جاد حداد

صخرة خفيّة تحت اليابان... مغناطيس للزلازل الضخمة؟

6 نيسان 2022

02 : 00

مقطع عرض يوضح أصل زلزال عام 1944

قد تكون كتلة ضخمة من الصخور البركانية تحت ساحل جنوب اليابان بمثابة مغناطيس أو مانعة صواعق للزلازل القوية.

وفق صورة جديدة وثلاثية الأبعاد لهذه المساحة المعروفة باسم "كومانو بلوتون"، تنتقل الطاقة التكتونية في الزلازل العملاقة على ما يبدو إلى نقاط متعددة على طرفها. هذه المعلومة قد تساعد العلماء على توقع أثر الزلازل الكبرى في المنطقة وفهم طريقة تفاعل هذه الكتل النارية مع النشاط التكتوني. ظهر أول الأدلّة حول "كومانو بلوتون" في العام 2006، وهي عبارة عن كتلة صخرية نارية تزيح الصخور تحت الأرض وتسترجع برودتها ببطء ثم تصبح صلبة على شكل كتلة كبيرة.



صورة فضائية لليابان


كشفت تقنيات التصوير الزلزالي وجود كتلة ذات كثافة مختلفة في الصخرة المحيطة بمنطقة الاندساس "نانكاي". في هذه المنطقة، تنزلق صفيحة تكتونية تحت طرف صفيحة أخرى وتترافق مع هزة أرضية قوية ونشاط بركاني كبير. ساهمت تجارب المحاكاة الرقمية في كشف طبيعة الكتلة الجوفية.

لكن لم يتابع العلماء استكشاف نطاق هذه الظاهرة سابقاً. اليوم، نجح فريق من الباحثين في رسم خارطة كتلة "كومانو بلوتون" بالكامل عبر استعمال بيانات زلزالية جُمِعت على مرّ 20 عاماً من منطقة الاندساس "نانكاي".

قد تكون الهزّات والزلازل مدمّرة، لكنّها أداة قوية أيضاً. تُعتبر الهزة الأرضية ظاهرة مدهشة بمعنى الكلمة، فهي تتموّج انطلاقاً من نقطة المنشأ ثم تنتشر في أنحاء الكوكب وترتدّ في محيطها.

انطلاقاً من طريقة تنقل هذه الموجات الزلزالية وتفاعلها مع بعض المواد، يستطيع علماء الزلازل رسم خرائط الهياكل التي نعجز عن رؤيتها في عمق الأرض.

لطالما كانت هذه العملية شاقة، فهي لا تقتصر على ملايين التسجيلات الزلزالية من شبكة مجسات الزلازل في اليابان فحسب، بل تشمل أيضاً تسجيلات من مسوحات علمية عابرة أخرى، ما يعني التعامل مع أكبر بيانات زلزالية على الإطلاق.

تمّ إدخال كمية هائلة من البيانات التي جمعها الباحثون من منطقة "نانكاي" في الكمبيوتر الخارق LoneStar5 في جامعة "تكساس" لإنتاج نموذج عالي الدقة وثلاثي الأبعاد من الكتلة الصخرية. كشف هذا النموذج خصائص مذهلة لم نشاهدها من قبل.

كذلك، يثبت النموذج الجديد أن وزن الكتلة يجعل قشرة الأرض السفلية ترزح تحت ثقلها وتنتفخ نحو الأعلى. كان مفاجئاً أيضاً أن تشكّل الكتلة الصخرية مساراً كي تتسلّل فيه المياه الجوفية تحت قشرة الأرض وصولاً إلى الطبقة العليا عبر زيادة انحناءة قشرة الأرض. ونظراً إلى كثافة "كومانو بلوتون" وصلابتها، قد تؤثر أيضاً في النشاط التكتوني.

حصلت زلازل ضخمة تفوق قوتها 8 درجات على ضفاف هذه الكتلة في العامَين 1944 و1946. وبما أن الألواح المترسبة تكون حسّاسة جداً تجاه تغيّر الهياكل، قد تؤثر الكتلة الصخرية في هندسة المنطقة ونشاطها التكتوني. يأمل الباحثون في أن يُمهّد اكتشافهم لتحليلات مفصّلة مستقبلاً حول الهياكل الجوفية التي تختبئ في مناطق اندساس أخرى.


MISS 3