بعد اعتراف مجلس النوّاب الأميركيّ بـ"الإبادة الأرمنيّة"

يريفان تشكر واشنطن... وأردوغان: لا قيمة للقرار!

02 : 36

"الإبادة" محفورة في وجدان الشعب الأرمني الذي يسعى إلى نيل حقوقه (أ ف ب)

في خطوة تاريخيّة لاقت ترحيباً في أوساط الجاليات الأرمنيّة من حول العالم، تبنّى مجلس النوّاب الأميركي قراراً بالاعتراف رسميّاً بـ"الإبادة الجماعيّة للأرمن"، فيما سارعت أرمينيا إلى شكر الولايات المتّحدة الأميركيّة على "التصويت التاريخي"، فقد رحّب رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في تغريدة على "تويتر" بهذا "التصويت التاريخي"، معتبراً أن هذا القرار "خطوة جريئة على طريق الحقيقة والعدالة التاريخيّة، تجلب أيضاً الراحة لملايين من أحفاد الناجين من الإبادة الأرمنيّة". كما أكّدت وزارة خارجيّة أرمينيا في بيان أن يريفان "تُعبّر عن شكرها العميق لأعضاء مجلس النوّاب على تصويتهم المثير للإعجاب، لأنّهم برهنوا على وفائهم الذي لا ينتهي للحقيقة والعدالة والإنسانيّة والتضامن والقيم العالميّة لحقوق الإنسان". كذلك عبّر مواطنون عاديّون في شوارع يريفان عن شعور مماثل.

من ناحيته، انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اعتراف مجلس النوّاب الأميركي بـ"الإبادة الأرمنيّة"، ووصفه بأنّه "لا قيمة له ولا نعترف به وأكبر إهانة للشعب التركي"، واعتبر أن تصويت مجلس النوّاب كان مسيّساً، ملمّحاً إلى أن البرلمان التركي سيطرح قراراً مضاداً، في حين أشار وزير الخارجيّة التركي مولود تشاوش أوغلو إلى أن "مجلس النوّاب الأميركي يُحاول الانتقام بسبب الاتفاقات التي وقعناها مع واشنطن وموسكو"، في شأن انسحاب مقاتلي "قسد" من سوريا.

واعتبرت الخارجيّة التركيّة في بيان أنّه "خطوة سياسيّة لا معنى لها"، محذّرةً من أنّه يُمكن أن يضرّ بالعلاقات بين البلدَيْن في وقت حسّاس للغاية للأمن الدولي والإقليمي. وأبدت اعتقادها بأنّ "الأصدقاء الأميركيين لتركيا الداعمين لاستمرار التحالف والعلاقات الودّية سيقومون بالمحاسبة على هذا الخطأ الفادح وسيُحاكم ضمير الشعب الأميركي المسؤولين عن القرار". كما استدعت الخارجيّة التركيّة سفير الولايات المتّحدة في أنقرة ديفيد ساترفيلد.

وعلا التصفيق والهتاف عندما أقرّ مجلس النوّاب الأميركي قرار الاعتراف رسميّاً بـ"الإبادة الجماعيّة للأرمن"، بأكثريّة 405 أصوات مقابل 11، وهي المرّة الأولى التي يصل فيها مثل هذا القرار للتصويت في الكونغرس بعد محاولات عدّة سابقة. وأشارت رئيسة مجلس النوّاب نانسي بيلوسي إلى أنّها تشرّفت بالانضمام إلى زملائها في "إحياء ذكرى إحدى أكبر الفظائع في القرن العشرين: القتل المنهجي لأكثر من مليون ونصف المليون من الرجال والنساء والأطفال الأرمن على يد الأمبراطوريّة العثمانيّة". ولفتت بيلوسي في تعليقات جريئة في مجلس النوّاب إلى أن حقيقة "الجريمة الصادمة" قد تمّ إنكارها في أحيان كثيرة. وقالت: "اليوم دعونا نذكر بوضوح الحقائق في هذا المجلس، ليتمّ حفرها إلى الأبد في سجلّ الكونغرس: الهمجيّة التي ارتُكبت بحق الشعب الأرمني كانت إبادة جماعيّة".

كذلك أتبع النوّاب الأميركيّون الغاضبون، الاعتراف بـ"الإبادة الأرمنيّة"، بصفعة مدويّة ثانية لأنقرة، من خلال تمرير قانون يفرض عقوبات عليها بسبب عمليّتها العسكريّة في شمال سوريا. ويفرض هذا القانون، الذي تقدّم به نوّاب ديموقراطيّون وجمهوريّون، عقوبات على كبار المسؤولين الأتراك الضالعين في قرار الهجوم العسكري، وأيضاً على مصرف تركي يرتبط بعلاقات وثيقة مع أردوغان، كما أنّه يطلب من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب معاقبة أنقرة لحيازتها نظام دفاع صاروخي روسي الصنع.

وفي 2017، انتقد الرئيس الأميركي الجديد حينها دونالد ترامب عمليّات القتل التي تعرّض لها الأرمن، باعتبارها "واحدة من أسوأ الفظائع الجماعيّة في القرن العشرين". لكن تمشياً مع السياسة الأميركيّة منذ أمد طويل، لم يستخدم كلمة "إبادة". وقبل انتخابه في 2008، تعهّد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالاعتراف بالإبادة الجماعيّة للأرمن، لكنّه لم يُنفّذ وعده خلال ولايتَيْه الرئاسيّتَيْن. وهناك بين 500 ألف و1.5 مليون أميركي من أصل أرميني، بحسب تقديرات غير رسميّة. ويؤكّد مؤرّخون ومتابعون للقضيّة الأرمنيّة أن القتل الجماعي الممنهج الذي مارسته الأمبراطوريّة العثمانيّة بحقّ الشعب الأرمني بين عامي 1915 و1917 يرقى إلى مصاف "الإبادة الجماعيّة".


MISS 3