جاد حداد

Terminator: Dark Fate...نساء في مواجهة نهاية العالم!

4 تشرين الثاني 2019

00 : 18

تتولى "سارة كونور" (ليندا هاملتون) دور القيادة في هذا الجزء المألوف من سلسلة الرعب والتكنولوجيا الشهيرة، ويعود معها رفيقاها القديمان أرنولد شوارزنيغر وجيمس كاميرون.

كانت سلسلة Terminator عظيمة في الماضي، لكنها باتت ترمز في السنوات الأخيرة إلى الكائنات السيبرانية القاتلة التي اشتهرت بها: بعد تراجع الأرباح على شباك التذاكر ووفرة الانتقادات، أصبحت السلسلة تتكل على تلك الكائنات بشكلٍ أساسي مع كل جزء جديد. رداً على انخفاض العائدات، يحصر Terminator: Dark Fate (المدمّر: المصير المظلم) الأجزاء الثلاثة الماضية بجدول زمني بديل، ويشتق مباشرةً من أحداث Terminator (1984) و Terminator 2:Judgment Day(المدمّر 2: يوم الحساب) (1991) للمخرج جيمس كاميرون.


على أمل أن تنتهي خيبة أمل المعجبين بهذه السلسلة، يعود كاميرون بدور المنتج ويشارك في كتابة السيناريو، وتؤدي ليندا هاملتون دور "سارة كونور" الأسطورية بعد استراحة دامت 28 سنة. العمل من إخراج تيم ميلر الذي قدم في العام 2016 الفيلم غير التقليدي الناجح Deadpool (قائمة الأموات) من إنتاج "مارفل". في المُحصلة، يشبه هذا الجزء ثلاثية Star Wars (حرب النجوم)، ما يعني أنه عمل ترفيهي مألوف ومشابه للأفلام الشائعة منذ نهاية القرن العشرين، لكنه يحاول تجديد نفسه تزامناً مع الحفاظ على المعجبين بالعمل الأصلي.

يتماشى هذا الفيلم مع أجواء أول جزأين من حيث الحبكة (قاتل مدمّر من نوع الكائنات السيبرانية يعود من المستقبل بآلة السفر عبر الزمن للتخلص من تهديد معين، ويواجه محارِبة بشرية أكثر ضعفاً) وبنية التصوير (مشاهد حركة ومطاردات متقطعة وصولاً إلى مواجهة حاسمة). لكن يتراجع نطاق الإبداع بسبب تقديم مشاهد وصور مستوحاة من أفلام كاميرون (تقريب الكاميرا بشكلٍ فائق نحو زجاج السيارات الأمامي خلال المطاردات مستوحى بكل وضوح من Judgment Day).

لكن من الناحية الإيجابية، يقدم Dark Fate نظرة مختلفة عن هذه القصة التي تقيم توازناً بين الجنسَين. من المنعش أن نشاهد هاملتون (63 عاماً) بدور البطولة في فيلم حركة بهذه الضخامة، ويدعمها أداء قوي من ناتاليا رايس التي شاركت أخيراً في الفيلم الرائع Birds of Passage (طيور المرور) في العام 2018، وماكنزي ديفيس التي تضفي طابعاً حيوياً وقوياً على مشاهد القتال الصاخبة. كذلك، تبرز مؤشرات أخرى على تعديل القصة كي تناسب هذا العصر، منها التطرق إلى مسائل الهجرة والخضوع للمراقبة في السيناريو، فضلاً عن تحولات في الحبكة بما يشبه أعمال كريستوفر نولان.

على مر ستة أجزاء من سلسلة Terminator، تطورت إمكانات الكائنات السيبرانية القاتلة بدرجة هائلة، إذ يسعى كل جزء إلى التفوق على ما سبقه. في هذه القصة، تضفي شخصية العدو الشرير "ريف-9" (غابريال لونا بأداء خطير) أبعاداً مدهشة على الأحداث، فيبدو خصماً مذهلاً وصعباً. يقيم السيناريو التوازن اللازم لمواجهة هذه القوة الجارفة من دون إضعاف التشويق خلال المطاردة، فينشئ فريقاً من الخصوم الشائبين الذين يضطرون للتعاون لتحقيق الفوز.

أرنولد شوارزنيغر هو عضو في الفريق طبعاً. يعود هذا الممثل لأداء دوره الأسطوري: إنه النموذج التقليدي من شخصية "المدمّر" الذي يعيش صحوة ضمير في هذه القصة ويحاول التعويض عن ماضيه العنيف. يبدو أن مشاركة شوارزنيغر كانت شرطاً مسبقاً لعودة كاميرون، ولا شك في أن الفيلم زاد قوة لهذا السبب. لكن في بعض اللحظات، يقترب السيناريو من المحاكاة الساخرة على نحو خطير، ما يُذكّرنا بأفلام سابقة وأفكار فكاهية مبالغ فيها.

يشكّل نشوء حس أخلاقي لدى الكائن السيبراني الذي يؤدي دوره شوارزنيغر مثالاً على تراجع الخطوط الفاصلة بين البشر والآلات في Dark Fate. يشمل الفيلم أيضاً مجموعة بشر مُحسّنة من الناحية السيبرانية، ما يعني أنها تضاهي "المدمّر" من حيث القدرات الجسدية. في المقابل، يكشف "ريف-9" أحياناً خصائص من شخصية الجنين البشري. سبق واستكشف الفيلم المثير للاهتمام Terminator Salvation (إنقاذ المدمّر) (2009) والفيلم الكارثي Terminator Genisys (تكوين المدمّر) (2015) هذا الموضوع بطريقة تقنية، لكنه يستحق معالجة أكثر سلاسة في الأفلام المستقبلية.

في مطلق الأحوال، تبرز الحاجة إلى اتخاذ خطوات جريئة. قد يكون Dark Fate متقناً، لكن لا مغزى منه في نهاية المطاف!


MISS 3