شادي عبد الساتر

تنسيق مشاريع مع الأمم المتحدة والجهات المانحة

جمعيّات تعمل لتمكين النساء وحمايتهنّ من أيّ عنف

1 تموز 2022

02 : 06

خدمات جليّة قدّمتها الجمعيّات النسائيّة ولا تزال تقدّمها للدفاع عن قضايا المرأة وزيادة وعيها لحقوقها في مسيرة نضاليّة تمتدّ لعقود، إستطاعت خلالها الحركة النسوية اللبنانية تحقيق إنجازات عديدة، لعلّ أبرزها على الصّعيد التّشريعي قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري أو القانون رقم 293 سنة 2014.

تقوم الجمعيّات النسائيّة التطوّعيّة الّتي تواصلنا معها بجهود كبيرة لدعم المرأة وتمكينها، وتشترك جميعها في النضال لمحاربة التمييز والعنف ضدّ النساء والدفاع عن سائر قضايا حقوق المرأة. سيسلّط هذا التّحقيق الضّوء على شق الخدمات الميدانيّة الّتي تقدّمها هذه المؤسسات، إضافة إلى حملات توعية ونشاطات عديدة، بما فيها مشاريع الشراكة مع هيئات الأمم المتحدة والجهات المانحة الأخرى، مع التّوقّف عند أبرز التّحديات التي تواجه هذه الجمعيات.



رشا وزنة منسّقة الإعلام والتواصل للتجمع النسائي الديمقراطي اللبناني



في إطار مكافحة تزويج القاصرات والعنف ضد المرأة

يعمل التجمّع النسائيّ الديمقراطي اللبنانيّ (RDFL) الذي تأسس سنة 1976، على دعم ومناصرة حقوق النساء والفتيات في لبنان. فيعمل منذ أكثر من 40 عاماً على حماية النساء والفتيات من كلّ أشكال العنف بما في ذلك تزويج الطفلات والأطفال في لبنان. وبحسب السيدة رشا وزنة منسقة الإعلام والتواصل في التّجمّع: «من خلال فروعه الخمسة المنتشرة في لبنان، يدعم التّجمّع سنويًا أكثر من 400 امرأة من جنسيات وخلفيات مختلفة، بالإضافة إلى زيادة الوعي والتمكين والدعوة لحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين».

وتطلعنا السيدة لورا صفير، رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة التي تأسست سنة 1997، على نشاطات الهيئة التي تتابع الناجيات من العنف الأسري: «يُحدد للناجيات موعد للمساعدة، وتقدّم لهنّ الاستشارة القانونية وكذلك المتابعة في المحاكم، بالإضافة الى جلسات التوعية حول حقوقهنّ القانونية». وتستفيد النساء الناجيات من جلسات توعية ودعم نفسي اجتماعي وخدمة الوساطة العائليّة وخدمة الطب الشرعي، ويؤمّن بدل مادي بسيط لبعض الحالات الملحّة. وتستفيد النساء والفتيات من برامج مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي.




غيدا عناني الشريكة المؤسسة ومديرة منظمة أبعاد



صفوف وتدريبات

تشرح السيدة لورا صفير دور الهيئة اللبنانية لمكافحة العنف ضدّ المرأة في بناء المهارات لدى النساء، إذ تنظّم صفوفاً لهنّ لتنمية مهاراتهنّ الحياتية وتدريبهنّ على الإسعافات الأولية. ويستهدف هذا البرنامج كذلك الفئات الشابة، وتوزّع الحصص الخاصة للنساء، بالإضافة الى الحصص الإنسانية التي تؤمنها الهيئة بعد حدوث الكوارث والأزمات مثل انفجار 4 آب. كذلك يستفدن من سياسة الوقاية من التحرش الجنسي، التي تطبقها الهيئة داخل مراكزها كافة. وتقدم الهيئة جلسات الدعم النفسي الاجتماعي لقضايا متعددة، مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتزويج المبكر والتحرّش الجنسي، والوقاية من فيروس كورونا، وغيرها. وتشارك النساء والفتيات في صفوف بناء القدرات ضمن برنامج التمكين الاقتصادي، كالتدريب على أشغال يدويّة متعدّدة.تعاون مع هيئات الأمم المتحدة



