دعوة إماراتيّة للتفاوض على اتّفاق جديد مع طهران

إيران وروسيا تُدشّنان مفاعلاً نووياً ثانياً

10 : 09

روحاني "يُبشّر" الإيرانيين باكتشاف حقل نفط جديد (أ ف ب)

تواصل إيران تحدّيها المجتمع الدولي في ما يتعلّق ببرنامجها النووي، تارةً بخفض التزامها بنود الاتفاق النووي الموقّع العام 2015، وطوراً بإطلاق خططها لبناء مفاعل للطاقة الذريّة، ليأتيها اكتشاف حقل نفط جديد بمثابة "سفينة إنقاذ" لتباطؤ اقتصادها الشديد، قد لا تنفعها كثيراً بفعل العقوبات الأميركيّة القاسية المفروضة عليها والتي تطال قطاعها النفطي أيضاً، فيما وصف رئيسها حسن روحاني الاكتشاف بأنّه "هدية" لشعبها. وبعد ثلاثة أيّام من إعادة عملها بنشاطات تخصيب اليورانيوم التي كانت وافقت على تجميدها، ها هي تُطلق، مع روسيا، مرحلة جديدة من أعمال البناء الخاصة بمفاعل ثانٍ. وفي مقابل هذا التحدّي المعلَن، صدر عن دولة الإمارات العربيّة المتحدة موقف جريء يدعو جارتها من الضفة الأخرى للخليج العربي إلى التفاوض للتوصّل إلى اتفاق جديد يُخفّض من التوتر المتصاعد في المنطقة.

وتزامناً مع الموقف الإماراتي، أطلقت طهران وموسكو أمس مرحلة جديدة من أعمال البناء الخاصة بمفاعل ثانٍ في بوشهر جنوب غربي إيران، في المحطة الكهربائيّة الوحيدة التي تعمل بالطاقة النوويّة، وذلك ضمن خطّة تشمل بناء مفاعل ثالث لاحقاً، وكان بدأ تنفيذها العام 2011، حين وُضع المفاعل الأول في المحطة بقوّة 1000 ميغاوات قيد العمل.

ووضع نائب الرئيس الإيراني رئيس منظّمة الطاقة الذريّة الإيرانيّة علي أكبر صالحي، والمدير المساعد لوكالة "روساتوم" النوويّة الروسيّة ألكسندر لوكشين، أمس، حجر الأساس للمفاعل الجديد في بوشهر. وقال صالحي خلال الاحتفال إنّه "بحلول العام 2027 أو 2028 وبعد الانتهاء من الأعمال، سنصل إلى إنتاج 3000 ميغاوات من الكهرباء عبر الطاقة النوويّة".

وكانت إيران وروسيا أعلنتا هذا المشروع رسميّاً في 2 تشرين الثاني 2017 على هامش زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، طهران، علماً أن الاتفاق الدولي حول الملف الإيراني، أوجب روسيا بتسليم إيران الوقود الذي تحتاج إليه لتشغيل المفاعلات الكهربائيّة النوويّة. لكنّ هذا الاتفاق بات في مهبّ الريح بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في أيّار 2018 قبل أن تُعيد فرض عقوبات اقتصاديّة قاسية على النظام الإيراني، ردّت عليها طهران في أيار الماضي، بالتخلّي تدريجيّاً عن التزامها القيود الواردة في هذا الاتفاق.

