ساعات ونصف الساعة مع رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، وصدور بيانين عن اللقاءين بالمضمون نفسه تقريباً، وأخرى لا يعلن عنها لضرورات مختلفة، ربما بعضها يحمل عنصر المفاجأة وحتى لا يستثار طرف أساسي في التسوية السياسية الحالية، ويسقط الكتمان في حال أخذت الأمور منحى تصاعدياً سريعاً. فهذا الدخول الشخصي للسيد نصرالله يؤشر إلى الأبعاد المهمة لما هو قادم على صعيد التصدي للحصار الذي يتعرض له "حزب االله" و"بيئته الحاضنة".

ترجمة لمواقف "عاشوراء"

هذا الحراك الرفيع المستوى لقيادة "حزب الله"، يأتي ترجمة للمواقف التي سبق وأطلقها نصرالله في ليالي عاشوراء، لا سيما في اليوم العاشر وتلك التي سيطلقها في نهاية الأسبوع الحالي في ذكرى أربعين الإمام الحسين، خصوصاً ما يتصل منها بالحصار الاقتصادي والمالي وصولاً إلى التهديد الأمني الذي يمتلك "الحزب" معلومات خطيرة عن نوايا إسرائيلية في هذا المجال. ولا يخفى ما يتردد في الصالونات من أن "حزب الله" بعث برسائل شديدة اللهجة إلى المصارف اللبنانية وبرسالة مماثلة إلى حاكم مصرف لبنان محذراً من مغبة الاستمرار في التماهي مع الحرب المالية التي تخاض عليه، ناهيك عن اتهام "الحزب" بعض المصارف بالمزايدة في عملية الاستجابة للضغوط الأميركية عبر إعطاء فوق ما هو مطلوب، وأنّ هناك أسماء معينة تدور في فلك الحاكم مارست دوراً "عدائياً" ضد "حزب الله" وبيئته.

باسيل وفرنجية

في اللقاءين مع باسيل وفرنجية المتسابقين إلى سدة الرئاسة، لم تكن هناك من وعود رئاسية لأي منهما، مع اطمئنان طبيعي لدى الأخير إلى أن الدعم سيكون له، بعدما أدى قسطه من التضحية عندما وصلت "لقمة الرئاسة إلى داخل فمه وعاد وبصقها كرمى لتمنّي السيد"، وبالتالي من البديهي أن يكون فرنجية أكثر ارتياحاً من باسيل في هذا الملف، ويكفي تعمّد الإعلان عن اللقاءين وبالوقت الطويل الذي استغرقه كل منهما، للدلالة على أن الحزب ليس في وارد الدخول راهناً بين "الحسن والأحسن وبين الفضيل والأفضل"، لا بل كانت إشادة كبيرة برئيس الجمهورية العماد ميشال عون في خلال اللقاءين، الذي أسندت قيادة "حزب الله" إليه لقباً سابقاً كان قد حاز عليه الرئيس اميل لحود وهو "الرئيس المقاوم"، وبالتالي من "سيستعجل الرئاسة قبل أوانها سيعاقب بحرمانها".

ومن رحم لقاء نصرالله – باسيل، كان خطاب الأخير في المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في القاهرة والذي ضمنه مواقف كـ"دفعة على حساب الرئاسة" تتصل بسوريا والمقاومة، والذي أتبعه بخطاب "الحدت" الذي أعلن فيه الذهاب إلى سوريا والاستعداد لقلب الطاولة، وكان سبقه بالتعبير نفسه رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد عندما هدد بقلب الطاولة في وجه كل من يستهدف المقاومة وبيئتها الحاضنة.

هذا التصاعد في المواقف، هو الذي دفع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى طرق باب "عين التينة"، لأنّ بعض "المبدعين في القراءة السياسية" فسروا هذا التصعيد على أنه تمهيد لتطيير الحكومة، ووجد الحريري الجواب الشافي لدى بري، من أنه ليس هو المستهدف، لا بل إن الحرص يزداد يوماً بعد آخر عليه لا سيما لجهة التمسك به رئيساً للحكومة، وهنا طرح السؤال من جديد عن نظرية قلب الطاولة؟ لتصل الإشارات أن الهدف هو تركيب تحالف أكثري مطلق يضم "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" و"حركة امل" (بعدما صار بري شديد الإحراج في الدفاع عن جنبلاط) و"تيار المردة" و"اللقاء التشاوري" والنائب طلال ارسلان أي كل القوى الآذارية الممثلة في الحكومة ومحاولة جذب الحريري إلى هذا التحالف، مما يفقد رئيس "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس "القوات" سمير جعجع القدرة على الفيتو، وبالتالي إحراجهما لإخراجهما، وهذا الأمر سيترجم في الجلسات الحكومية المقبلة. وأعطى بري إشارات واضحة بهذا الخصوص، لأنه بصريح العبارة "لا يمكنه إلا أن يصطف إلى جانب "حزب الله" في الحرب التي تخاض ضده والتي لا يسلم منها أحد وما حصل مع "جمال ترست بنك" خير مثال وحبل العقوبات على الجرار، لأن المعلومات الآتية من واشنطن أكدت بما لا يقبل الشك، أن لائحة العقوبات على حلفاء للحزب من البيئة المسيحية والسنية والدرزية جاهزة وتنتظر فقط الإذن الرئاسي بنشرها".

ويؤشر كل ذلك، إلى أنّ المواجهة القائمة والمقبلة ستكون مفتوحة، ولا مناطق رمادية فيها للتموضع، "إما معنا وإما ضدنا"، والخطة التي باشر "حزب الله" بتنفيذها ستظهر مراحلها تباعاً.


MISS 3