جاد حداد

علماء يستأصلون سرطان الكبد بموجات صوتية

21 أيار 2022

02 : 00

أثبتت تجارب علمية على جرذان مصابة بسرطان الكبد فاعلية علاج مدهش وغير غازي. استخدم العلماء موجات فوق صوتية مُركّزة لتدمير حتى 75% من كتلة الورم في الكبد. كذلك، يبدو أن هذا العلاج يدفع مناعة الجرذان إلى إنهاء المهمة والقضاء على الأجزاء المتبقية من الورم.

في 80% من الحالات، قضى العلاج على السرطان ولم تبرز أي مؤشرات على انتشار أورام نقيلية في مناطق أخرى أو تجدّد المرض خلال ثلاثة أشهر من المراقبة.

تحمل هذه التقنية اسم "تفتيت الأنسجة" (Histotripsy)، وهي تخضع راهناً لتجارب على بشر مصابين بسرطان الكبد.

يقول مهندس الطب الحيوي، تيجاسوي ورليكار، من جامعة "ميشيغان": "تفتيت الأنسجة خيار واعد لأنه يتجاوز قيود تقنيات الاجتثاث المستعملة راهناً ويسمح باستئصال أورام الكبد بطريقة آمنة وفاعلة وغير غازية. نأمل في أن تُشجّعنا المعلومات التي نجمعها من هذه الدراسة على إجراء أبحاث أولية وتجارب عيادية حول تقنية تفتيت الأنسجة مستقبلاً، تمهيداً لبلوغ مرحلة تسمح لنا باستخدام هذا العلاج لاستهداف سرطان الكبد".

تطورت تقنية تفتيت الأنسجة في جامعة "ميشيغان"، ويبدو أنها أداة واعدة للمصابين بواحد من أخطر أشكال السرطان: يبقى معدل نجاة مرضى سرطان الكبد خلال فترة خمس سنوات أقل من 18% في الولايات المتحدة اليوم.

تستخدم التقنية الجديدة مُحوّل طاقة يعمل بالموجات فوق الصوتية، لكنه لا يتعمق في الهياكل الداخلية لتصوير المنطقة المستهدفة بل يهدف إلى كبح الأورام السرطانية بطريقة ملموسة.

يرتكز هذا العلاج على تقنية التجويف بالموجات فوق الصوتية، بما يشبه المقاربة المستعملة لتفتيت الخلايا الدهنية بطريقة غير غازية خلال علاجات إنقاص الوزن. تستهدف الموجات فوق الصوتية المنطقة التي تحتاج إلى علاج، وتنتج الذبذبات فقاعات ضئيلة في النسيج المستهدف. وعندما تتلاشى الفقاعات أو تنفجر، يتمزق النسيج ويقضي على ذلك الجزء من الورم.

لا يمكن استهداف الورم كله في معظم الحالات، وتؤثر وضعية الكتل وحجمها ومرحلة تطور المرض على خيار استخدام تقنية تفتيت الأنسجة لاستهداف كامل الورم.

لكن حتى العلاج الجزئي أدى إلى انحسار الورم كله لدى 81% من الجرذان التي تلقّت العلاج. في المقابل، تطوّر الورم لدى جميع القوارض في المجموعة المرجعية.

تقول مهندسة الطب الحيوي، تشن شو، من جامعة "ميشيغان": "يبث مُحوّل الطاقة نبضات عالية السعة من الموجات فوق الصوتية بوحدة الميكرو ثانية. تُسمّى هذه العملية "التجويف الصوتي"، وهي تُركّز على الورم لتفكيكه. وحتى لو لم نستهدف الورم كله، يمكننا أن نقلّص حجمه ونُخفّض احتمال انتشاره إلى مناطق أخرى مستقبلاً".

لتحقيق هدف العلاج في هذه الدراسة، زُرِع سرطان الكبد لدى 22 جرذاً مخبرياً. استُعمِل نصف القوارض كمجموعة مرجعية، وعولج النصف الآخر عبر تقنية تفتيت الأنسجة التي استهدفت بين 50 و75% من حجم الورم.

كذلك، عولجت ثلاثة جرذان أخرى بدرجة أقل، واستهدف تفتيت الأنسجة في هذه الحالة 25% فقط من حجم الورم.

بعد العلاج، نفقت الجرذان عن طريق الموت الرحيم وتم تشريحها لتحديد نسبة نجاح العلاج. بحث العلماء عن مؤشرات على تطور المرض أو انتشار أورام نقيلية أو أي آثار مناعية.

كان مسار المرض في المجموعة المرجعية سيئاً، فقد رُصدت مؤشرات على تطور المرض وانتشار الأورام النقيلية لدى الجرذان الأحد عشر. خلال فترة ثلاثة أسابيع، بلغت الأورام أقصى حجم تسمح به البروتوكولات الأخلاقية ونفقت الحيوانات عبر الموت الرحيم.

لكن حققت الجرذان التي تلقّت العلاج نتائج أفضل بكثير. لم يستمر العلاج بلا تعقيدات أو آثار جانبية فحسب، بل انحسرت الأورام لدى معظم الجرذان (9 من أصل 11)، ولم يظهر الورم مجدداً في هذه المجموعة خلال بقية مدة الدراسة، أي حوالى 10 أسابيع.

كانت دراسات سابقة حول تقنية تفتيت الأنسجة قد أثبتت فاعلية هذا العلاج لتقليص حجم الأورام. لكن يكشف البحث الجديد أنه يزيد فرص النجاة بعد العلاج أيضاً.

يكتب الباحثون في تقريرهم: "تثبت هذه الدراسة قدرة تفتيت الأنسجة على استئصال الأورام بطريقة غير غازية ومنع تطور الكتل الموضعية وانتشارها في مناطق أخرى. وحتى الاجتثاث الجزئي سمح بتقليص حجم الورم الموضعي لدى 9 جرذان من أصل 11، ولم يتجدد الورم أو ينتشر في الجسم بحلول نهاية الدراسة، أي بعد مرور 12 أسبوعاً، كما توضح نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي وتحليلات الأنسجة. تثبت هذه الملاحظات أن تقنية تفتيت الأنسجة قد لا تزيد خطر انتشار الأورام الخبيثة بعد الاجتثاث مقارنةً بالمجموعة المرجعية. ستتابع الدراسات المستقبلية استكشاف فاعلية تفتيت الأنسجة وأمانه وآثاره البيولوجية تمهيداً لاستعماله على نطاق عيادي أوسع".

نُشـــرت استنتاجـــات الدراســـة في مجلة "السرطان".


MISS 3