ترأّس قداس الشكر لتطويب ملكي وصالح وأكد أن دور الجيش أساسي

الراعي: لا يجوز أن تبقى الدولة أضعف حلقات الوطن وثمّة قضاة تحوّلوا أداة بوليسية في يد السلطات الحاكمة

02 : 00

"ما كنّا نتصوّر أنَّ اللامبالاة واللامسؤوليّة تصل إلى هذا الحدّ"

توقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، عند لامبالاة المسؤولين بالشعب «أجَاعَ أم افْتقَر، أذُلَّ أم أُهين، أبقيَ أم هاجَر، أبَكى أم تَوجَّع، أمَرِضَ أم مات»، مشيرا الى انه»ما كنا نتصوّرُ أنَّ اللامبالاةَ واللامسؤوليّة تصلُ إلى هذا الحدّ»، مؤكدا انها» نزعةُ التعطيلِ وذهنيّةُ الهدمِ». ولفت الراعي، في عظته خلال ترؤسه امس قداس الشكر لتطويب الأبوين الكبوشيين ليونار عويس ملكي وتوما صالح، في كنيسة مار انطونيوس البدواني في بلدتهما بعبدات، الى «ان الشعب اللبناني يعيش الكارثة: الدولار أطاحَ حدودَ المعقول! أسعار المحروقاتِ تَحرُق! ارتفاع أسعارِ السلعِ يَفوق قدراتِ الأفرادِ والعائلات! فِقدان الأدويةِ يعرّض المرضَى لخطرِ الموت! إقفال مدارسَ ومستشفيات وجامعات يزيد عدد العاطلين عن العمل! سقوط المصارفِ مع وقفِ التنفيذِ واحتجازِ أموالِ الناسِ مهدّد! نِسَب الفَقرِ والأميّةِ والبطالةِ والهِجرة ترتفع! أعداد اللاجئينَ والنازحين فاقَت نِصفَ عددِ شعبِ لبنان»؟ سائلاً: «مَنْ، مَنْ يصدِّقُ أنَّ لبنانَ زهرةَ الشرقِ، منارةَ الشرقِ، سويسرا الشرقِ، كوكبَ الثقافةِ في الشرقِ يَبلُغُ هذا القَعْر!».

إنحراف بعض القضاة

وأضاء الراعي في عظته على وضع القضاء اليوم، معلناً ان «آخر تجليّات هذا الواقعِ السيئ هو ما آلَ إليه القضاءُ الذي يشكو من انحرافِ بعضِ قضاتِه وتحوِّلِهم أداةً بوليسيّةً في يدِ السلطاتِ الحاكمةِ والنافذين. صار الانتقامُ والكَيدُ المحرِّكَ للاستدعاءِ والملاحقاتِ والتوقيفات. ويشكو القضاءُ أيضاً من تعطيلِ قراراتِه. والملفّاتُ الكبرى تظلّ مجمَّدةً وفي مقدّمها تعطيل التحقيق العدليّ في جريمة تفجير مرفأ بيروت بشتّى الوسائل، وكانت أحدثها احجام وزير عن توقيع مرسوم تعيين الهيئة التمييزيّة، ما يُشجعُّ الخارجين على الدولةِ والعدالةِ على الاسترسالِ بجرائمِهم وتعدّياتهم. ألا يخجلُ هؤلاء جميعاً من أهلِ شهداءِ المرفأ؟ ألا يوبخ ضميرهم هؤلاء الشهداء الذين تمتزج دماؤهم مع دماء الشهيدين الطوباويين الجديدين؟ كيف لسلطةٍ أن تحظى باحترام الشعب إذا لم تكن في نصرة الحق والعدالة؟ لذا، واجبُ الشعب، وهو يشاهد لعبة المصالح تتجدد بعد الانتخابات النيابيّةِ أن يستعدَّ للنضالِ من أجلِ استعادةِ الحقِّ ومنعِ سقوطِ لبنان ومن أجلِ إنقاذِ الحياةِ الوطنيّة».

الجيش والثوابت والحوار

وبعدما حيا «تضحياتِ الجيشِ اللبنانيِّ في مواجهةِ المجموعاتِ الخارجةِ عن القانون، وعزّى بالشهيدِ الذي سقط في منطقةِ بعلبك، ودعا بالشِفاءِ للجنودِ المصابين، شدد الراعي على أن «دور الجيش أساسيُّ كل يومٍ لا سيّما في هذه الأيام»، متمنيا «أن يواصلَ الجيشُ مع القوى الأمنيّة دورَه الأمني الوطني، فيزيلُ كلَّ ما يسيء إلى صورةِ لبنان الحضاريّة البهيّة، وحيث توجد شعاراتٌ تسيء إلى هويته الفريدة». واكد «أنَّ محبّةَ اللبنانيين لجيشهم هي القوة الأساسيّة لهذه المؤسّسة الساهرة على أمن لبنان»، معتبرا أنَّ «عنصرَ نجاحِ أيِّ حوارٍ وطنيٍّ، أتَـمَّ برعايةٍ خارجيّةٍ أم بلقاءٍ داخليٍّ أولويٍّ، هو التسليمُ المسبَقُ بهذه الثوابتِ التي لا تحتاجُ إلى إعادةِ تحديدٍ يوميّةٍ. فمَن لم يَفهَمْها عبرَ مئةِ سنةٍ لن يَفهَمَها الآن. توجد في لبنانَ أطرافٌ رسميّةٌ وسياسيّةٌ تُنكرُ هذه الثوابت وتسعى لخلقِ لبنانَ مقطوعٍ من تاريخه. وهو أمرٌ يعطِّلُ الحوار سلفًا مع أنّنا نتمنّاه وندعو إليه ونَعتبرُه اللغةَ الوحيدةَ التي يَجب أن تَسودَ بين اللبنانيّين للخروج من مأساتهم».

واكد الراعي انه «لا يجوز أن تبقى الدولةُ أضعفَ حلقاتِ الوطن. فمن غير المقبول أن يكونَ إضعافُ الدولة الجامعَ المشترَكَ لأكثريّةِ القوى السياسيّة»، و»من غير المقبول للقِوى السياسيّةِ ــ القديمة والجديدة ـ أنْ تتغنّى بالتغييرِ وتمارسُ سياسةً تؤدّي إلى تغيير في الوطن لا إلى التغييرِ في الدولة»، و»من غير المقبول أن يَنظرَ الأفرقاءُ السياسيّون إلى بعضهم بعضا نظرةَ عداء فيما البلادُ بأمسِّ الحاجةِ إلى المصالحةِ على أُسسٍ وطنيّةٍ واضحةٍ تَنطلق من ثوابت لبنان». وختم الراعي:»عسى دماء الشهيدين الطوباويين اللبنانيين الجديدين تغسل كل رواسب الشر في النفوس».

وقد شارك في القداس رئيس مجمع دعاوى القديسين الكاردينال مارتشيلو سيميرارو، الامين العام لمجمع الاساقفة الكاردينال ماريو غريك، السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتيري، النائب الرسولي لطائفة اللاتين المطران سيزار اسايان، الرئيس العام للرهبنة الكبوشية في العالم روبرتو جنوين ورئيس الرهبنة في الشرق الاوسط عبد الله النفيلي ولفيف من المطارنة والكهنة والرهبان والراهبات، وفي حضور فاعليات وحشد من المؤمنين.


MISS 3