جاد حداد

Trust No One: The Hunt for the Crypto King... وثائقي لا يُقاوَم

11 نيسان 2022

02 : 00

يعرض الفيلم الوثائقي Trust No One: The Hunt for the Crypto King (لا تثقوا بأحد: مطاردة ملك العملات الرقمية) قصة منصة QuadrigaCX التي كانت متخصصة بتبادل العملات الرقمية لكنها انهارت بالكامل من دون سابق إنذار. كان مؤسّسها جيرالد كوتين رجلاً محبوباً وساذجاً، لكنه توفي فجأةً في الهند فعجز الناس بعد موته عن الوصول إلى أموالهم التي بلغت قيمتها مئات ملايين الدولارات. شعر المستثمرون بسخط عارم، وتدمرت حياة الكثيرين منهم، ولم تتضح ملابسات القضية بالكامل بل انتشرت نظريات متنوعة حول كوتين: هل تعرّض للقتل؟ هل سرق الأموال وزيّف موته؟ هل لا يزال على قيد الحياة اليوم بعد تغيير شكله عن طريق الجراحة ويقيم في جزيرة خاصة؟


هذه القصة تشكّل مادة دسمة لإنتاج عمل تلفزيوني ناجح. يصيب هذا الوثائقي الهدف بوتيرة تدريجية، فيتحول بعد مرحلة معينة إلى شبكة من الأحداث الغامضة والمشوّقة. تتمحور القصة حول العملات الرقمية، ولا يزال هذا الموضوع غامضاً بما يكفي لإرباك معظم الناس. يعرض الفيلم أيضاً تفاصيل التحقيق بالقضية، فيراجع الحسابات بدقة تمهيداً للكشف عن سر معقد. كذلك، يتطرق العمل إلى مخاطر المؤامرات على شبكة الإنترنت، وتتضح أضرارها عبر شهادة رجل يضع قناعاً هندسياً على شكل وجه ثعلب لإخفاء هويته.

ينجح الفيلم في تحقيق جزء كبير من أهدافه، فهو اختار في المقام الأول التطرق إلى الموضوع المناسب. توفي كوتين في نهاية العام 2018، وكانت قصته استثنائية لدرجة أن تُحدِث ضجة كبرى ومستمرة. صدر عدد هائل من التقارير الإخبارية والمقالات حول هذه القضية، وتحولت القصة إلى فيلم وثائقي في السنة الماضية بعنوان Dead Man’s Switch: A Crypto Mystery (مسار رجل ميت: لغز التشفير). عرضته قناة CBC في كندا وخدمة Discovery+ في الولايات المتحدة. كذلك، كانت وفاة كوتين محور مسلسل من ستة أجزاء نُشر على شكل تدوين صوتي بعنوان A Death in Cryptoland (موت في أرض العملات الرقمية).


مع ذلك، يحمل الفيلم الجديد جانباً ممتعاً وجديداً. ربما يتعلق السبب بترك النهاية مفتوحة على مستويات عدة. تفشل أسوأ الأعمال الوثائقية المرتبطة بالجرائم الحقيقية (تصل نسبتها إلى 75% من مجموع الأفلام الوثائقية المعروضة) في ترسيخ نجاحها لأن جميع المعلومات التي تعرضها موجودة في أماكن أخرى، ما يعني أن المشاهدين يستطيعون نفي معظم الأفكار المطروحة خلال ثوانٍ معدودة عند القيام ببحث مكثف على محرك «غوغل». وصلت قضية QuadrigaCX إلى نهاية معيّنة، لكن لا تزال حياة من خسروا أموالهم مدمّرة، ولن يرتاح الكثيرون قبل نبش جثة كوتين.

كان منتجو الفيلم الجديد أذكياء بما يكفي حين قرروا تسليط الضوء على سهولة تصديق هذا النوع من الأفكار السحرية. حين يعرض الحالة الجنونية التي وصل إليها عالم البيتكوين للمرة الأولى، حيث يتحول المستثمرون المتنافسون إلى أصحاب ملايين بين ليلة وضحاها، يبلغ التشويق أعلى مستوياته. وعندما ينهار هذا السوق بعد فترة قصيرة، سيفهم المشاهدون إلى أي حد يبقى هذا النظام هشاً ويتعاطفون مع المتضررين حين يطلقون محاولات يائسة لاسترجاع ما كانوا يملكونه. يختصر مستثمر كان قد خسر جميع مدخراته بسبب QuadrigaCX فحوى القصة بأفضل طريقة. هو يجلس في غرفة أصغر بكثير من المكان الذي كان يتوقع امتلاكه بحلول هذه المرحلة ويتنهد قائلاً: «لا أحد يتحلى بالصبر الكافي للاغتناء تدريجاً».


أخيراً، اختار صانعو العمل مدة العرض المناسبة لسرد هذه القصة. ربما فكّر المنتجون في البداية بتطبيق النزعة السائدة اليوم وعرض قصة كوتين على شكل مسلسل مبهم ومتعدد الأجزاء، لكنهم فضّلوا في النهاية حصر الأحداث في تسعين دقيقة. تتلاحق تفاصيل القصة بوتيرة سريعة لدرجة أن يتابع المشاهدون التطورات دفعةً واحدة حتى النهاية. هذا النموذج المختصر يناسب هذه الفئة من الأعمال، ويُفترض أن تلتزم المشاريع الأخرى بالصيغة نفسها.


MISS 3