جاد حداد

One Of Us Is Lying... حياة المراهقين تحت المجهر

رغم الجوانب المألوفة في العمل، يحمل مسلسل One Of Us Is Lying (واحد منا يكذب) المقتبس من رواية كارين ماكمانوس المشوقة والدرامية جانباً جاذباً جداً. يعكس المسلسل وضع المراهقين الأميركيين بطريقة واقعية، وتدور أحداثه في منطقة "باي فيو هاي" حيث يكون التأقلم مع البيئة المحيطة المعيار الأساسي. يضع الجميع (تقريباً) قناعاً أمام زملائهم، وكل من يتجرأ على التمسك بطبيعته يُعتبر "منبوذاً اجتماعياً".

يدخل الطالب اللامع "سايمون كيليهير" في هذه الخانة تحديداً. هو يجلس مع صديقته المقربة "جانا" (جيسيكا ماكلويد) ويطلقان تعليقات ساخرة حول عجز رفاقهما عن التصرف بطريقة فردية وصادقة. يطوّر "سايمون" جهوده عبر نشر معلومات صادمة عن زملائه في الصف على تطبيق من تصميمه. لكن ينتهي يوم احتجاز خمسة طلاب بمأساة كبرى، فيتعرض "سايمون" لنوبة من فرط الحساسية بعد الشرب من مبرّد الماء. يثير موته المفاجئ وغير المتوقع أسئلة حول الطلاب الأربعة المتبقين في القاعة، علماً أن "سايمون" كان قد هدّد بفضحهم جميعاً. عوقب الطلاب الخمسة في ذلك اليوم لسبب غريب. ولماذا اختفى قلم حقن الأدرينالين من غرفة الممرضة خلال نوبته؟ حين يستبعد التحقيق الوفاة العرضية، تبدأ الشرطة بالتركيز على الطلاب الأربعة الآخرين: "برونوين" (ماريانلي تاجادا)، نجمة المدرسة والطالبة التي يتوقع لها الجميع التفوق مستقبلاً وتتطلع إلى دخول جامعة "يال" المرموقة، و"آدي" (أناليزا كوشران)، المشجّعة ذات الشعبية الكبيرة التي تمضي وقتها مع أشهر الطلاب، و"كوبر" (شيبويكيم أوش)، بطل المدرسة في البيسبول الذي يتطلع إلى المشاركة في البطولة الكبرى، و"نايت" (كوبر فان غروتل)، تاجر مخدرات يحمل سجلاً جنائياً ويعيش حياة منزلية صعبة.

بالنسبة إلى العالم الخارجي، يتماشى هؤلاء الطلاب مع المعايير السائدة، لكن لا تقتصر قصصهم على هذه الجوانب الظاهرية. يحمل كل واحد منهم دافعاً للتخلص من التهديد الذي يطرحه "سايمون"، لكن ينطبق هذا الوضع على جميع من يقصد المدرسة. يبدو أن ذلك الفتى الذي سئم من المظاهر والنفاق تعمّق في حياة المحيطين به واكتشف فضائحهم، بما في ذلك الأساتذة.



يغوص المسلسل في حياة المراهقين المعقدة والمربكة ويرتكز على الفكرة القائلة إن الناس في هذا العمر يحتاجون إلى من يلاحظهم بكل بساطة أو من يحمل عنهم نظرة معينة. يخفي الجميع بعض الأسرار وهم في طور النمو، لكن قد لا تكون الخفايا مهمة في جميع الحالات. مع ذلك، تميل الأسرار الكبرى إلى الظهور دوماً في حال تجاهلها لفترة طويلة. في هذه القصة، تملك جميع الشخصيات ما تخسره: التفوق في الجامعة، علاقات ناجحة ظاهرياً، مسيرة رياضية واعدة، حرية الرحيل بكل بساطة.

من الممتع أن نشاهد اختلاف الشخصيات الرئيسية حين تضطر للتعاون في ما بينها. في البداية، يتبادل الجميع الشكوك، لكننا نلاحظ مع مرور الوقت تطور مشاعر الرفقة والتعاطف والتفهم بينهم، وهو جانب يخفونه دوماً عن بقية الناس. تعود أسرارهم الشخصية إلى الواجهة حين يحاولون إثبات براءتهم، وحتى التطورات العائلية الفردية تؤثر بقوة على حياة المراهقين. يتحمل "كوبر" و"برونوين" أكبر الأعباء، فلا يكف أهاليهما عن تذكيرهما بالمسائل التي أصبحت على المحك. أما والدة "آدي"، فهي لا تهتم على ما يبدو إلا بمظهر ابنتها ولا تتعاطف معها في أي لحظة رغم الوضع الصعب الذي تمر به. وبعد حصول ضجة كبرى على مواقع التواصل الاجتماعي، تخبرها والدتها بنبرة ساخرة أنها تستطيع استغلال هذه الفرصة للتحول إلى شخصية مشهورة ومؤثرة.

على صعيد آخر، لا يتعمق العمل بتفاصيل تحقيق الشرطة. يصعب أن نصدّق أن الطلاب في المدرسة الثانوية يتفوقون بذكائهم على وكالة إنفاذ القانون في معظم المواقف. يلتقي أعضاء "نادي القتل" (إنه اسم المجموعة التي تشمل المشتبه فيهم) سراً لمناقشة استراتيجيتهم ويراقبهم شخص مجهول عن كثب. لكن ما هو دور المحققين في هذه العملية كلها؟ إذا كان الطلاب جزءاً من الأسماء المشبوهة، كيف يُعقَل ألا تراقب الشرطة هواتفهم؟ كذلك، يفتقر جزء من الأسئلة التي يطرحها الضابط المسؤول عن القضية إلى الإقناع أو الإبهار.

من المنتظر أن يصدر موسم جديد من هذا المسلسل، ويبدو أن الأحداث في الجزء الثاني ستكون مقتبسة من كتاب One Of Us Is Next (واحد منا هو التالي) من تأليف كارين مكمانوس أيضاً. يمكن تقديم قصة مشوقة ومنتظرة في الموسم الثاني إذا شمل العمل أداءً تمثيلياً مقنعاً، وموسيقى تصويرية جميلة، وإيقاعاً مناسباً، وسيناريو يبتعد عن الأفكار المبتذلة والميلودرامية.