إيفون أنور صعيبي

خطوة تسويقية إعلامية تراهن على استسلام الشارع

الورقة الإصلاحية "ثرثرة" لشراء الوقت

22 تشرين الأول 2019

01 : 30

الانتفاضة الفرصة الوحيدة لإنهاء نفاق السلطة المتحكّمة إلى غير رجعة (رمزي الحاج)
ليست المسألة في الإصلاحات بل في "حاملها"، وعليه وبما أن من قدّمها فاقد للثقة وفاقد للشرعية بعدما قال الشعب كلمته، فإن هذه الإصلاحات "ساقطة". قالوا لنا إن السلطة تعمل على إيجاد تدابير تخلّص لبنان من نار الأزمة واستمهلوا الشارع 72 ساعة ووعدوا أن الحل آتٍ. لكن النتيجة كانت مخيّبة للآمال أما البنود المقترحة والتي قيل إنها إصلاحية فمجرّد ثرثرة لا قيمة لها، لا سيما وأنها تحتاج، فضلاً عن الإرادة السياسية الصادقة، إلى تعديل بعض القوانين ووقت غير قصير لا تسمح به الظروف الضاغطة حالياً على الليرة والوضعين المالي والنقدي...


لا تعكس العناوين المطروحة من قبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري مضمون الورقة التي تلاها الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّه والتي لم تعطِ الإصلاحات الأولوية الموعودة. وعَدَنا الحريري، وحكومته الميمونة، بأمور كثيرة كما وبخفض العجز الى صفر بالمئة. فكيف لذلك أن يتمّ من دون التلاعب بالارقام، فيما يبقى الجرح النازف للاقتصاد (فوائد السياسة النقدية) التي خرجت عن السيطرة؟ وكيف ستنجح الحكومة بخفض العجز من دون التطرق الى خفض نفقاتها "الهستيرية"؟

من هذا المنطلق تبقى "ورقة الحريري" خطوة تسويقية اعلامية أقرب الى الفولكلور منها الى الواقع، وليست سوى وسيلة لشراء الوقت والمراهنة على استسلام الشارع. وهكذا تمرّ الصفقات والتلزيمات في قطاع الكهرباء قبل موعد الاصلاحات وقبل تعيين أعضاء الهيئة الناظمة...

من هذا المنطلق كيف يمكن أن نستبشر خيراً من التركيبة الحكومية الناجمة عن التحالفات السياسية عينها؟ وكيف نتوقّع منها أن تُحدث تغييراً حقيقياً فيما لم تتبدّل المعطيات وتتوفّر سبل ومصادر دعم جديدة تساهم في معالجة الأزمة المالية ؟!

أوراق إصلاحية "بالجملة"

في اتصال مع "نداء الوطن" يوضح عضو كتلة "الكتائب" النائب الياس حنكش ان"المشكلة لم تعد تقتصر على مضمون الورقة الاصلاحية وإنما في الثقة التي اصبحت السلطة الحاكمة تفتقر إليها. لبنان ليس بحاجة الى المزيد من الاوراق الاصلاحية، فمنذ أسابيع دعت بعبدا الى اجتماع اقتصادي طارئ أنتج "ورقة اقتصادية"، وقبل ذلك، أقرّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضاً "ورقة اقتصادية" وقد وافقت عليها كل الاحزاب. الى ذلك أقرّت لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية بدورها ورقة اقتصادية انقاذية. لكن اللافت، أن أياً من التدابير الواردة في هذه الاوراق قد نُفّذ. لم يعد ينقص البلاد اوراقاً اصلاحية بل ما نحتاج اليه في الواقع هو النيّة في التطبيق". ويضيف: "في ما خص خفض العجز، فقد اعتدنا على انعدام المصداقية والشفافية في الارقام. قالوا لنا إن موازنة 2018 ستخفض العجزالى 7% الا ان الوعود هذه بقيت حبراً على ورق. لذا، ومهما اتخذوا من اجراءات، فان توقعاتهم لن تتحقق. نحن بحاجة ماسة الى حكومة تكنوقراط انقاذية تكون منفصلة عن الصراعات السياسية الداخلية، لوقف الانحدار الاقتصادي والمالي المستمر منذ حوالى 5 أعوام".

ويتابع: "لخفض العجز الى 0%، يجب ضبط الهدر من جوانبه كافة، ولجْم حجم القطاع العام الذي يستنزف ايرادات الدولة اللبنانية والذي تُعَدّ حوالى 30% من وظائفه وهمية. ومع ذلك عمدت السلطة عينها التي تعدنا بالاصلاح اليوم الى توظيف قرابة 5000 شخص قبيل الانتخابات النيابية الاخيرة فكيف تعمل هذه السلطة على وضع حدّ للتوظيف العشوائي؟".

ويشدّد على أن "اجراءات الوصول الى صفر بالمئة عجز معروفة، وهي تبدأ باعتماد سياسات تقشفية فعلية بعيداً من جيوب المواطنين ومن دون التطاول على المصارف التجارية وإلزامها تغطية تكلفة فشل هذه السلطة والتي تزيد من الانكماش، ولا تنتهي عند ايجاد حل لمعضلة الكهرباء كما وللمعابر غير الشرعية والتهرّب الضريبي الناجم عن انعدام الثقة بالدولة ومؤسساتها.

لبنان اليوم بحاجة الى التعاقد مع شركة تدقيق عالمية ( Audit) للتدقيق بحسابات الدولة كافة".

لا تبرير للفوائد العالية

من جهته يقول الاقتصادي ايلي يشوعي: "إن تعريف خفض العجز في الموازنة هو خفض الانفاق وليس زيادة الواردات الذي يتحقق من خلال مكافحة التهرّب الضريبي وتحقيق المساواة والعدالة الضريبية. في زمن الانكماش وزمن نسب نمو سلبية لا يمكن زيادة الضرائب. تتحقق الخيارات الأخرى التي يمكن للحكومة الاستفادة منها من خلال تحصيل الدولة كامل حقوقها الضريبية وحقوق املاكها العامة بالإضافة الى خفض الانفاق وإعادة النظر بحجم القطاع العام، من دون ان ننسى نسب الفوائد فلا يتحجّجنّ أحد بالتصنيفات السلبية لتبرير فرض هكذا نسب فوائد عالية".

كرّست "ورقة الحريري" المحاصصة قبل الاصلاح معتمدة النهج عينه في "التذاكي" على الشعب والتحايل على القوانين. أما الانتفاضة... ففرصة وحيدة لإنهاء هذا النفاق الى غير رجعة.


MISS 3