طوني كرم

وضاح الصادق: وضعنا أول حجر والثورة مستمرة

إرادة الشعب "تحرّر" البرلمان... والعِبرة في الأداء!

24 أيار 2022

02 : 00

كَسَر اللبنانيون حاجز الخوف والإستئثار بمؤسسات الدولة وقراراتها في صناديق الإقتراع، ليكسروا معه «السلطة الحاكمة» وقدرتها على إعادة تعويم نفسها والإلتفاف على إرادتهم ومصادرة حقهم بإعادة إنتظام عمل المؤسسات بما يرعى مصالحهم ويضمن لهم أبسط مقومات العيش الكريم.

وفي محاولةٍ لإستيعاب الحالة الإعتراضية التي افرزتها الإنتخابات النيابية، بعد الممارسات الشاذة التي سيقت بحق المواطنين التواقين إلى التغيير منذ تشرين 2019، اصدر الرئيس نبيه بري توجيهاته أمس للبدء برفع الإجراءات وتخفيف التدابير التي كانت متخذة سابقاً حول المجلس النيابي، والتي حالت دون ايصال المتظاهرين إلى ساحة النجمة قبل أن تُشرّع لهم الأبواب للدخول معززين مكرمين محصنين بإرادة وثقة الناخبين لتمثيلهم في الندوة البرلمانية.

وإن كان قرار فكّ الحصار عن المجلس يأتي نزولاً عند إرادة المواطنين، إلّا أن العبرة تكمن في تغيير أداء السلطة التشريعية وتفعيل عملها الرقابي والتشريعي لإعادة الحياة إلى قلب بيروت النابض. ويؤكد الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك لـ «نداء الوطن» أن العبرة تكمن في احترام القوانين بعيداً عن الممارسات المتبعة في الرئاسة الثانية وتعامل الرئيس نبيه بري مع البرلمان وكأنه مقاطعة تابعة له بعيداً عن احترام الدستور والقوانين.

مالك الذي رأى أن فك الحصار عن مجلس الشعب قرار مرحب به، أشار إلى أن الرئيس نبيه بري اليوم هو نائب كسواه من النواب لا يمتاز عنهم إلا بصفته رئيس السنّ، مشدداً على أن تلك الصفة، لا تخوله إعطاء تعليمات أو توجيهات أو إصدار قرارات أو تعاميم على الإطلاق، مؤكداً أنه كان من المرحّب أن يصدر هذا القرار قبل انتهاء ولاية مجلس النواب، وليس بعد انتهاء هذه الولاية وشغور سدة رئاسة مجلس النواب. وعن بقاء الرئيس في مقر الرئاسة الثانية، أوضح أن وجوده في عين التينة من الناحية القانونية يعود لكونه رئيس السنّ، ما يمكّنه من اشغال الموقع حتى انتخاب رئيس، لتنحصر صلاحياته في دعوة مجلس النواب لانتخاب رئيس مجلس خلال 15 يوماً من تاريخ بدء ولاية المجلس.

لا يقتصر الحدث في بيروت عند فك الحصار عن مجلس النواب، إنما في عودة الحياة إلى وسط المدينة التي هجرها روادها كما المؤسسات والشركات العاملة فيها.

آثار الدمار التي خلفها تفجير مرفأ بيروت ما زالت على حالها منذ 4 آب 2020. مبانٍ مهجورة، والأضرار لا تحصى. نسأل أحد «مالكي» المباني المحيطة بالمجلس عن الجهة التي يمكنها تعويض جزء من الخسائر التي مني بها جراء تحويل المنطقة إلى مدينة أشباح هجّرت السياح والمستثمرين... يجيب «الله وحدو بعوّض». نسأل مجدداً بعد مشاهدة حجم الأضرار التي خلفها الإنفجار... يستطرد قائلاً: هل تم التعويض على الضحايا الذين خسرناهم؟ هل عوض أحدهم على خسارة المودعين جنى عمرهم في المصارف؟

في الجهة المقابلة يقف علي عبد الواحد أمام Place de l›Étoile، ومعه فريق يقوم بتقييم الأضرار في محاولة لإصلاح ما أمكن منها. بعد الترحيب، يقفل الباب أمام التعليق في السياسة قبل أن يشاركنا فرحه بما تنامى إلى مسمعه «إنو بركي هالبلد انشاءالله بيرجع»، أي وسط بيروت، حيث يستعد لإعادة ترميم المقهى الأعز إلى الكثيرين قائلاً: «لبنان ما بيموت».