 تعاون مع هيئات الأمم المتحدة

تعمل منظمة أبعاد بشكل أساسي منذ تأسيسها سنة 2011، على الدفع قدماً بأجندة الشراكة والمساواة الجندرية كشرط أساسي لتحقيق فعلي للتنمية المستدامة، كما تعمل على مناهضة أوجه التمييز والعنف الموجه ضد الفئات المهمّشة وتحديداً النساء والأطفال. تشرح لنا السيدة غيدا عناني، الشريكة المؤسسة ومديرة المنظمة، العلاقة التي تربط «أبعاد» بالأمم المتحدة: «علاقتنا مع منظمة الأمم المتحدة علاقة شراكة على مستوى التخطيط. نحن جزء من عدة مجالس استشارية تابعة للأمم المتحدة تضع بعض الأولويات والرؤى الوطنية في ما يختصّ بالبرامج والأهداف والأولويات التي تركز عليها وكالات الأمم المتحدة المختلفة». وتشير السيدة عناني إلى أنّ «أبعاد» عضو منتخب في المجلس الاستشاري الخاص LHF (التمويل الخاص بلبنان على مستوى الطوارئ الانسانية)، وهي جزء من هذا المجلس الإستشاري ممثلة المجتمع المدني، والذي يناقش الأولويات التمويلية، وتقدّم مشورة في كل قضايا المساواة الجندرية وعلى مستوى العنف الموجه ضد النساء. تقدّم الاستشارات في المقر الرئيسي للأمم المتحدة، وتنسّق بشكل خاص وتتعاون مع UN WOMEN في مقرّها الرئيسي وكذلك تتعاون معها إقليمياً ومحلياً. كذلك لدى «أبعاد» مشاريع مشتركة كشريك منفّذ مع اليونيسيف ومع UNFPA (صندوق الامم المتحدة للسكان)، ومع المفوّضيّة السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، وتعاونت في مرحلة معيّنة مع منظمة الغذاء العالميّة WFP، وعملت على إدماج موضوع التوعية وموضوع الدعم النفسي الاجتماعي، وحثّ الأشخاص الذين يتعرضون للعنف على الإفصاح وتقديم الدعم المتخصص.

وفي مجال التنسيق مع الأمم المتحدة أيضاً، يتطلّع التجمّع النسائيّ الديمقراطي اللبنانيّ لبدء تنفيذ مشروع مدعوم من UN Women في المناطق الشمالية وخصوصاً الأكثر فقراً في طرابلس لتمكين النساء والفتيات ضد مخاطر العنف على مختلف أنواعه، وتقديم خدمات الحماية والاستشارات القانونية وغيرها. وقد سبق وأطلق التجمع سنة 2017 حملة لإنهاء تزويج الطفلات والأطفال في لبنان بعنوان #مش_قبل_اﻟ18 بتمويل من UN Women، وعمل على توفير إطار قانوني من شأنه تعزيز هذه القضية في البرلمان. وشكّل تحالفاً وطنياً لحماية الأطفال والطفلات من التزويج المبكر يضم 57 منظمة.

لمجابهة العنف الاقتصادي القائم على النوع الاجتماعي

في إطار المشاريع المدعومة من الجهات الدولية، تنفّذ منظّمة «أنتِ الحياة» Women Alive، وهي منظمة حقوقية نسوية تأسست عام 2021 تعمل على تعزيز العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان لا سيما حقوق المرأة، مشروع «قياديات لا مهمشات» بالشراكة مع الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة، وبتمويل من CRTDA لبنان و KTK السويدية ووزارة الخارجية الهولندية. تعرّفنا الشريكة المؤسسة ومديرة المنظمة السّيدّة غنوة شندر بهذا المشروع: «هو مشروع إقليمي لمدة 4 سنوات ومشروع ريادي كونه يتناول للمرة الأولى في لبنان ظاهرة العنف الاقتصادي القائم على النوع الاجتماعي ويهدف إلى المناصرة حول هذه الظاهرة المتفاقمة مؤخراً وإحداث مناخ تغييري في المجتمع بفئاته كافة حول قضايا العنف الاقتصادي، وتمكين النساء والفتيات لمجابهة العنف الاقتصادي القائم على النوع الاجتماعي بأشكاله كافة». وضمن نشاطات المشروع، تم إعداد دراسة اجتماعية قانونية حول العنف الاقتصادي في لبنان عامة وشمال لبنان تحديداً، ونُفّذت حوله دورات تدريبية، إستهدفت شركاء وشريكات من جمعيات ومنظمات وإعلاميين/ات ومحامين/ات ودورة تدريبية بالتعاون مع معهد حقوق الإنسان في نقابة المحامين في طرابلس. وحالياً، وفق السيدة شندر: «ننفّذ سلسلة جلسات توعية لنساء وفتيات من مختلف الخلفيات الثقافية والاجتماعية والفتيات المهمّشات للتوعية حول العنف الاقتصادي والقيادة وبناء القدرات للتصدي لأشكال هذا العنف. لتقوم بعدها سيدات وفتيات خضعن لهذه الدورات والجلسات بنشر التوعية والمعارف بدورهنّ في مجتمعاتهنّ».




