محمد دهشة

قُتل بوحشيّة لسرقة 120 ألف ليرة والخبر نزل على العائلة كـ"الصاعقة"... يتّموا الأولاد

كفرفالوس اتّشحت بالحزن: بسّام اسكندر ضحيّة غدر ولقمة عيش

18 تشرين الأول 2019

02 : 34

إتشحت بلدة كفرفالوس في قضاء جزين بالسواد، وعلت أصوات النحيب من منزل يوسف إسكندر والد بسام إسكندر الذي عثر عليه جثة في محيط ميتم شوكين في النبطية، حيث قتله سوريان بهدف السرقة وفق اعتراف أحدهما الموقوف، بينما اعتبرت عائلته انه "ذهب ضحية "صراع مافيات"، وكأن قدر اللبناني الشريف الذي يبحث عن لقمة عيشه بعرق جبينه مكتوب له القتل والحزن".

بسام وهو رب عائلة في العقد الخامس من عمره، متزوج من منى خوري ولديهما ثلاثة اولاد "غسان، إيلي ومروان"، يعمل سائق أجرة ومقيم مع عائلته في ضبيه ويملك بيتاً في كفرفالوس – جزين، اختفت آثاره منذ خمسة أيام. طلب منه أحد الاشخاص من التابعية السورية نقله من طريق المطار في بيروت إلى النبطية يوم السبت، وفقد الاتصال به، إلى أن وجدت السيارة، وهي من نوع BMW318 جردونية اللون، متوقفة الى جانب المسلك الشرقي للطريق المؤدي من الأولي إلى الرميلة على طريق "علمان" قبل حاجز الجيش، مركونة الى جانب الطريق، شبابيكها مفتوحة، مضروبة من الخلف ومصباحاها الخلفيان مكسوران، ملطخة بالوحل، وفي داخلها آثار دماء. وكأنها عانت من مطاردة ما. عاينتها القوى الأمنية وسحبت الأدلة الجنائية البصمات عنها وضربت طوقاً أمنياً. ما يؤكد أن هناك عملية أمنية كبيرة رافقت كل فترة الصمت والتعتيم خلال الأيام الماضية إلى أن وصل خبر الوفاة، وفق رواية العائلة.

في منزل إسكندر

قصدت "نداء الوطن"، منزل عائلة إسكندر في كفرفالوس. يخيّم الحداد والصمت على البلدة، يقطعه صوت البكاء الذي يتعالى من المنزل. مع انتشار الخبر بدأ أبناء البلدة يتوافدون إليه، يواسون بعضهم بعضاً، ويتقبلون التعازي مع أبناء القرى المجاورة. في الطريق المؤدي إليه يقف أقارب المغدور يروون ما جرى، ويصبون جام الغضب على القتل بهدف السرقة، وتساءل قريبه: "أين وصلنا، صار ثمن الانسان مئة الف ليرة لبنانية"، قبل أن يؤكد "أن غياب تنفيذ الإعدام شجّع على ارتكاب المزيد من الجرائم".

داخل صالون المنزل أجهشت زوجة الفقيد منى "أم غسان" بالبكاء، لم تتمالك نفسها وأعصابها. يحيط بها أولادها "غسان، إيلي ومروان"، يحاولون عبثاً تهدئة روعها، صرخت بأعلى صوتها: "تعالوا صوروا، ارفعوا الصوت، ماذا فعل السوريون بنا، لن يخمد نار حزننا ولن يشفي غليلنا سوى إعدام القاتل"، مشيرة الى انه "في آخر اتصال معه مساء السبت، أبلغها أن شخصاً غير لبناني اتصل به يريد أن يوصله إلى النبطية لإحضار بعض الأغراض واختفى. تقدمنا ببلاغ إلى الأجهزة الأمنية باختفاء بسام لمعرفة الملابسات"، قبل أن تضيف بحرقة: "منذ اختفائه لم يكن قلبي مطمئناً، لقد نزل الخبر علينا كالصاعقة، لقد يتّموا الاولاد، الله لا يسامحهم ولن نسامحهم".

