تركيا تُعبّد الطريق أمام إنضمام السويد وفنلندا إلى الناتو

أميركا تزيد عديدها في أوروبا: تعزيز "قوة الردع"

02 : 00

حجم الدمار هائل في المركز التجاري المُستهدف في كريمنتشوك (أ ف ب)

مع تزايد المخاطر العسكرية في أوروبا بفعل عدوانية روسيا وأطماعها التوسّعية، خصوصاً في الدول التي كانت سابقاً ضمن الكتلة السوفياتية، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عشية انعقاد قمة الناتو في مدريد يومَيْ الأربعاء والخميس، أن الولايات المتحدة ستزيد عدد قواتها في أوروبا في إطار تعزيز قوة الردع العسكرية لـ"حلف شمال الأطلسي".

وشدّد بايدن على أن أعضاء حلف الناتو متّحدون في سياسة الدفاع المشترك، ويعملون على تنفيذ استراتيجية الدفاع 360 المعنية بتطوير دفاع الحلف، لافتاً إلى أن "استراتيجية الدفاع 360 ستتضمّن زيادة عدد القوات الأميركية في أوروبا"، وقال: "علينا في الحلف "الأطلسي" تعزيز قوّة الردع وقوتنا العسكرية"، مؤكداً أن الناتو سيُركّز على المواجهة في كلّ الجبهات في أوروبا.

وإذ اعتبر أن "روسيا تضرب بعرض الحائط كافة الأعراف الدولية بحربها في أوكرانيا"، تعهّد بايدن تكثيف العقوبات على موسكو وزيادة الدعم العسكري لكييف، فيما اعتبر سانشيز أن أوروبا تواجه التحدّي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن "غزو روسيا لأوكرانيا يُمثل إعتداءً على القانون الدولي وعلينا تقوية سياساتنا الدفاعية".

توازياً، عادت تركيا عن رفضها انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، الأمر الذي كانت تُعارضه منذ منتصف أيار، على ما أعلن الناتو والدول الثلاث المعنية. وبالتالي، سيوجّه قادة الناتو دعوة إلى فنلندا والسويد رسميّاً للإنضمام إلى الحلف اليوم بعدما وقّعت تركيا مذكّرة تفاهم رفعت بموجبها رفضها ترشّح البلدَيْن، وفق الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ الذي قال: "يُسعدني أن أُعلن أن لدينا الآن إتفاقاً يُمهّد الطريق أمام فنلندا والسويد للإنضمام إلى الناتو. وقعت تركيا وفنلندا والسويد مذكرة تفاهم تستجيب لمخاوف تركيا في شأن صادرات السلاح ومكافحة الإرهاب".

وأتى الإتفاق الذي أعلنته أوّلاً الرئاسة الفنلندية، بعد محادثات استمرّت لساعات في قصر المؤتمرات حيث تنعقد قمة الناتو بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الفنلندي ساولي نينيستو ورئيسة الوزراء السويدية ماغدالينا أندرسن، بمشاركة ستولتنبرغ كوسيط. وأكدت الولايات المتحدة أنها لم تُقدّم أي تنازلات لتركيا لضمان إعطائها الضوء الأخضر لإنضمام السويد وفنلندا إلى "الأطلسي"، معتبرةً أن قرار أنقرة "يوفر دفعاً قويّاً للوحدة الغربية"، في حين كان ستولتنبرغ قد دعا الدول الأعضاء في الحلف إلى مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا، معتبراً أن هذه الأخيرة تواجه "وحشيةً" لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي وقت سابق، تعهّدت "مجموعة السبع" جعل روسيا تدفع ثمناً باهظاً لغزوها أوكرانيا، وفق ما أكد المستشار الألماني أولاف شولتز، معتبراً أنّه "يجب ألّا يُسمح لبوتين بأن ينتصر". وقال شولتز خلال مؤتمر صحافي أعقب قمة المجموعة: "تقف "مجموعة السبع" صفاً واحداً في دعمها لأوكرانيا"، مضيفاً: "سنُواصل رفع الكلفة السياسية والاقتصادية لهذه الحرب بالنسبة للرئيس بوتين ونظامه".

