كلير شكر

وقائع من مفاوضات الـ"ويك أند"... السوداوية

11 تشرين الثاني 2019

02 : 00

تبيع الورود في ساحة الشهداء وتنتظر مستقبل لبنان (رمزي الحاج)

قالها السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان بوضوح: "الاحتجاجات في لبنان بيّنت أنّ ما كان غير وارد في السابق قد يصبح الآن ممكناً"، مشيراً إلى أن "هذه التوجّهات واعدة، مع أنّها ناشئة وهشّة، وتتماشى إلى حدّ كبير مع المصالح الأميركية".

بالتوازي كان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش "يستدعي" إيران إلى طاولة المفاوضات "مع القوى العالمية ودول الخليج للتوصل إلى اتفاق جديد يخفض من التوتر المتصاعد في المنطقة".

إذاً، انتقل لبنان من مربّع التحييد عن لهيب المنطقة، إلى مربع المواجهات المباشرة التي تعكس حدّة الصراع الاقليمي. تستند قوى الثامن من آذار إلى رزمة المواقف الدولية التي هطلت فجأة في السماء اللبنانية بعد أكثر من عشرين يوماً من الانتفاضة الشعبية، لتشير إلى أنّ علاج الأزمة اللبنانية لم يعد محلياً، بعدما انضم الملف اللبناني إلى ملفات الاشتباك الاقليمي.

يضيف هؤلاء أنّ إيران، إلى اللحظة لا تزال في موضع المتفرّج، وتنأى بنفسها عن أي ردّ فعل على الساحة اللبنانية وكأنها ترفض استدراجها إلى حلبة المواجهة، على أن يحدد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ظهر اليوم، مسار التطورات.

وبالانتظار، لا يبدو أنّ وقائع الساعات الأخيرة قد نجحت في تسجيل خرق في المرمى الحكومي رغم اللقاء المسائي الذي جمع رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري بالوزير علي حسن خليل ومعاون الأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل ليل السبت الماضي، حيث يقول أحد المطلعين على اللقاء إنّ الأمور لا تزال تراوح مكانها. لا بل تنذر بمزيد من التصعيد.

قبل اللقاء، كانت بعض الاتصالات تشهد كلاماً يوحي وكأنّ رئيس الحكومة المستقيلة في صدد صياغة طرح حكومي قد يساهم في الخروج من عنق الزجاجة. ويقضي هذا الطرح بتأليف حكومة من 18 وزيراً تقوم على أساس "ثلاث ستات": ستة وزراء من الطاقم السياسي ولكن من غير الصقور، ستة وزراء من الاختصاصيين، وستة وزراء يمثلون الحراك الشعبي.

كان الاعتقاد سائداً أنّ حكومة من هذا النوع قد ترضي العواصم الغربية وتدفعها إلى تحرير المالية العامة من القيود، فتتدفق الودائع الخليجية والقروض الميسّرة لإعادة تحريك العجلة الاقتصادية وإنقاذ المصارف وودائع اللبنانيين من "الجحيم".

يرى أحد نواب قوى الثامن من آذار، أنّ العقدة لم تعد في وجوه الوزراء الذين سيدخلون الجنة الحكومية، وقد تجاوزت المشاورات عقدة عودة رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل أو لا، ولو أنّ الفريق العوني لا يزال حتى اللحظة متمسكاً بهذا الشرط، إلّا أنّ تأزّم المسألة تجاوز هذه العقبة لينتقل البحث إلى توازنات الحكومة العتيدة.

ثمة من يقول في هذا السياق إنه لا يمكن للحريري أنّ يروّج لحكومته الجديدة في العواصم الغربية اذا لم تكن لديه اليد الطولى فيها. وهو لذلك، لن يرضى بتكرار تجربة الحكومة المستقيلة التي عانى فيها من وطأة الثلث المعطل الذي كان باسيل يتحكم به، ومن وطأة "أكثرية النصف" التي كانت في جيب قوى الثامن من آذار.

وحين انتهى اللقاء المسائي في "بيت الوسط"، بدا أنّ الأمور لا تزال في المربع الأول. إذ يقول المطلعون على نتائج الجلسة إنّ الاجتماع حصل بناء على طلب "الخليلين" اللذين قصدا رئيس الحكومة بحثاً عن جواب أساسي يقتضي حسمه قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من المشاورات، وهو: هل حسم الحريري خياره بترؤس الحكومة الجديدة؟ وفق المطلعين على لقاء "بيت الوسط" لا يزال الحريري في المربع الرمادي، لا بل أقرب إلى عدم اقحام نفسه في معمودية النار التي يراها تستعر بوقود إقليمية، وهو يصرّ على ترؤس حكومة من الاختصاصيين من دون أي لون سياسي، فيما الثنائي الشيعي يربط موافقته بتطعيم الحكومة ببعض الوجوه السياسية، ما أنهى الاجتماع على خلاصة واحدة: الأمور تراوح مكانها.

هكذا، بدا مناخ قوى الثامن من آذار أقرب إلى احتمالين: إما العمل على اعادة تفعيل حكومة تصريف أعمال ولو أنه خيار مكروه شعبياً، وإما الدفع باتجاه تأليف حكومة من الاختصاصيين تلقى غطاء سياسياً من قوى الثامن من آذار دون سواها، على اعتبار أنّ كلاً من "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" و"القوات اللبنانية" ستكون لها بالمرصاد، وتحديداً على مقاعد المعارضة... وإما إلى مزيد من التصعيد، بانتظار أن يوضح نصرالله المشهد في خطاب اليوم.