بين المعزين، جلس شقيق الضحية فادي إسكندر يكفكف دموعه بصمت، وقال لــ"نداء الوطن": "حزننا كبير اليوم، ولن نرتاح سوى بإنزال حكم الإعدام به، حتى يكون عبرة لغيره، لقد تكررت الجرائم في لبنان لأن الردع ليس شديداً في غياب تنفيذ حكم الاعدام، استسهل القتلة الجريمة، يسجنون لسنوات ثم يخرجون والأصعب إذا كان بعضهم "محمياً" من بعض الجهات، وهذا أصعب شيء في الحياة".

وتحدث إبن عمة الضحية جرجس شماعي: "كنا نعيش القلق والخوف وحبس الأنفاس، ونمنّي النفس بالعثور عليه حياً. لقد فقدوا الانسانية. قُتل بوحشية وشوهت جثته بشكل كبير، ولم يكن بمقدورنا التعرف عليه إلا من ملابسه"، منوهاً باهتمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالقضية حيث طلب من الأجهزة الأمنية كشف ملابسات الاختفاء وتفاصيل ما جرى.

رفعت الجريمة نسبة الاستياء من النازحين السوريين والغضب عليهم. تدور بين أفراد العائلة وأبناء البلدة، أحاديث حزينة عن جريمة قتل اسكندر، وغضبهم على النازحين لم يعد خافياً. الحادثة أعادت تذكير أبناء قرى شرق صيدا وجزين بسلسلة من السرقات التي قام بها هؤلاء في المنطقة، وأبناء صيدا بجريمة قتل وسرقة الصيرفي محمد الناتوت "أبو مازن" على يد السوري ناصر الفارس الذي أوقفته مخابرات الجيش اللبناني في فرن الشباك من العام 2012 وأثارت القضية ضجة كبرى واستنكاراً واسعاً، وسط تساؤل هل بات الإنسان رخيصاً إلى هذا الحد، وهل يجب أن يتحمل كل النازحين السوريين مسؤولية أفعال فردية؟ وهل الجريمة مرتبطة بجنسية المجرم؟

سرقة وغدر

ما يطفئ بعضاً من لهيب الحزن، أنّ شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أوقفت أحد القاتلين. هو ف. ح. (مواليد عام 2001/‏سوري) وقد اعترف بأنه ارتكب جريمته بالاشتراك مع ح. أ. (مواليد العام 1996/‏سوري وفرّ إلى الأراضي السورية مباشرةً بعد تنفيذ الجريمة). قام القاتل الموقوف بإرشادهم إلى مكان الجثة في محيط ميتم شوكين في النبطية، حيث قام بوضع أحجار عليها في محاولة لإخفائها، وعملت فرقة من إسعاف النبطية على نقلها الى مستشفى نبيه بري الجامعي الحكومي، بينما كشف التحقيق الأمني أن الجريمة ارتكبت بدافع سرقة المغدور الذي تبين أنه كان بحوزته مبلغ 120 ألف ليرة وأنّ القاتلين نفذا جريمتهما عن سابق تصوّر وتصميم بواسطة سكين، وقاما بدفن جثة الضحية في منطقة النبطية ثم ركنا السيارة في منطقة الرميلة.

وعلى الأثر، شددت عائلة إسكندر على أنّ ولدها بسام هو "شهيد الغدر"، مشيرةً الى أنها "تنتظر من الدولة والقوى الأمنية والقضاء الحقيقة الكاملة ومعاقبة الفاعلين"، خصوصاً وأنّ هناك أخباراً تفيد بأن بسام ذهب ضحية "صراع مافيات" وكأنّ اللبناني الشريف الذي يبحث عن لقمة عيشه بعرق جبينه مكتوب له "القتل والحزن".

استنكار

وفيما استنكر نائب جزين زياد أسود الجريمة، غرّد عضو تكتل "لبنان القوي" النائب سليم خوري قائلاً: "كنت آمل الا تنتهي قضية المغدور بسام إسكندر على هذا النحو المأسوي والذي يعيد طرح معضلة النزوح السوري في لبنان وضرورة بذل كل ما يلزم من جهود لتأمين العودة. كما أطالب من موقعي القضاء المختص إنزال أشد عقوبة بالفاعل لعلها تكون رادعاً لعدم تكرار مثل هذه الجرائم الوحشية".


MISS 3