شربل داغر

بين الغالبية العددية والغالبية السياسية

30 أيار 2022

02 : 00

تلاقي غالبيةُ المجلس النيابي الجديد غالبيةَ المجلس النيابي السابقة. تحافظ هذه على هذه الغالبية، وإن لم يبلغ عدد نوابها اكثرية اعضاء المجلس الجديد.

هذا الكلام قد يُفاجئ البعض، لكنه يصف واقع التكتلات الناشئة.

والدليل هو ان النواب "السياديين" و"التغييريين" (كما تجري تسميتهم، من دون اعتراض منهم) لا يتحدثون عن غالبيةٍ تجمعُهم، مع أن أعداد نوابهم تفوق العدد المطلوب. لماذا؟

يبدو ان التكتلات هذه ستُبقي على أحوال التخالف الاعتراضي بينها، بل ستزيد على الأرجح.

خصوصا من قبل النواب "التغييريين" الذين يَطلبون "تأكيد" مواقعهم؛ وهي مواقع نواب أفراد، مهما تحلقوا تحت تسميات طنانة ورنانة : سيَطلبون تحويل نجاحاتهم، المستندة إلى "مناخ تغييري"، إلى تكتلات سياسية وحزبية.

وهذا حقهم. وهذا سليم ديمقراطياً...

إلا أن هذا يعني أن شغلهم يستند او يتجه الى تحسين "الجهاز"، وإلى تأكيد مواقعهم، وخياراتهم؛ وهو ما لا يتم إلا بالتباين، بالتخالف، مع الأقربين. وهذا يسري على الخلافات -التي باتت عبثية- بين حزب "الكتائب" وحزب "القوات اللبنانية"...

الاكيد هو ان "حزب الله" لا يزال يتمتع بأغلبية، وإن كانت مضطربة، ودون المطلوب حسابياً.

الأكيد الآخر، ضمن العملية عينها، هو ان معارضي الحزب يشكلون أقليات، ليس إلا، وإن امتلكوا بمجموعهم اغلبيةً... عددياً.

هذا يعني ان استهدافات الخلافات ومحركاتها تبقى كيانية، إيديولوجية، في المقام الاول، وهي لا ترقى تماماً إلى خلافات برنامجية، سياسية.

يتمكن "حزب الله"، على الرغم من الخسارات الاكيدة، ومن تراجع "هيبته"،

من الحفاظ على موقع نافذ، يُضاف إلى احتياطي قوته، الماثل في سلاحه الذي بات مكشوفاً.

إلا أن اشتغال النصاب السياسي، كما يتجلى في المجلس النيابي الجديد، لا يلاقي تماماً مواجع الناس، غالبية الناس.

هي مواجع تُهدد اللبناني في قُوته، في مستوى معيشته، في جنى عمره، في مستقبل عيشه، في أفقِ نموٍ لبلده. وهي مواجع ملحة، ضاغطة، فيما نجد القوى السياسية كلها مشغولة أكثر بمواقعها، ما يجعل القوى "السيادية" و"التغييرية" تُشبه غيرها، أي مشغولة أكثر بمكاناتها، لا بأحوال اللبنانيين.

السؤال المضني: أليس في مقدور هذه القوى، حاملة هموم أكثرية اللبنانيين (لو جمعنا اصواتها وتطلعاتها)، ان تلتقي برنامجياً على هموم اللبنانيين الضاغطة، وان تعمل من اجل اصلاحات مالية واقتصادية، وأن تتوحد حولها، قبل تعديل الدستور او قانون الانتخاب او الزواج المدني وغيرها؟


MISS 3