جاد حداد

هل تكبح الأدوية الالتهاب المزمن؟

9 أيار 2022

02 : 00

تتعدّد الأمراض التي تترافق مع التهاب مزمن، ما يعني تنشيط جهاز المناعة بشكلٍ دائم. رغم وفرة الأدوية التي تُخفف الالتهاب الحاد وقصير الأمد (مثل نوبات النقرس)، لا تسمح تلك الأدوية بالوقاية من الالتهاب المزمن ولا يدرك البعض هذه الحقيقة. يقول الدكتور روبرت شميرلينغ، اختصاصي في أمراض الروماتيزم والمحرر الطبي لتقرير "هارفارد" الصحي الخاص، "محاربة الالتهاب": "يقول لي المرضى إنهم يقرؤون طوال الوقت أن الالتهاب قاتل ويطلبون علاجاً له. تكثر المفاهيم الخاطئة حول هذا الموضوع".

ما معنى الالتهاب؟

حين يتنبّه جهاز المناعة إلى وجود ضرر أو خطر في الجسم (عدوى أو إصابة)، يرسل الخلايا لمحاربة الميكروبات الغازية وتنظيف المخلفات وإطلاق عملية التعافي. تُسمّى هذه الاستجابة "الالتهاب الحاد" وتكون موَقتة. لكن تستمر تلك الاستجابة المناعية لفترة طويلة أحياناً، ما يؤدي إلى تضرر جزء محدد من الجسم. قد ينجم هذا الالتهاب المزمن عن عدد من الأمراض الالتهابية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي (يهاجم بطانة المفاصل) أو مرض التهاب الأمعاء (يهاجم بطانة الجهاز الهضمي).

كذلك، قد يشتق الالتهاب المزمن من أسلوب الحياة غير الصحي (قلة حركة، التدخين، حمية غير صحية، النوم لمدة غير كافية، الإفراط في شرب الكحول، ضغط نفسي متواصل). هذه العادات تزيد حدّة الالتهاب في أنحاء الجسم وتؤثر على نشوء الزهايمر وأمراض القلب والسكري.

أدوية فاعلة

تتعدد الأدوية التي تسيطر على الأمراض الالتهابية، أبرزها ما يلي:

مضادات الالتهاب غير الستيرويدية: قد تكون هذه الأدوية من نوع الإيبوبروفين (أدفيل، موترين)، وهي تكبح عناصر البروستاغلاندين التي تؤجج الالتهاب. قد تحتاج إلى الإيبوبروفين لمعالجة التهاب المفاصل الروماتويدي، لا سيما إذا كنت تنتظر أن تعطي أدوية أخرى مفعولاً أفضل أو تحاول اختيار الأدوية المناسبة في حالتك. لكن قد تُسبب مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مشاكل مثل قرحة المعدة والنزيف والنوبات القلبية، لا سيما عند أخذها لفترة طويلة.

الستيرويدات القشرية: إنها مضادات التهاب قوية جداً، منها البريدنيزون، وهي تمنع جهاز المناعة من التسبب بالالتهاب. يُفترض أن تُؤخَذ هذه الأدوية عن طريق الفم أو عبر حقنة لمعالجة الالتهاب الذي يظهر في أي مكان، بما في ذلك القلب، والرئة، والقدم (كما يحصل عند الإصابة بداء النقرس)، والجهاز الهضمي (لاستهداف أعراض مرض التهاب الأمعاء). يمكنك أن تتلقى أيضاً حِقَناً ستيرويدية في المفاصل لكبح نوبات التهاب المفاصل. قد تترافق الستيرويدات مع آثار جانبية مثل اكتساب الوزن، وترقق العظام، والتقلبات المزاجية. لهذا السبب، من الأفضل أن يبقى استعمالها موَقتاً.

مثبطات المناعة: تشمل هذه الأدوية الميثوتريكسات (روماتريكس، تريكسال) أو التوفاسيتينيب (زيلجانز)، وهي عناصر كيماوية تقمع الاستجابة المناعية عبر كبح إنتاج المواد الالتهابية. هذه العملية قد تبطئ أو توقف الأضرار الجسدية الناجمة عن أمراض متنوعة مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض التهاب الأمعاء، وداء الذئبة، والصدفية. لكن تُضعِف هذه الأدوية قدرة الجسم على محاربة العدوى، لذا يجب أن يخضع مستهلكوها لمراقبة حذرة.

البدائل الحيوية: تُعطى هذه الأدوية على شكل حِقَن أو مصل، وتقمع جهاز المناعة بطريقة مستهدفة أكثر من معظم مثبطات المناعة. تتعدد الأنواع المتاحة، منها أداليموماب (هوميرا) وإنفليكسيماب (ريميكاد) وإيتانيرسيبت (إنبريل). تشتق البدائل الحيوية من خلايا حية، وهي مبرمجة كي تستهدف وتعيق بروتينات محددة أو خلايا مرتبطة بالالتهاب. تفوق فاعليتها مثبطات المناعة لأنها أكثر انتقائية منها. لكنها تزيد أيضاً مخاطر العدوى، لذا يجب أن يخضع المريض لمراقبة حذرة خوفاً من إصابته بالتهاب تزامناً مع أخذ هذه الأدوية.


مقاربات أخرى 



قد تكون معالجة السبب الكامن وراء الالتهاب بالغة الأهمية. يؤدي أخذ الأدوية لتخفيض مستويات حمض اليوريك في الدم أحياناً إلى تراجع البلورات التي تصل إلى المفاصل، ما يعني انحسار نوبات النقرس.

أخيراً، احرص على تحسين أسلوب حياتك لإخماد الالتهاب المزمن. قد لا تكون هذه الخطوة علاجاً بحد ذاته، لكنها أفضل مقاربة وقائية لمساعدة الناس على تجنب الالتهاب المزمن ومضاعفاته. إنها طريقة غير مكلفة ولا تترافق مع آثار جانبية. حتى أبسط التعديلات، مثل تخفيف استهلاك المنتجات المُصنّعة وتخصيص 10 دقائق للمشي يومياً، قد تُحدِث فرقاً واضحاً.