جاد حداد

Worst Roommate Ever... أسوأ وثائقي عن الجرائم الحقيقية

17 آذار 2022

02 : 00

قد نتذكر العام 2022 بعد سنوات باعتباره "عصر الخداع" على شبكة "نتفلكس"، فقد شملت معظم الأعمال المعروضة هذه السنة عنصراً مخادعاً ومشيناً من الحياة الواقعية، بدءاً من الفيلم الوثائقيThe Tinder Swindler (محتال تندر)، ثم مسلسل Inventing Anna (آنا تحت المجهر)، وأخيراً Worst Roommate Ever (أسوأ زميل سكن على الإطلاق).

سبق وشاهد الكثيرون هذا العمل على الأرجح لأنه يَرِد على قائمة الأعمال العشرة الأعلى مشاهدة على "نتفلكس". قد يقرر الناس مشاهدته لأن التجارب السيئة مع زملاء السكن ظاهرة عالمية. لكن لا مفر من أن نشعر بالصدمة والرعب حين نعلم أننا أمام مسلسل وثائقي عن جرائم حقيقية. إنه عمل باهت ومألوف ويفتقر إلى المزايا والجوانب العاطفية لدرجة أن نفترض أنه من صنع الروبوتات.

بشكل عام، تتمحور القضايا الأربع التي يطرحها المسلسل (القضية الأخيرة مؤلفة من جزأين لكننا سنتطرق إليها لاحقاً) حول أشخاص استغلوا ثقة الآخرين بهم. انتقل هؤلاء للسكن مع أشخاص آخرين (أو انتقل آخرون للسكن معهم)، ثم قتلوا زملاءهم في السكن بسبب هوس معيّن أو عن سابق إصرار أو نتيجة حالة قهرية رافقتهم طوال حياتهم. تكون إحدى الشخصيات سيدة مسنّة لطيفة، وهي تشبه شخصية "غوس فرينغ"، فتقوم بأعمال خيرية ظاهرياً لكن يتبين لاحقاً أنها قاتلة متسلسلة. سنشاهد أيضاً رجلاً يقع في حب زميلته في السكن وتؤدي هذه التجربة إلى عواقب مريعة. يبدو رجل آخر متأثراً بالشخصية المريبة التي لعبها الممثل مايكل كيتون في فيلم Pacific Heights (مرتفعات المحيط الهادئ).



يُفترض أن يكون العمل أكثر إتقاناً إذا أراد تخصيص ساعات ومئات آلاف الدولارات لسرد قصة حول شخص حقيقي انتهت حياته بطريقة لا يتصورها عقل. كان مسلسل The Hunt for Bible John (البحث عن بايبل جون) على قناة "بي بي سي" نموذجاً مثالياً في هذه الفئة من الأعمال، فقد حرص صانعو العمل على وضع جرائم القتل في سياق اجتماعي واقتصادي محدد، وسلّطوا الضوء على خيبة أمل المحققين، وكشفوا الفراغ الهائل الذي تُخلّفه جرائم القتل.

لكن لا يحمل المسلسل الوثائقي الجديد أياً من هذه المزايا، حتى أن عنوانه لا يعكس مضمونه الحقيقي. لا يمكن تقديم عمل وثائقي لائق عن جرائم حقيقية عبر إعطائه عنواناً يشير إلى برنامج ألعاب. تزداد المشكلة وضوحاً بسبب الفترة الفاصلة بين توقيت الجريمة وعرض تفاصيلها. وقعت إحدى الجرائم في المسلسل منذ خمس سنوات مثلاً وبالكاد تكفي هذه المدة لاستيعاب موت أي شخص، لا سيما إذا ترافقت الجريمة مع أعلى درجات العنف. بعد مرور خمس سنوات، يسهل أن تشعر الضحية بالنقص بسبب الحياة التي لم تَعِشها. لكنّ الوضع مختلف بالكامل في هذا المسلسل.

على صعيد آخر، لا يروي العمل قصصه بإتقان. يقابل أحد المجرمين مثلاً المحقق الذي يدرك سريعاً أن الشخص الذي يستجوبه هو مرتكب الجريمة، ثم يعتقله فوراً. لا وجود لأي مطاردة أو تشويق من أي نوع لأن المجرم مستسلم والمحقق جامد وممل لأقصى حد.

كان العمل يستطيع إنقاذ الوضع في مرحلة معينة، لكنه لم يفعل للأسف. تمتد القصة الأخيرة على حلقتين، وهي تتمحور على ما يبدو حول أسوأ زميل سكن يمكن التعامل معه على الإطلاق. إنه مستأجر دائم ينتقل للإقامة مع مجموعة من زملاء السكن المريعين ثم يشعر بالخوف منهم. قد تكون هذه القصة الأفضل بين الحكايات الأربع. حبذا لو ركّز صانعو العمل على هذه القصة وتخلوا عن القصص الأخرى. كان العمل ليبقى بائساً وفوقياً كونه يستهدف فئة أقل مستوى من الناس، لكن كانت مدته لتتراجع على الأقل.

باختصار، لا يستحق هذا المسلسل عناء المشاهدة. واستناداً إلى وتيرة إنتاج الأعمال التي تدخل في هذه الخانة اليوم، لن تتأخر شبكة "نتفلكس" في عرض وثائقي رديء آخر حول الجرائم الحقيقية.