طوني كرم

غياب الإندفاعة الحزبية والسياسية في تبنّي المرشحين بشكل مباشر

أطباء لبنان ينتخبون... والقطاع الصحّي "يُحتضر"!

28 أيار 2022

02 : 00

لائحة "النقابة تنتفض"

تشخص الأنظار إلى بيت الطبيب غداً مع توجّه الأطباء إلى المشاركة في انتخاب كامل أعضاء مجلس النقابة في توقيت دقيق من تاريخ لبنان الذي يشهد تحلّل ما تبقّى من قطاعاته الإنتاجية والصحية، في ظل غياب الإندفاعة الحزبية والسياسيّة عن الإنخراط بشكل مباشر في تبنّي المرشحين بعدما شكّلت الإنتخابات النقابية مؤشراً لقدرتهم على إثبات تواجدهم وتمثيلهم بين النخب في المجتمع. وتتزامن الإنتخابات هذا العام، مع تحلل ما تبقى من القطاع الإستشفائي، وهجرة عدد كبير من الأطباء الأكفاء ولجوء البعض الآخر منهم إلى خطوات تصعيدية في الشارع في ظل غياب الخطوات الإصلاحية المطلوبة من أجل إنقاذ ما تبقّى من القطاع الإستشفائي وضمان أبسط مقومات الحياة الكريمة للأطباء.

فرضت الظروف الصحيّة والسياسيّة تأجيل الإستحقاق مراراً منذ 2020، ليخوض اليوم الأطباء الإنتخابات من ضمن 3 لوائح تعكس الصورة الجديدة للتحالفات مع انضمام «قوى 17 تشرين» من خلال لائحة «النقابة تنتفض» برئاسة الدكتور جورج الهبر إلى مشهدية ما كان يُعرف بقوى 14 آذار التي تخوض الإنتخابات من ضمن لائحة «نقابيون مستقلون للتغيير» برئاسة الدكتور برنار جرباقة، في حين شكل التحالف التقليدي ما بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» لائحة «نقابتي حصانتي» برئاسة الدكتور يوسف بخاش.

إرتكز برنامج «النقابة تنتفض» المدعومة من الأندية العلمانية وبعض مجموعات «17 تشرين» على المطالبة بتأمين البطاقة الإستشفائية والدوائية لجميع المواطنين تحديداً في هذه المرحلة الصعبة، إلى جانب تأمين الضمان الصحي للأطباء، ليشكل التدقيق في صناديق النقابة أحد المطالب الإصلاحية الهادفة إلى تحرير النقابة من الفساد.

في حين تعتبر لائحة «نقابيون مستقلون للتغيير»، أن الإنتخابات فرصة من أجل الوصول إلى مجلس النقابة بما يخدم «الطبيب أولاً». وهي تهدف إلى الدفاع عن حقوق الطبيب القانونية والمالية والإدارية والمهنية، وتقديم الدعم التعليمي والتثقيفي الذي يحتاجه الطبيب، ما يؤدي إلى استنهاض النقابة واسترداد مكانة الأطباء ودورهم الريادي مجدداً في لبنان. وإن كانت تداعيات الإنهيار المالي تطال جميع اللبنانيين، إلا انها تؤدي إلى استنزاف الأطباء بعد هجرة ما يقارب 33 في المئة منهم لبنان. لذلك، تهدف اللائحة إلى إعادة تأمين الحماية والحصانة للطبيب، بما يتلاءم وظروف العيش الكريم له ولعائلته.

وعلى رغم اليأس، رأى المرشح لمركز النقيب الدكتور برنار جرباقة أنه من الواجب أن يقدّم الطبيب صورة المواجهة والصمود وهذا ما يمكن ترجمته من خلال المشاركة بكثافة في الإنتخابات غداً، وتحقيق التغيير المنشود. وعن التحالفات، إعتبر أنها تنطلق من رافعة جامعية تضم جميع كليات الطب في لبنان والمستشفيات الجامعية، وهي منفتحة على التعاون مع الجميع في كافة المناطق من أجل تحقيق المشاركة الفعلية في عمل النقابة، بعيداً عن الإنتماءات الحزبية، ليشكل ثوب الأطباء الأبيض اللون الطاغي على جميع الإنتماءات والولاءات الأخرى.

لا يُخفي جرباقة الطابع السياسي للإنتخابات، إلا أن لائحته المدعومة من مجموعة «اطباء القمصان البيض» و»الأحزاب السيادية»، تشدد على المطالبة بحريّة النقابة عبر الإلتزام بإجراء الإنتخابات في وقتها ومن دون تأجيل، واستقلالية النقابة عبر اتخاذ القرارات باستقلالية وبناءً لكفاءة الطبيب بعيداً عن التوجيهات الحزبية، وسيادة النقابة من خلال الدفاع عن الطبيب اللبناني كي يتمكن من ممارسة مهنته بعيداً عن الخطر.

وفي الموازاة، رأى المرشح لمركز النقيب الدكتور يوسف بخاش أن المشاورات غالباً ما تستمر حتى الساعات الأخيرة من أجل اتضاح صورة المعركة الإنتخابية على الرغم من عدم توفر الوقت الكافي من أجل التحضير لهذه الإنتخابات الفريدة في تاريخ النقابة والتي تتطلب انتخاب كافة أعضاء المجلس، بعد أن كان يتم التجديد للأعضاء عبر إنتخابات دورية لإنتخاب 4 أعضاء في السنتين الأولى والثانية على أن يتم إنتخاب 8 أعضاء في السنة الثالثة ومعهم النقيب. وعلى الرغم من التحضيرات التي تقوم بها لائحة «نقابتي حصانتي»، تخوّف بخاش من عدم تمكّن الأطباء من القيام بواجبهم النقابي عبر المشاركة في الإنتخابات، نظراً للظروف الإقتصادية الصعبة وغياب المواصلات وارتفاع تكاليف النقل، ما يعكس جوهر الأزمة الأساسيّة في البلد.

ففي حين ارتكزت برامج بعض المرشحين على الإصلاحات الإدارية والعلمية والتثقيفيّة داخل النقابة، أشار بخاش إلى أنه على الرغم من أهمية التطوير والإصلاحات، فإن الأساس يبقى في التصدي للإنهيار الإقتصادي السريع تحديداً بعد أن أتت نتائج الإنتخابات النيابية مغايرة للتوقعات في البلد، ما فاقم الإنهيار الإقتصادي وأدى إلى وضع القطاع الصحي في خطر انهيار تام. وهذا ما يعني أن مهمة النقيب والمجلس المنتخب ستكون أولاً الحفاظ على المجتمع الطبي، كي يبقى الطبيب صامداً في البلد.

علماً، أنه من أصل ما يقارب 13 ألف طبيب مسجل في نقابة الأطباء، سدد 9255 الرسوم المتوجبة عليهم للنقابة ما يسمح لهم بالمشاركة في الإنتخابات. في حين توقع المتابعون مشاركة ما بين 3000 إلى 3500 طبيب في إختيار 16 مرشحاً لعضوية مجلس النقابة، بالإضافة الى مرشحَين للمجلس التأديبي و3 مرشحين لصندوق التقاعد، و4 مرشحين لصندوق التأمين والإعانة.