وفي ما وصفه بـ"الأنباء الجيّدة" النادرة لاقتصاد بلاده المنهك بسبب تلك العقوبات، أعلن روحاني اكتشاف حقل نفطي سيزيد الاحتياطات المثبتة حتّى اليوم بمقدار الثلث. وأوضح روحاني أن مساحة الحقل الجديد تبلغ 2400 كيلومتر مربع وعمقه 80 متراً، ويحتوي نحو 53 مليار برميل من النفط الخام، ويقع في محافظة خوزستان (جنوب غرب)، ويمتدّ على مسافة نحو 200 كلم من حدودها مع العراق إلى مدينة اميدية. ووصف روحاني الحقل الجديد بأنّه "هدية صغيرة من الحكومة للشعب الإيراني"، مضيفاً: "اليوم نُعلن لأميركا أنّنا دولة غنيّة، وعلى الرغم من العداء والعقوبات الجائرة بحقّنا، إلّا أن عمال ومهندسي صناعة النفط الإيرانيين تمكّنوا خلال هذا الوقت من اكتشاف هذا الحقل النفطي الهائل".

واعتبر أن "الشعب مرّ بأيام صعبة اقتصادياً، لكن في الوقت نفسه، فإن ممانعته ووحدته وجهوده الواسعة جعلتنا نصل إلى نقطة تشعر أميركا فيها بخيبة أمل، وتُدرك جيّداً أن شعبنا العظيم وقف صامداً أمام ضغوطها". وشهدت إيران تباطؤاً اقتصادياً حاداً هذا العام في ظلّ العقوبات الأميركية، وأدّى تراجع عملتها إلى ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الواردات.

وفي أبوظبي، رأى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجيّة أنور قرقاش أن على إيران الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع القوى العالميّة ودول الخليج للتوصّل إلى اتفاق نووي جديد يُخفّض التوتر المتصاعد في المنطقة، مشيراً إلى أن بلاده ترى مجالاً لنجاح الديبلوماسيّة.

واعتبر قرقاش، في خطاب ألقاه خلال "ملتقى أبوظبي الاستراتيجي" بنسخته السادسة أمس، أن مزيداً من التصعيد في هذه المرحلة لا يخدم أحداً، محذّراً من خيار "زائف" بين الحرب واتفاق نووي معيب. ولفت إلى أن إجراء محادثات جديدة مع إيران يجب ألا يتطرّق إلى الملف النووي فحسب، بل يجدر أن يُعالج المخاوف المتعلّقة ببرنامج الصواريخ الباليستيّة والتدخل الإقليمي، مضيفاً أن مناقشة تلك الملفات تعني أن دول المنطقة تحتاج المشاركة فيها. وأعرب قرقاش عن اعتقاده بأنّ "هناك سبيلاً ممكناً للتوصّل إلى اتفاق مع إيران قد تكون الأطراف كافة مستعدّة للسير فيه"، لكنّه أشار إلى أن الطريق سيكون طويلاً ما يتطلب صبراً وشجاعة. وتابع أن من المهم أن يكون المجتمع الدولي متفقاً على موقف واحد، خصوصاً الولايات المتّحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول المنطقة.

وتطرّق الوزير الإماراتي في كلمته إلى حرب اليمن، حيث تُشارك بلاده ضمن تحالف عسكري بقيادة السعوديّة بقتال ضدّ المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران. واغتنم أجواء التهدئة السائدة في البلد منذ إعلان هؤلاء وقف هجماتهم ضدّ السعوديّة في أيلول الماضي، عقب تبنّيهم ضربات ضد منشآت شركة "أرامكو"، للتصريح بموقف لافت تضمّن قوله إنّ للمتمرّدين الحوثيين دوراً في مستقبل اليمن. ودعا إلى البناء على "حال الزخم" الحالية للتوصّل إلى حلّ سياسي.

وأعرب عن تفاؤله بأن يتحوّل اتفاق السلام بين الحكومة والانفصاليين الجنوبيين إلى نقطة انطلاق لحلّ شامل، موضحاً أنّ "هذا الاتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار التطلّعات المشروعة لشرائح المجتمع اليمني كافة، بما في ذلك الحوثيين". وأضاف أن "الميليشيات الحوثيّة ألحقت الدمار في البلاد، لكنّها جزء من المجتمع اليمني وسيكون لها دور في مستقبلها".


MISS 3