وحشدت الدول السبع الدعم المالي لأوكرانيا وبلغت المساعدات حتّى الآن 29.5 مليار دولار. كما حضّت "مجموعة السبع" البلدان والشركات التي تملك "مخزونات غذائية كبيرة" على المساعدة في تخفيف حدّة أزمة الجوع الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعهّدت بتقديم 4.5 مليارات دولار إضافية لمكافحة انعدام الأمن الغذائي.

وفي غضون ذلك، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأمم المتحدة إلى تفقد موقع ضربة صاروخية روسية استهدفت مركزاً تجاريّاً في مدينة كريمنتشوك في وسط البلاد. وقال في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي: "أقترح على الأمم المتحدة إرسال ممثل خاص أو الأمين العام للأمم المتحدة أو لجنة خاصة إلى موقع هذا العمل الإرهابي، حتّى تتمكّن الأمم المتحدة من الحصول بشكل مستقلّ على المعلومات والتحقق من أن الأمر يتعلّق فعلاً بهجوم صاروخي روسي"، فيما كان قد طالب بتصنيف روسيا "دولة راعية للإرهاب".

وفي المقابل، أوضح الكرملين أن هجومه على أوكرانيا سينتهي عندما تستسلم السلطات والجيش الأوكرانيَّيْن. وقال المتحدّث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أمام الصحافيين: "يُمكن للجانب الأوكراني إنهاء (الحرب) في غضون يوم واحد"، معتبراً أنّه "يجب إصدار أوامر للوحدات القومية بإلقاء السلاح، ويجب إصدار أوامر للجنود الأوكرانيين بإلقاء أسلحتهم، ويجب تنفيذ كلّ الشروط التي وضعتها روسيا. حينها سينتهي كلّ شيء خلال يوم واحد".

وفي ما يتّصل بالعقوبات والضغوط الغربية على موسكو، فرضت وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيّتان عقوبات على كيانات وأفراد روس إضافيين، بما في ذلك أكبر تكتّل دفاعي روسي State Corporation Rostec، وعشرات من كيانات القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، بالإضافة إلى 19 عضواً في مجلس إدارة Rostec، و9 من أفراد أسرهم البالغين، في وقت كشف فيه رئيس وزراء بلغاريا أن بلاده ستطرد 70 ديبلوماسيّاً روسيّاً، "وصفتهم أجهزتنا بأنهم أشخاص عملوا ضدّ مصالحنا".

وأوضحت وزارة الخارجية البلغارية أن هؤلاء الأشخاص الذين صُنّفوا على أنهم يُشكّلون "تهديداً للأمن القومي" يجب أن يُغادروا بحلول 3 تموز، بينما منعت روسيا دخول 25 أميركيّاً إضافيّاً إلى أراضيها، بينهم السيّدة الأولى جيل بايدن، وابنة الرئيس الأميركي جو بايدن، آشلي. وتتضمّن اللائحة أيضاً زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل وأعضاء آخرين في المجلس على غرار شارل غراسلي وكيرستن جيليبراند وسوزان كولينز وأساتذة جامعيين مثل فرانسيس فوكوياما.

إلى ذلك، أكدت وكالة "موديز" للتصنيف الإئتماني أن روسيا تخلّفت عن سداد ديونها الخارجية للمرّة الأولى منذ قرن، بعد تأكيد عدم تلقي أصحاب السندات دفعات فوائد قدرها 100 مليون دولار، فيما ذكرت الإمارات أنّ انتاجها النفطي قريب من الحدّ الأقصى المخصّص لها ضمن مجموعة "أوبك بلاس" مع روسيا، مجدّدةً إلتزامها بهذا الإتفاق، وذلك قبل زيارة لبايدن إلى المنطقة للحثّ على زيادة الإنتاج. وفي السياق، دعا الرئيس الفنزويلي المشكّك في شرعيّته نيكولاس مادورو الشركات الفرنسية للمجيء إلى بلاده وإنتاج النفط والغاز، بعدما دعت باريس إلى "تنويع مصادر الإمدادات" بما يشمل إيران وفنزويلا من أجل الحدّ من ارتفاع الأسعار.


MISS 3