جنى جبّور

"جدري القردة" في طريقه إلى لبنان... فهل نحن أمام سيناريو "كورونا" جديد؟

25 أيار 2022

02 : 10

عاجلاً ام آجلاً، سيصل جدري القردة الى لبنان الذي بالكاد التقط انفاسه بعد جائحة "كورونا"، ورغم انتشار اخبار تسجيل بعض الحالات فيه، الا انها لم تؤكد مخبرياً بعد، ما يتطلب منا التمتع بالوعي الكافي لمواجهة هذه المرحلة واعتماد الدقّة في نقل المعلومات الطبية، وتشخيص الحالات للحد من موجات الهلع غير الضرورية. وعلى الاثر، استفهامات كثيرة مرتبطة بهذا الفيروس تشغل عقولنا، والتي توضحها لنا الاختصاصية في الأمراض الجرثومية والمعدية جومانا كميد في هذا الحوار.



جدري القردة ليس بفيروس جديد... لماذا عاد الى الواجهة اليوم؟


ظهر جدري القردة للمرة الأولى في العام 1958 في مستعمرات القردة، من ثم رصد بين البشر لاول مرّة ايضاً في العام 1970، وهو منتشر بشكل دائم في مناطق وسط وغرب أفريقيا، في جمهورية الكونغو الديموقراطية مثلاً وجمهورية الكونغو ونيجيريا. أمّا اليوم فبتنا نرصد حالات جديدة خارج المناطق الموجود فيها، ما يفسر استنفار منظمات الصحة العالمية، ودق ناقوس الخطر بعدما تم تسجيل نحو 131 اصابة مؤكدة و106 حالات مشتبه بها في 19 دولة، حتّى كتابة هذه السطور.

مع الاشارة الى أنّ الفيروس الموجود في افريقيا يقسم الى عائلتين؛ الأولى موجودة في وسط أفريقيا وهي اشد خطورة من الثانية المنتشرة في غرب أفريقيا والتي تبين ان حالات الاصابة في البلدان غير الأفريقية تشبهها لحسن الحظ، حتّى اللحظة.





كيف ينتشر هذا الفيروس؟ وهل نحن أمام سيناريو "كوفيد" جديد؟

نتفهم خوف الجميع حالياً، ولكن جدري القردة لا يشبه فيروس "كوفيد"، لانه ثقيل ولا يتطاير بسرعة. وبحسب المعلومات العلمية المتوافرة حالياً والمرتكزة على تفاصيل الفيروس القديم، يمكن القول إنه لا ينتشر بسرعة أو بسهولة بل بالاحتكاك الحميم أو المباشر، أو عن طريق لمس الطفح الجلدي على جسم المصاب أو افرازاته المتمثلة باللعاب أو عبر السعال من مسافة قريبة جدّاً.

ماذا عن العوارض المحتملة؟


إرتفاع في الحرارة، ألم في الرأس، تعب، ألم على مستوى الرجلين، طفح جلدي على شكل فقاعات أو حبوب فيها ماء ودرن في مختلف الجسم. يمكن رصد هذا الفيروس من خلال فحص "PCR" مخصص لافرازات الطفح الجلدي واللعاب.

هذا الفيروس ليس خطيراً وفي معظم الحالات يشفى المصاب من تلقاء نفسه. ولكن الوضع جدّي أكثر بالنسبة لاصحاب المناعة الضعيفة، الأكثر عرضة للمضاعفات المختلفة وحتّى الموت.

هل الحجر ضروري؟


بالطبع، الحجر ضروري لكل مشتبه به أو مصاب للحد من انتشار الفيروس وانتقال العدوى. كذلك، عدم الاختلاط الزامي لكل من يحتك مباشرةً بالمصاب حتّى مع غياب العوارض، ولا سيما أنّ فترة حضانة الفيروس تمتد من 5 الى 21 يوماً، مع تقييمه طبياً يومياً لرصد أي عوارض محتملة وحجره في حال تأكيد اصابته. هذه هي توصيات منظمة الصحة العالمية حتّى الساعة، والتي يمكن أن تتبدل بحسب تطور الحالات في الأيام المقبلة.





معظمنا أصيب في طفولته بالجدري، فهل لدينا حماية من جدري القردة؟


يجب الفصل بين الحُماق أو جدري الماء (Varicella) الذي تقصدين أنّ غالبيتنا قد اصيب به، و الجدري (Smallpox) الذي اثبت التطعيم ضده فعاليته في الوقاية من جدري القردة، غير أن هذا اللقاح لم يعد يستعمل بعد أن أوقف التطعيم به عقب استئصال الـ"Smallpox" من العالم، وقد يكون الأشخاص فوق عمر الـ50 قد حصلوا عليه في الماضي. نذكّر انه يمكن اعادة العمل بهذا اللقاح ولا سيما بالنسبة للأكثر عرضة، ولكن هذه الخطوة ستقرر لاحقاً وفقاً للمستجدات الصحية.

ماذا عن العلاج؟هو موجود فعلاً في بعض البلدان بكميات محدودة. وفي حال انتشر هذا الفيروس بشكل أوسع من الطبيعي ان يتم تصنيعه بكميات كبيرة وفي وقت قياسي.

عند انتشار "الكورونا" اختلطت عوارض الفيروس التاجي بالرشح العادي بالنسبة للمرضى. فهل يمكن أن تتشابه عوارض فيروس آخر مع جدري القردة؟


نعم، أكثر من مرض جرثومي يسبب نفس العوارض، ولكن اذا ظهرت على من لم يسافر أو يختلط مباشرةً بأحد الوافدين من الخارج، فعندها لا داعي للهلع شرط التوجه عند اختصاصي التهابات جرثومية لتشخيص حالته. فالـ»كورونا» علمتنا أنّ الوعي اساسي لمواجهة الأمراض المعدية، لذلك يجب عدم تجاهل اي عارض من الآنف ذكره، وأن نكون في حالة تأهب قصوى، لرصد الحالات غير الطبيعية تماماً كما فعلت منظمة الصحة العالمية.





هل من خطة استباقية تمنع وصوله الى لبنان؟


رغم الحديث عن وصول حالات الى لبنان، الّا انه حتّى الساعة لا توجد اي حالة مؤكدة مخبرياً. وبطبيعة الحال سيصل جدري القردة الى لبنان عاجلاً أم آجلاً، كما وصل الى مختلف البلدان الأخرى.

من هنا ضرورة التمتع بالوعي الكافي للمواجهة بدل الاستلشاق، واعادة تعزيز عملية العزل في المستشفيات ومراقبة المحتكين بالمصاب وابلاغ وزارة الصحة لتأكيد الاصابة من عدمها، بهدف حماية مجتمعنا.

وأخيراً، اشدد على أنّنا حتّى الساعة لا نملك سوى المعلومات المبنية على جدري القردة المتعارف عليه سابقاً ونجهل ما اذا كان هذا الفيروس قد طور نفسه أم لا، وبالتالي نحن نحتاج الى دراسات معمقة أكثر والتي ستظهر في الأيام المقبلة في حال استمرار انتشار هذا الفيروس في مختلف انحاء العالم.


MISS 3