جورج بوعبدو

ياسمينا صبّاح: قيادة الأوركسترا ليست حكراً على الرجال

29 حزيران 2022

02 : 05

أثناء إدارتها جوقة جامعة القديس يوسف في كنيسة "مار يوسف" في مونو - تصوير رمزي الحاج

ترعرعت في منزل موسيقيّ الهوى وارثةً الموسيقى عن والدتها. أتقنت عزف "البيانو" منذ نعومة أظفارها وتابعت تخصّصها في آلة "الفلوت" في الكونسرفاتوار الوطني اللبناني.




غنّت مرّات عدّة في كورس المدرسة فأتيح لها السفر مع مدرستها للمشاركة في الغناء مع كوارس عالمية. بدأت مسيرتها في قيادة الأوركسترا يوم تولّت قيادة كورس لصغار السن في مدرسة "الليسيه عبد القادر" فأدركت يومها أنه المجال الذي تحب. التحقت بجامعة "كامبردج" في العام 2011 وحازت شهادة ماستر في قيادة الأوركسترا.




عادت إلى لبنان في العام 2013 وساهمت في تأسيس كورس الجامعة اليسوعية مع الأب سليم دكّاش. كَبُر الحلم وغدت قائدة للأوركسترا في محافل كبرى وهي في تعاون دائم مع الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية منذ العام 2019.



في العام 2021 إنتقيت لتقود أوركسترا "فردوس"، أول أوركسترا للنساء في الشرق الأوسط. وكان لها تعاون مع فنانين كبار نذكر منهم: أندريا بوتشيللي وكريستينا أغيليرا وحسين الجسمي وأنوشكا شنكر.




"نداء الوطن" إلتقت قائدة الأوركسترا ياسمينا صباح في حوار مشوق تكلّمت فيه عن تجربتها في القيادة كونها من النساء الرائدات في هذا المجال.



أخبرينا عن الأمسية التي أردتموها تحية لأعمال المؤلف الموسيقي "جوزف هايدن"؟

كانت أمسية كلاسيكية بامتياز أدّينا فيها مقطوعة موسيقية ألّفها جوزف هايدن في بداياته وهي تجمع بين الموسيقى الكلاسيكية والـ Baroque. فأنا أعشق هذه المقطوعة لما يلزمها من تحدٍ وإبداع في تأديتها.


لماذا وقع الإختيار على أعمال جوزف هايدن؟


بعد أمسيات موسيقية متتالية فكّرت أكثر بتقديم مقطوعات موسيقية نادرة بعيدة عن الأضواء وغير مؤدّاة في لبنان، فللجمهور الحق بالاستمتاع بكل ما هو نادر وجديد. إنطلاقاً من هنا اخترت هذه المقطوعة لأنها مليئة بالطاقة والحيوية وهذا ما نحتاجه في لبنان.



هل واجهتك صعوبة في التعاون مع الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية، وكيف جرت الأمور؟


أعيش تجربة جميلة جداً في كل مرّة أتعاون فيها مع الأوركسترا الوطنية، فهي رمز العطاء الموسيقي في لبنان، ولها منّي كل الاحترام والتقدير. وهنا أتوجه بالشكر الى مدير الكونسرفاتوار السابق وليد مسلّم لمساهمته في الحفاظ على تماسك هذه الأوركسترا رغم كلّ المشاكل التي أحاطت بها. ولدي كامل الإصرار لمتابعة المسيرة مع هذه الأخيرة رغم الصعوبات كافة.

في ظل العولمة واجتياح الموسيقى التجارية ميادين الحياة كافة، هل ما زالت هناك مساحة للموسيقى الكلاسيكية في يومياتنا؟


لا شك في أنّ الموسيقى التجارية غزت جميع المرافق الحياتية وأصبحت ضمن عاداتنا ويومياتنا. ولكن الموسيقى الكلاسيكية ما زالت رائدة ومحفورة في وجدان شريحة كبيرة من الناس. وأكبر دليل على ذلك هذه الأمسية التي اكتظّت بالحضور عدا المتابعين على وسائل التواصل الإجتماعي وهذا يثلج الصدر فعلاً.



