جنى جبّور

أمهات ضحايا المرفأ... ذكريات مع الأبناء

21 آذار 2022

02 : 00

بالأسود، تستقبل أمهات شهداء وضحايا المرفأ عيد الأم اليوم. فكيف عساها أن تحتفل أم الشهيد، التي بدل أن تتلقى أجمل الباقات من ابنها اليوم، ها هي تضعها على قبره، وبدل أنّ تقرأ أجمل كلمات المعايدة على البطاقات ها هي تتلو الصلوات أمام صورة فلذة كبدها. وللعام الثاني على التوالي ما زال العيد ينكأ بقلوب الأمهات الساعيات إلى الوصول إلى الحقيقة، وويل لكل مسؤول عن هذه الجريمة من دعواتهنّ، هنّ اللواتي حرمن في هذا اليوم من سماع عبارة: "ينعاد عيلكي يا امي".

"غياب جو وجعني كتير"، تقول السيدة نهاد عقيقي أم الشهيد جو عقيقي معتذرةً بالدموع عن الإجابة عن أي سؤال مضيفةً بغصّة "العيد ذكرى أليمة جدّاً تنكأ الجرح الذي لم ولن يندمل. لا أريد أن أبكي وما زلت أبكي. إنني منعدمة القوة، لا أقوى على التحدّث والعودة إلى الوراء، خصوصاً أنّ الحقيقة لم تظهر بعد وهذا ما يوتّرني أكثر وأكثر". تلتقط أنفاسها قليلاً قبل أن تنهي حديثها وتقول: "الله يرحم كل الشهداء وليساعد الجرحى والمصابين". هكذا تحتفل أم الشهيد بيوم الأم، وما بين الغصّة والدموع تضيع الكلمات وتغيب مشاعر الحب والفرح عن هذه المناسبة، وتتحوّل الذكريات السعيدة إلى أخرى أليمة تحمل في طياتها الحنين بالعودة إلى ما قبل 4 آب 2020، هذا التاريخ المشؤوم.



أم دجو نون: بطّل عندي عيد



تعود السيدّة زينة نون والدة شهيد فوج الإطفاء دجو نون بذاكرتها إلى يوم عيد الأم عندما كان أولادها الثلاثة دجو ويليام ونانسي يحضرون لها المفاجآت للاحتفال، وتقول:

"كانوا يكتبون لي رسائل الحب والتقدير على بطاقات المعايدة. أتذكر هذا المشهد وأرى فيه أولادي الثلاثة". وتكمل حديثها بلوعة مردفةً: "أنا بطّل عندي عيد".

أنا يمكن أن أعيّد عندما يكون أولادي الثلاثة إلى جانبي"، داعيةً أن "يصبّر الله أمهات الشهداء، عسى أن تتحقّق العدالة السنة المقبلة"، متمنيةً من صميم قلبها أن "يتحاسب كل مسؤول قتل أبناءنا".

زينة والدة الشهيد دجو نون

أم نجيب حتّي: ما زلت أنتظره


«ينعاد عليكي ست ريتا»، هكذا اعتاد نجيب حتّي أن يحتفل بعيد الأم وفي يده باقة من الورود يقدّمها لوالدته ريتا. غيّب الانفجار نجيب وكذلك العيد الذي كانت السيدة ريتا حتّي تعتبره من أجمل الأعياد في الدنيا، وتقول بألم:

«ما زلت أنتظر ابني نجيب. صحيح أنني أحتفل بالعيد مع أولادي الآخرين ومع أحفادي أولاد الشهيد شربل كرم، إلّا أنّ العيد ناقص وفيه غصّة»، خاتمةً: «الله لا يحرم أي أم من ولدها، الله لا يحرق قلب أي أم.

وإلى كل من كان سبباً في موت أولادنا أدعو من قلبي أن يشربوا من الكأس نفسها... «وانشالله بصير فيكن مثل ما صار فينا».

ريتا والدة الشهيد نجيب حتّي


أم غايا فودوليان: لا أشعر بالعيد


كسائر أمهات الشهداء تتذكر السيدة اني وارتيواريان المفاجآت التي كانت تحضّرها لها ابنتها غايا فودوليان مع أخواتها، وبالنسبة لها «لم تعد تشعر بعيد الأم، ولن تحتفل به قبل الوصول إلى الحقيقة والعدالة»، متمنيةً أن «يحفظ الله أولادها وأن تصبح جدّةّ»، طالبةً من أمهات الشهداء «الصبر حتّى الوصول إلى الحقيقة».

اني والدة غايا وارتيواريان

صفاء زوجة رامي الكعكي: أحتفل بتعاسة



خسرت السيدة صفاء نمر خالوصي رفيق دربها رامي الكعكي خلال الانفجار وهي حامل بابنها محمد رامي، الذي لم يتعرّف إلى والده، وها هي صفاء اليوم تؤدّي دور الأم والأب معاً. فماذا تقول في هذا اليوم؟

«أتذكر عندما كان زوجي يصطحب ابنتي البكر ليا من المدرسة ويدخلان المنزل وفي يدهما علبة من الكارتون بداخلها هدية. اليوم أحتفل بتعاسة بهدا العيد المميز بالنسبة إليّ ولا سيما أنني اُعتبر أمّاً حديثاً... فقد خسرت أباً وأخاً وزوجاً ورفيقاً وسنداً»، مضيفةً: «أتمنى أن تظهر الحقيقة»، خاتمةً «رامي ما رح يرتاح بقبرو قبل ما يتحاسب كل مسؤول».

صفاء زوجة الشهيد رامي الكعكي