لا تقتصر المشاهدات في ساحة النجمة على مخلفات الدمار والشوارع المهجورة والفارغة، ليطل النائب وضاح الصادق في زيارة تعارفية إلى المجلس النيابي، وساحة النجمة بحلتها الجديدة بعد أن كان يرتادها يومياً في طريقه إلى مكتبه في 2006. يقول الصادق لـ»نداء الوطن»، لطالما حاولت اجتياز الحواجز والجدران الإسمنتية للدخول إلى المجلس دون أن أتمكن من ذلك. ويضيف متوجهاً إلى المواطنين قائلاً: «حطينا أول حجر.. بدن يصبروا»، تم تدمير جزء كبير من البلد وهذا يتطلب الوقت الكافي لإعادة بنائه، مشدداً في الوقت نفسه على أن عملية البناء إنطلقت.

وتعقيباً على القرار بإزالة الحواجز بين المواطنين ونواب الأمة، رفض الصادق وضعها في خانة إحتواء «الثورة»، مشدداً في الوقت نفسه على أن القرارات التي تصب في مصلحة المواطنين يمكنها أن تحتوي أو تخفف من غضب الناس الذين «يموتون من الجوع». ورأى أن إزالة الحواجز هي بمثابة رسالة إلى المواطنين الذين إنتخبوا النواب الـ 128 واسترجعوا بأصواتهم المجلس النيابي الذي سوف يعمل لمصلحتهم.



النائب وضاح الصادق



وفي الموازاة، أكد الصادق أن وجودهم كنواب يمثلون الحالة الإعتراضية «الثورة» في المجلس لا يتعلق بالمراكز واللجان، إنما بهدف تحقيق المشاريع والأهداف والبرامج التي إنتخبوا على أساسها، مؤكداً أن البلد والحالة التي يمر بها المواطنون لا تحتمل المناكفات ولا النكد، ما يحتم عليهم الإنفتاح على الجميع ومدّ يدهم للتعاون مع جميع النواب المنتخبين بعيداً عن حصر أنفسهم في زاوية ترتدّ سلباً على المواطنين، وذلك إنطلاقاً من رؤيتهم لبناء البلد وخبرتهم الطويلة في كافة القطاعات ليختم قائلاً: «عم نقول للكل، كل شي بمصلحة البلد عم نكون عم نتعاون نحن واياهم عليه وكل شي بدو يمشي ضد مصلحة البلد رح نقول بقتال «لا»، وهون رح تكون الثورة على النمط السياسي الذي كانت تدار به المؤسسات».

من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية بسام مولوي، خلال إزالة الحواجز في محيط البرلمان، أنه «واجب علينا أن نستمع إلى صوت اللبنانيين، فبيروت مدينة الحياة والانفتاح وهي للجميع وليست مقفلة بوجه أحد». وأضاف، «تواصلت مع الرئيس بري، فمَن كان يتظاهر هنا أصبح داخل المجلس، ومعاً سنبني لبنان وكما نجحت الانتخابات وعبّر الناس عن أصواتهم نسمع جميعنا كدولة صوت الناس وننفذ لهم ما يريدون».

وكان رئيس المجلس النيابي السابق قد أبى الإستماع إلى الإحتجاجات في الشارع منذ تشرين 2019. وعمد إلى تحصين المجلس بالسواتر والحواجز في محاولة للتصدي للمواطنين التواقين إلى التغيير، لتتولى «القوى» المولجة حماية البرلمان إستخدام القوة والقنابل الدخانية مراراً وتكراراً لفضّ الإحتجاجات الهادفة إلى إقتحام المجلس النيابي والمطالبة باستقالة النواب بعد اسبوعين من الإحتجاجات والتظاهرات غير المسبوقة في لبنان والتي ادت إلى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الأول 2019.


MISS 3