مجلس العموم البريطاني يُلزم رئيس الوزراء طلب تأجيل "بريكست"

00 : 31

الآلاف يتظاهرون في وسط لندن للمطالبة بإجراء استفتاء ثانٍ على "بريكست" (أ ف ب)

في تحوّل مفاجئ قد يُعيد تعقيد معضلة "بريكست" المعقّدة أصلاً ويزيد من سوداويّة النفق الذي دخلت فيه المملكة المتّحدة منذ استفتاء 2016، أقرّ مجلس العموم البريطاني أمس تعديلاً يُلزم الحكومة التفاوض مع بروكسل على إرجاء الموعد المقرّر لخروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي في 31 الجاري، وهو ما سارع رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون إلى رفضه. واتّجهت الأنظار إلى قصر ويستمنستر، حيث التأم مجلس العموم في جلسة تاريخيّة، هي الأولى التي تُعقد يوم سبت منذ حرب فوكلاند قبل 37 عاماً، للتصويت على الاتفاق الذي تمّ انتزاعه في اللحظة الأخيرة، بعد مفاوضات شاقة بين لندن وبروكسل. لكن بدلاً من التصويت على الاتفاق، أقرّ النوّاب تعديلاً يُتيح لهم مزيداً من الوقت لمناقشة النصّ والتصويت عليه، من دون المخاطرة بحصول "بريكست من دون اتّفاق".

وبغالبيّة 322 صوتاً مقابل 306، وافق النوّاب على التعديل الذي قدّمه النائب أوليفر ليتوين، والذي ينصّ على أنّه في حال لم تتمّ المصادقة رسميّاً على الاتفاق، فإنّ هذا الأمر يُفعّل بشكل تلقائي قانوناً سبق وأن أقرّه البرلمان، يُلزم رئيس الوزراء بأن يطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل موعد "بريكست" ثلاثة أشهر. وقال زعيم المعارضة العماليّة جيريمي كوربن، في معرض ترحيبه بإقرار مجلس العموم لهذا التأجيل، إنّ "النوّاب صوّتوا بوضوح لتجنّب خروج قاسٍ من دون اتفاق من الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً: "على رئيس الوزراء أن يحترم القانون". لكنّ جونسون، الذي وصل إلى السلطة في نهاية تموز رافعاً راية حصول "بريكست" في 31 تشرين الأوّل، سواء باتفاق أو من دونه، سارع إلى تجديد رفضه أيّ تأجيل لموعد الطلاق مع بروكسل.

وقال رئيس الوزراء البريطاني: "لن أتفاوض مع الاتحاد الأوروبي على تأجيل موعد "بريكست" والقانون لا يُلزمني بذلك"، معرباً عن أسفه لأن يكون التصويت التاريخي، الذي كان متوقعاً على الاتفاق السبت، قد "أُفرغ من مضمونه". وتابع: "أيّ تأجيل جديد سيكون سيّئاً لهذا البلد وسيّئاً للاتحاد الأوروبي وسيّئاً للديموقراطيّة"، مناشداً الدول الـ27 الأعضاء في الاتّحاد، عدم "الانجذاب" إلى التأجيل، علماً أنّ أيّ إرجاء لـ"بريكست" لا يُمكن أن يحصل من دون موافقة الاتّحاد. وفي هذا الصدد، سارعت المفوضيّة الأوروبّية إلى مطالبة الحكومة البريطانيّة، بتوضيح الخطوات المقبلة الواجب اتخاذها بعد تصويت مجلس العموم. وقالت المتحدّثة باسم المفوضيّة مينا أندريفا إنّ بروكسل "أخذت علماً بالتصويت في مجلس العموم على تعديل يقضي بإرجاء التصويت على الاتفاق"، مضيفةً: "على الحكومة البريطانيّة أن تُبلغنا بالخطوات المقبلة في أسرع وقت".

بدورها، اعتبرت الرئاسة الفرنسيّة أن إرجاءً إضافيّاً لـ"بريكست" ليس في مصلحة أحد، مشيرةً إلى أنّه "تمّ التفاوض على اتفاق يعود بناءً عليه إلى البرلمان البريطاني أن يُقرّر ما إذا كان يوافق عليه أو يرفضه". وتابعت: "يجب إجراء تصويت واضح". وتحتاج الحكومة، التي لا تتمتّع بغالبيّة في مجلس العموم، إلى 230 صوتاً لإقرار الاتفاق الذي يُفترض أن يسمح بتسوية شروط الانفصال بعد 46 عاماً من الوحدة، ما يسمح بخروج هادئ مع فترة انتقاليّة تستمرّ حتّى نهاية 2020 على الأقلّ.

وفي الوقت الذي كان فيه مجلس العموم يُناقش الاتفاق، كان الآلاف يتظاهرون في وسط لندن للمطالبة بإجراء استفتاء ثانٍ على "بريكست"، مؤكّدين أنّ هذا هو الحلّ الوحيد للخروج من الأزمة السياسيّة المستعصية. ورفض النوّاب البريطانيّون ثلاث مرّات الاتفاق السابق، الذي توصّلت إليه رئيسة الحكومة حينذاك تيريزا ماي مع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد. وكان جونسون قد بذل جهوداً شاقة في الأيّام الأخيرة لإقناع النوّاب بدعم اتفاقه، وذلك عبر إجرائه محادثات هاتفيّة وظهوره على محطّات التلفزيون. وأكّد أنّه "ليس هناك مخرج أفضل" من الاتفاق الذي توصّل إليه لمغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأوّل، داعياً النوّاب إلى تصوّر عالم تجاوز عقبة "بريكست"، التي تشلّ الحياة السياسيّة البريطانيّة منذ ثلاث سنوات.


MISS 3