لورا صفير رئيسة الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة



حجر كورونا واستفحال الأزمة الاقتصاديّة

صعوبات جمّة لا تزال تواجه الحركة النسوية في لبنان. أبرز العوائق التي أجمعت عليها الجمعيات التي تواصلنا معها، هي أزمة كورونا لما ترتّب عليها من صعوبة تنقّل بفعل الحجر المنزلي. توضح السيدة رشا وزنة أنّ هذا الحجر نجم عنه عدم قدرة السيدات اللواتي يتعرضن للعنف والسيدات الناجيات من الوصول الى المراكز الآمنة للجمعيات النسائية، فأبقت الجمعيات على مواكبتهن عبر الخدمات الهاتفية وبشكل خاصّ عبر الأرقام الساخنة. والأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد وما ترتّب عليها من غلاء كبير في سعر المحروقات هي أيضاً تحدّ كبير، لما نتج عنها من ارتفاع كبير في كلفة المواصلات وصعوبة وصول الناجيات إلى المراكز للحصول على جلسات الدعم.





غنوة شندر الشريكة المؤسسة ومديرة منظمة Women Alive



تمويل متقطّع وتقاعس المسؤولين

تضاف الى جائحة كورونا والأزمة الاقتصاديّة صعوبات عديدة، منها بحسب السيدة غنوة شندر: «عدم تجاوب السياسيين إجمالاً مع الجمعيات الحقوقية وعدم منحهم أولوية لقضايا حقوق الإنسان لا سيما حقوق المرأة، وتقاعسهم عن أداء دورهم بهذا الخصوص». نضيف إليها، نقلاً عن السيدة لورا صفير: «صعوبات تمويلية كعدم وجود استمرارية في المشاريع المموّلة، فيكون تمويل الجهات المانحة متقطعاً، ونواجه صعوبة في الحصول على تمويل مشروع معيّن من مصادر ثانية، وعدم توافر الدعم المادي من قبل الدولة أو حتى من قبل الجهات المانحة لاستكمال بعض النشاطات والخدمات. وضمن التحديات أيضاً، تغيير وجهات التمويل نحو أوروبا أو الدول القريبة من أوكرانيا للاستجابة للأزمة والحرب في أوكرانيا»، وبالتالي تخسر الجمعيات النسائية قسماً كبيراً من موازنات المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة التي كانت مخصّصة للبنان. وتضيف صفير تحدّي سيطرة الذهنية الذكورية ومعارضة رجال الدين للعديد من القضايا المطروحة، كما المماطلة في مناقشة ودراسة اقتراح القوانين المقدمة من قبل الجمعيات النسائية. وكذلك عدم تطبيق قانون العنف الأسري بالشكل المطلوب والثغرات التي تشوبه ما يؤثر على الناجيات سلباً، بالإضافة الى الكلفة العالية التي تتطلبها الدعاوى للدفاع عن حقوق النساء وللحصول على الطلاق ومفاعيله كالنفقة والحضانة وغيرها، ووجود عدد قليل جداً من ملاجئ النساء في لبنان، ومقوّمات الدخول إليها، تكون عادة صعبة ومعقّدة. تحدّ آخر هو النقص في القوانين الحمائية والوقائية، وعدم تنفيذ العقوبات اللازمة الرادعة في جرائم قتل النساء.

فجوة عدم الاستقرار السياسي

تتحدّث السيدة غيدا عناني عن الفجوة على مستوى الآليات الوطنية، أو الهياكل الوطنية التي تواجه الوطن في كلّ مرحلة. وتشرح عناني هذه الفجوة كالتالي: «في كل مرة نواجه فراغاً على المستوى الوزاري والتشريعي، وعندما تحدث تطوّرات في البلد، كمرحلة ما قبل الانتخابات وقبلها مرحلة الحراك، تؤثر هذه الأحداث في تقدم الأجندة النسوية، لأن الأولويات تصبح اعتباراتها مختلفة، ويصبح هناك صعوبة للعمل مع المرجعيات او المؤثرين في البلد في ما يختصّ بقضايانا».

تبقى الحركة النسوية اللبنانية، بديناميّة مؤسّساتها والإنجازات التي حقّقتها بجهود الناشطات العاملات فيها، شعلة نضال متّقد في ميدان الدّفاع عن حقوق الإنسان عامّة وحقوق المرأة بشكل خاصّ، وقدوة في عالمنا العربي كنموذج للنجاح رغم كلّ الصّعوبات.



أرقام الخطوط الآمنة


التجمّع النسائيّ الديمقراطي اللبنانيّ: 71500808


الهيئة اللبنانية لمكافحة العنف ضدّ المرأة: 91 82 51 70

منظمة «أبعاد»: 78 81 78 81

منظمة Women Alive:

08 39 84 78


MISS 3