يوسف مرتضى

كتلة 17ت تفرض إيقاعاً ديمقراطياً على الحياة البرلمانية

2 حزيران 2022

02 : 00

مع دخول كتلة قوى التغيير إلى البرلمان وعلى قلة عددها، بدأنا نشهد تغيراً جوهرياً في إدارة جلسات المجلس النيابي. انتهى عهد التعليب والمحاصصة، وانتهى عهد صدّق بلا عدّ ولا احتساب للأصوات.

أُكره رئيس السن نبيه بري وبطلب من النائبة بولا يعقوبيان على إعادة تلاوة ما جاء في الأوراق الملغاة التي دمغت بكلمة العدالة لضحايا انفجار المرفأ، لضحايا الثوار من تعنيف شرطة رئيس المجلس، العدالة للقمان سليم، العدالة للمودعين، العدالة للنساء المغتصبات، العدالة للمرأة المعنّفة، العدالة للجميع... هذه الأوراق أصابت رئيس السن بغصة، لذا أراد طمس مضمونها تجاه الرأي العام، انسجاماً مع سياساته والمنظومة الحاكمة الفاسدة في طمسها المتمادي لها بالواقع والفعل، حيث يستمر وزير المالية يوسف خليل بالامتناع عن توقيع مرسوم تعيين النيابات العامة التمييزية، ليعطل بذلك تشكيل مجلس القضاء الأعلى، ويثابروا على دورهم المشين في تعطيل العدالة بقضية انفجار المرفأ ومنع القاضي البيطار من متابعة تحقيقاته.

إن أكثرية الـ65 صوتاً التي فاز بها نبيه بري برئاسة المجلس وبو صعب بنيابته وآلان عون بأمانة سره، هي أكثرية هزيلة وغير ثابتة وسوف تكشفها الاستحقاقات القادمة. هذه الأكثرية ما كانت لتحصل لولا جهود وسطوة المايسترو «حزب الله» الدي تمكّن من جمع أصحاب نعوت «البلطجة» وأعدائها على صحن واحد.

وما يؤكد القلق الكبير الذي يساور «حزب الله» وحلفاؤه من التغيير في إيقاع عمل المجلس النيابي الذي فرضته كتلة نواب 17ت، ذاك الخطاب الذي جاء من خارج السياق للنائب علي عمار، الذي قال: إن ما يتلقاه من أصداء في الشارع عما يدور في جلسة مجلس النواب لا يبشر بالخير، محذراً في ختام كلمته من مخاطر النهج الجديد، أي ممارسة الديمقراطية في التصويت بديلاً لأسلوب التعليب والمحاصصة الذي اعتادوا عليه لعقود ثلاثة خلت.

إن أهم ما يسجل لكتلة نواب 17ت في المحطة الأولى من دورهم البرلماني هو تماسكهم ككتلة متراصة في مواقف موحدة رغم أن الكتلة لم يكتمل تنظيمها بعد. والأمر الثاني هو في إعادة الاعتبار لقواعد العمل الديمقراطي الذي لم تعتد عليه كتل منظومة التحاصص الفاسدة، ما أصابها بالذهول والارتياب من الآتي. وعلينا أن نتأمل بأنه مع كتلة نواب 17ت، لن تطمس بعد اليوم عدالة من دون مواجهة، ولا تجاهل حقوق للمواطنيين من دون فضح المتآمرين عليها، ولا تجاهل تطبيق مواد دستورية أساسية في بناء دولة القانون والمؤسسات المدنية من دون التصدي لهم وعلى وجه الخصوص، المادة 95، أي تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية والانتهاء من نظام المزرعة الذي أظهر المجلس النيابي في جلسته الأولى كأنه مجلس عشائر لا مجلس مواطنين، وكذلك تطبيق المادة 22 من الدستور التي تنص على نظام المجلسين، مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ تمثّل فيه المكونات الطائفية بالتساوي.

إن تقديم اقتراحات القوانين بهذه القضايا وقانون مدني للأحوال الشخصية سيكشف زيف ادعاءات أركان المنظومة الحاكمة من تبنيهم المعلن والمشكوك بأمره لتطبيق دستور اتفاق الطائف في قيام دولة المواطنة المدنية، كلما رفعت قوى التغيير الصوت ونادت بذلك تصويباً لمسار بناء الدولة على أسس المواطنية الحديثة والعصرية.