جاد حداد

Young Wallander... أفضل دراما بوليسية بموسمٍ جديد

حين عرضت شبكة "نتفلكس" الموسم الأول من مسلسل Young Wallander (والاندر الشاب)، لم يحصد العمل تقييماً إيجابياً بشكل عام. انزعج البعض من مكان الأحداث وزمانها. لكن تصل الشخصية الرئيسية في الموسم الجديد إلى السويد المعاصرة بدل العودة إلى فترة السبعينات تماشياً مع أحداث الروايات الأصلية للكاتب هينينغ مانكيل.

كذلك اختار كاتب المسلسل، بن هاريس، الانتقال إلى مدينة "مالمو" السويدية بدل بلدة "يستاد" الصغيرة التي اختارها مانكيل في قصته.

شكّك آخرون بالفئة التي تستهدفها هذه القصة الدرامية واعتبروها غير قادرة على إعجاب الجمهور الأصغر سناً الذي يفضّل قصصاً أكثر إثارة، كما أنها لا تعكس صفات الشخصية الأصلية لجذب القاعدة القديمة من المعجبين.

لكن يتّسم المسلسل في المقابل بأجواء قاتمة ومشوّقة نادراً ما نجدها في هذا النوع من الدراما البوليسية. على مر ست حلقات ممتعة، تتلاحق الأحداث المحتدمة وتخلو من المماطلة.

سنرافق تحرياً شاباً وساذجاً في معركته لكشف مؤامرة شريرة. جميع التحولات مؤثرة وغالباً ما يتأخر التحري في تحقيق ما يريده في الوقت المناسب.

عاشت شخصية "كيرت والاندر" تجارب مميزة على التلفزيون السويدي وصفحات ملايين الكتب، لكن لم يتعرف عليه معظم الناس قبل العام 2008، حين عرضت قناة "بي بي سي" على الشاشة الصغيرة قصة هذا التحري المتشائم واللامع الذي لا يكف عن مواجهة المشاكل.



لعب الممثل كينيث براناغ دور البطولة حينها، وبيع المسلسل في أنحاء العالم، فتعرّف عليه جيل جديد من المشاهدين. قدّم براناغ دور "والاندر" على مر أربعة مواسم، إلى جانب توم هيدلستون في أول دور كبير في مسيرته.

كانت النسخة التي قدّمها براناغ كئيبة، فواجهت شخصيته صراعات كثيرة وكانت مليئة بالرذائل، منها الإفراط في شرب الكحول، وتناول مأكولات ضارة، والازدراء بزملائه، وصعوبة الحفاظ على علاقته مع ابنته ووالده.

حقق المسلسل في العام 2008 نجاحاً تجارياً كبيراً وجدّد الاهتمام بروايات مانكيل والنسخ السويدية السابقة من هذه القصة، فبدأ عرضها للمرة الأولى خارج السويد.

رغم الانتقادات التي تعرّض لها الموسم الأول، كان نجاحه على شبكة "نتفلكس" كافياً لإصدار موسم جديد. يعود الممثلون آدم بالسون، وليان بيست، وإيليز شابيا، وياسين أتور، لأداء أدوارهم وقد انضم إليهم هذه المرة الممثل توميوا إيدون.

في نهاية الموسم الأول، تخلى "كيرت والاندر" (آدم بالسون) عن سلك الشرطة بعد موت المراقب "جوزيف همبرغ" بطريقة مأسوية، فهو كان رب عمله ومرشده في آن.

بالتعاون مع المحققة "راسك" (ليان بيست)، شارك "والاندر" و"همبرغ" في الكشف عن مؤامرة متشابكة بدأت بمقتل مراهق من مدينة "مالمو" اسمه "هيوغو لوندغرين". أثناء التحقيق بهذه القضية، تعرّض "والاندر" للضرب والطعن وكاد يُقتَل خلال الانفجار الذي أودى بحياة "همبرغ".

في نهاية المطاف، يهرب الرجل، الذي يعتبره مسؤولاً عن مقتل "همبرغ" و"لوندغرين"، من العدالة، فيقدّم "والاندر" الخائب استقالته ويترك "راسك" وحدها وهي غارقة في مشاعر الحزن.

يحمل الموسم الثاني اسم Young Wallander: Killer’s Shadow (والاندر الشاب: ظل القاتل)، ويكون "والاندر" في بدايته رجلاً مدنياً. لكننا نكتشف حين يلتقي مع "راسك" أمام قبر "همبرغ" أنها لم تسلّم استقالته بعد.

سرعان ما يفكّر "والاندر" بالعودة إلى عمله، مع أن هذا القرار يحزن حبيبته "مونا" التي انتقل للعيش معها بحلول هذه المرحلة، ثم يحاول التأقلم مع قضايا لا توصله إلى الموت.

في غضون ذلك، تترقى "راسك" وتصبح رئيسة وحدة الجرائم الكبرى وتحاول التكيف مع منصبها تحت إشراف رب عملها الجديد "أوسي" (توميوا إيدون)، الذي يتلقى أمراً بإلزام الضباط الذين يميلون إلى التصرف بطرق غير نزيهة ببروتوكول الشرطة الصارم.

تتمحور القضية التي تعيد "والاندر" إلى عمله حول مقتل شاب خلال حادث يختفي فيه المرتكب عن الأنظار. لكن سرعان ما يتّضح أن ما حصل لم يكن مجرّد حادث، بل إن الشاب المقتول لديه هوية مختلفة. تحمل هذه القصة جوانب مثيرة للاهتمام.

يشمل هذا الموسم الجديد تفاصيل جاذبة ويقتصر على ست حلقات يُركّز فيها على زيادة القصص والحبكات بما يفوق أفكار المسلسلات المؤلفة من أكثر من عشرين حلقة. إيقاع الأحداث سريع، وتشمل كل حلقة تطورات مشوّقة. يقدّم بالسون أداءً مدهشاً، فيستعمل شباب "والاندر" لحث المشاهدين على مرافقته في رحلته. هو شخص عاطفي وساذج جداً ويثق بالآخرين أكثر من اللزوم، لكن تمنحه هذه الصفات حضوراً محبباً ويسهل أن يتعاطف معه الجمهور.

أجواء العمل لا تشبه قصص شرلوك هولمز، بل تقتصر القصة على تحري شاب يستلم قضية شائكة فيشعر بأن الحقائق تفلت من يديه طوال الوقت. يصبح كل شيء على المحك بالنسبة إلى "والاندر" في هذه القضية، إذ يريده المراقب الصارم الجديد "أوسي" أن يرحل، وتتصدع علاقته مع "راسك"، وتضطرب حياته مع حبيبته "مونا" تزامناً مع زيادة متطلبات القضية التي يعمل عليها.

في الوقت نفسه، تتخذ هذه القضية منحىً مفاجئاً وتترافق مع تحولات غير متوقعة لدرجة أن نبقى على أعصابنا حتى اللحظات الأخيرة. على أمل ألا يكون هذا الموسم آخر جزء نشاهد فيه "كيرت والاندر"...