هل أعاقت الأزمات المتلاحقة على لبنان وجائحة كورونا نشاطاتكم الفنية في الجامعة اليسوعية؟


منذ اليوم الأول لتأسيسنا الكورس ونحن في عطاء مستمرّ. فبرغم كلّ الأزمات التي عصفت بنا لم نتراجع يوماً عن تقديم الحفلات إما عبر وسائل التواصل الإجتماعي، أو حضورياً حتى لو اضطررنا لارتداء الأقنعة المضادة لفيروس "كورونا". كانت تجري التحضيرات على قدم وساق وكنّا نقدّم أنواعاً موسيقية عدّة منها الكلاسيكية والمعاصرة لمؤلفين موسيقيين ما زالوا على قيد الحياة.

ما هي التحديات التي تواجهــــــــــــك كامرأة في قيادة الأوركسترا؟



بالنسبة إليّ قيادة الأوركسترا أمر ممتع وأنا شغوفة بها إلى أقصى الحدود ولكن البعض لا يصدّق أن امرأة تتقن هذا العمل كون الرجال يشكلون الأكثرية الساحقة فيه، فالبعض يذهب حتى إلى حدّ سؤالي: "أنت تمرّنين الكورال ولكن من سيدير عنك الحفلة؟". إنه تحدّ بيني وبين نفسي وأنا اليوم أكثر إصراراً على المتابعة.



أثناء إدارتها جوقة جامعة القديس يوسف في كنيسة "مار يوسف" في مونو - تصوير رمزي الحاج




هل أنت من القليلات اللواتي يشغلن هذا المنصب وهل تحثين غيرك من النساء على تولّي القيادة؟


لست أدري إن كنت أنا الأولى ولكني مدركة تماماً أنني من النساء القليلات في هذا الشرق. وانطلاقاً من تجربتي أنصح كل فتاة تطمح إلى قيادة الاوركسترا بكسر الحواجز فالقيادة ليست حكراً على الرجال وما من قوانين تمنعها من تولّي هذه المهمة.



ما المشاكل التي تواجهك في جمع الموسيقيين خصوصاً في ظلّ الأزمة الراهنة؟


لولا وجود الجمعيات والسفارات والمؤسسات الداعمة لما استطعنا الاستمرار وإنشاء الحفلات بشكل دوري. وأنا هنا أشكر كلّاً من السفارة الكندية والنمساوية والدنماركية والألمانية وكل من ساهم في إنجاح الأمسية الأخيرة. ولا ننسى أعضاء الكورس الذين لم يتأخروا يوماً عن واجب الحضور في أصعب الظروف سواء في لحظات قطع الطرقات أو مع تفشي جائحة كورونا وصولاً إلى الأزمة المادية الراهنة. فهم متطوّعون لهذا العمل ولهم كل التقدير والإحترام.




كيف تقسّمين الأدوار بين أعضــــــــاء الفرقة؟



في كل مرّة أتولّى عملاً ما، أقسّم المهام إلى أجزاء لأن العمل الموسيقي لا يقتصر على قيادة الفرقة فحسب بل يتعدّاه إلى الأمور الإدارية والتقنية والتسويقية. فليس من السهل ضبط الإيقاع وعليّ دراسة المقطوعة جيداً لتفادي وقوع الأخطاء. فلكل مقطوعة موسيقية طريقة عزف معيّنة ودراسة خاصة بها. ثم ننتقل إلى مرحلة تمرين الفرقة وتصحيح الأخطاء وضبط الصوت مع الفريق التقني، ناهيك عن صناعة المحتوى من فيديوات تفسيرية للمقطوعة الموسيقية على وسائل التواصل الإجتماعي، وهذه الأمور مجتمعة تشكل عملاً متكاملاً.

أنا شخص منظم بطبعي وأنجز الكثير قبل موعد الحفلة المحدد.



هل من مشاريع جديدة في المستقبل القريب؟

الموسم المقبل على الأبواب وثمة تحضيرات كثيرة لمقطوعات موسيقية ورحلات لكورس القديس يوسف إلى الخارج للمشاركة في حفلات ضخمة.

MISS 3