جنى جبّور

شغفها بالرماية حوّلها الى محترفة

مدرّبة الرماية سينتيا يعقوب: المرأة القوية تبرع في أي مجال تختاره

8 آذار 2022

02 : 00

بخطوة المرأة الواثقة، اقتحمت مدربة الرماية الرامية سينتيا يعقوب ابنة البترون عالم الأسلحة، وسجلت بصمتها المحترفة بلغة الرصاص، متحديةً كل من قال لها مرةً: "شو خصك بعالم السلاح"، مبرهنةً جدارتها في ميدان الرماية، كاسرةً الصورة النمطية في مجال يهيمن عليه الذكور. وبعد تدريبات مكثفة في لبنان وخارجه، حازت سينتيا عدداً من الشهادات حوّلتها من رامية شغوفة الى مدربة محترفة. وفي يوم المرأة العالمي، لا بدّ من التوقف عند قصص نساء ثائرات تحدّين المجتمع وحققن أهدافهنّ رغماً عنه.

درست سينتيا ابنة الـ30 ربيعاً، ادارة الاعمال وحصلت بعدها على الماجستير في التسويق، وعملت في هذا المجال لمدّة 4 سنوات، قبل أن تقرر "رمي" شهاداتها الجامعية خلفها مقتحمةً عالم الأسلحة والرماية. فكيف بدأ ولعها؟ تجيب سينتيا: "هواية اكتشفتها خلال مرافقة اصدقائي الى صيد الخنازير في جرد البترون، الا أنّ هذه الرحلة لم تكن تعجب اهلي الذين لم يتقبلوا الموضوع، فبالنسبة لهم ليس على المرأة التوجه لصيد الخنازير ليلاً! فهذا ليس تصرفاً انثوياً!



الّا انّ شغفي بالرماية دفعني الى الالتحاق باتحاد الرماية لأطور نفسي، عندها دعمني اهلي ولا سيما بعدما لمسوا جدية رغبتي بالاحتراف. وفعلاً قررت لاحقاً التخلي عن عالم ادراة الاعمال والتركيز فقط على الرماية... وهكذا صار. واليوم تحولت هواياتي الى عملي الوحيد الذي اكسب من خلاله رزفي".


"السلاح خلق للرجال"


طريق الاحتراف لم يكن سهلاً، وتطلب الكثير من التدريبات والجهد والتعب والعزيمة والمثابرة لتخطي العقبات التي يزرعها المجتمع ولا سيما الذكوري منه الذي تستفزه رؤية امرأة قوية قد تغلبه وتتفوق عليه في مجال يعتبر نفسه انه مالكه. وتخبر سينتيا "خضت الكثير من التدريبات داخل لبنان وخارجه، وتدربت في بولندا في اكبر اكاديمية للرماية ذات مستوى عال ومحترف في كل اوروبا. اتذكر حينها انني كنت المرأة الوحيدة هناك من الشرق الأوسط"، مضيفةً: "في حوزتي شهادة قنص، رماية من السيارات ومداهمات. وأنا ادرب اليوم في نادي الرماية – كفرعبيدا المدنيين والعسكريين ورجال الأمن والسفارات وغيرهم".

وتتابع: "كل ما حققته من انجازات وشهادات لم يعنِ شيئاً للمجتمع فقط لانني "امرأة"، وبالنسبة لكثر انا اتعدى على عالم مخصص للرجال. ولطالما ترددت على مسمعي عبارات من نوع "شو خصك بالسلاح"، "مش رح تنجحي"، "السلاح خلق للرجال"... وهذا بالضبط ما جعلني اتحدى نفسي مصرةً على كسر هذه الصورة النمطية مبرهنةً ان المرأة قوية ويمكن ان تبرع في اي مجال تختاره، ولا سيما في مجال الرماية الذي لا يتطلب عضلات مفتولة وضخمة انما فقط لياقة بدنية". نقاطعها لنسألها: هل تزعزت ثقتك بنفسك بعد محاربتك؟ تجيب "بدايةً وبعد كل الاستهزاء بأسلوبي وعرقلتي لا انكر انه راودني الكثير من الشك حول ما ما اقوم به، ما خلق لي حالة من التناقض والضياع. الا ان حبي للتحدي دفعني لإثبات نفسي وتحولت من رامية في 2016 الى مدربة رماية محترفة في 2022. فمن يثابر ويستغل الفرص ولا يصغي الى الانتقادات غير البناءة، يمكن ان يحقق هدفه. كما انني لا اقبل اليوم ان يستهزئ بي احد، وقد تمكنت من تغيير نظرة كثيرين الي بسبب جديتي واحترافي في مجال عملي".



بين القوة والأنوثة

يتساءل البعض كيف يمكن للمرأة ان تحمل السلاح وتحافظ على انوثتها، وكان لا بد من نقل هذا التساؤل الى سينتيا التي اجابت ضاحكةً: "اجمع بين القوة والانوثة. ومن صلب اولوياتي المحافظة على انوثتي ان كان بطريقة تعاملي مع اصدقائي ومحيطي ومع الشريك خصوصاً، ويمكن القول إنني نجحت في الحفاظ على ذلك".

مواقف ذكوريةدربت سيتنيا الكثير من الشباب والشابات الذين يزورنها في مكان عملها بعد متابعتها على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تمكنت من ان تتحول الى قدوة بالنسبة للكثير من النساء من خلال الفيديوات التي تنشرها وهي ترمي. وعن أغرب المواقف التي واجهتها توضح أنّه "عادة يتفاجأ الرجال عندما يعلمون انني من ستدربهم، ولكن عندما اتكلم معهم بطريقة محترفة واشرح لهم التقنيات تتغير نظرتهم قليلاً، ولكن تبقى الدهشة مسيطرة على وجوههم. اتذكر مرّة خلال تدريب رجل انهار ضاحكاً قائلاً لي: "لا استوعب ما يحصل، اشعر انني اتحدث مع صديقي حول السلاح". ويحاول البعض الآخر الاستخفاف بقدراتي، وأتذكر مرّةً خلال تدريبي مجموعة من الرجال على كيفية حشو المسدس وعن ضرورة الامتناع عن تمرير اصابع اليد امام فوهته للحفاظ على السلامة العامة، امتعض احدهم وراح يستخف امام رفاقه بتعليماتي، وأزعجني فعلاً ذلك فقلت له بشكل صارم انه تحت اشرافي ومسؤوليتي وستطبق تعليماتي لانني غير مستعدة لنقلك الى المستشفى، وفعلاً هكذا صار، وأكملنا جلسة التدريب وفقاً لأصول التعليمات التي كنت اشرحها".

ثابري بشغف

تطمح سينتيا الى ان تمتلك اكاديميتها الخاصة للتدريب على الرماية، وهي تثابر ليلاً ونهاراً لتحقيق طموحها وأهدافها، وتتوجه الى المجتمع طالبةً منه تقبل مواهب الآخرين ودعمها. وفي يومها العالمي، تقول لكل امرأة: "في حال قررت الدخول الى عالم الرماية حافظي على انوثتك ولا تصدقي من يقول لك ان بنيتك ضعيفة"، خاتمةً: "ضعي هدفك نصب عينيك، حاولي تحقيقه بشتى الوسائل المتاحة امامك ولا تصغي الى انتقادات المجتمع. ثابري بشغف، كوني امرأة... كوني قوية".





MISS 3