سليماني سمع "كلاماً قاسياً" منه... وعدّاد القتلى يتزايد

السيستاني ينحاز إلى الثوّار ويُحذّر حكّام بغداد

02 : 00

بينما تدور حكومة عادل عبد المهدي المأزومة ومعها جزء كبير من الطبقة السياسيّة الفاسدة في فلك النفوذ الإيراني المتعاظم، هذا فضلاً عن تخاذل بعض القوى في دعم الثوّار بالقول والفعل على حدّ سواء، خوفاً ربّما من "تأديب" "الحرس الثوري" ومعه فصائل "الحشد الشعبي" لهم، يُشكّل المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني مظلّة يحتمي تحتها المتظاهرون العراقيّون المنتفضون على نظام بات بحكم الساقط بالنسبة إليهم. وبالأمس، كانت خطبة الجمعة الأكثر وضوحاً للمرجعيّة منذ انطلاق موجة الاحتجاجات المطلبيّة في الأوّل من تشرين الأوّل، إذ صعّدت من نبرتها بشكل لافت ووقفت إلى جانب الثوّار وليس مطالبهم فقط، للمرّة الأولى، مؤكّدةً دعمها للاحتجاجات الشعبيّة التي تشهدها البلاد، ومشدّدةً على أنّها ستُشكّل انعطافة كبيرة في الوضع العام، بعد أكثر من شهر ونصف الشهر على انطلاق تظاهرات في بغداد ومدن جنوبيّة عدّة مطالبة بـ"إسقاط النظام".

وقال السيستاني في خطبة الجمعة، التي تلاها ممثله السيّد أحمد الصافي في كربلاء: "إذا كان من بيدهم السلطة يظنّون أنّ بإمكانهم التهرّب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة، فإنّهم واهمون"، مضيفاً: "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كلّ الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك". وفي انعطافة كاملة في الخطاب لصالح الشارع الثائر على الطبقة الحاكمة، أكّد السيستاني، الذي لا يظهر إلى العلن، أن "المواطنين لم يخرجوا إلى التظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمرّوا عليها طوال هذه المدّة بكلّ ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلّا لأنّهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد".

واعتبر أن "الفساد في البلاد يتفاقم بتوافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها في ما بينهم، وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر"، في ما يُعدّ انتقاداً واضحاً وصريحاً للسلطة الحاكمة، التي ضمنت الأسبوع الماضي اتفاقاً برعاية إيرانيّة، يُبقيها في السلطة، مع إنهاء الاحتجاجات "بكلّ الوسائل المتاحة". ورأت المرجعيّة أن "إرادة الشعب تتمثل في نتيجة الاقتراع السرّي العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة"، داعيةً إلى "الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يمنح فرصة حقيقيّة لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية". وحذّرت من أن "إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين، لن يكون مقبولاً ولا جدوى منه".

توازياً، كشف مصدر سياسي رفيع مقرّب من دوائر المرجعيّة لوكالة "فرانس برس" أن طهران حاولت في الآونة الأخيرة إيصال رسائل إلى المرجعيّة تطلب منها دعم الحكومة الحاليّة في خطبتها، ودعوة المتظاهرين إلى الانسحاب من الشارع، وإعطاء فرصة للقيام بإصلاحات خلال مهلة زمنيّة محدّدة. وأوضح المصدر أن المرجعيّة "رفضت الاستجابة لتلك الرسائل أو حتّى تلقيها، ولذلك لم توافق أيضاً على استقبال (رجل الدين الشيعي مقتدى) الصدر بعد عودته مباشرةً من طهران، كي لا يظنّ الشارع أنّه يحمل رسالة من طهران". وأشار المصدر إلى أن قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني نفسه، سمع كلاماً قاسياً من المرجعيّة حيال الدور الإيراني في الأزمة العراقيّة". وهكذا، يبدو أن موازين القوى في اللعبة السياسيّة العراقيّة بدأت تتغيّر.

ميدانيّاً، شهدت المسيرات الجماهيريّة بعد كلمة السيستاني مزيداً من الحماسة في المدن الجنوبيّة وبغداد، حيث قُتِلَ ثلاثة من المتظاهرين، بحسب مصادر طبّية، التي أوضحت أن اثنين من المتظاهرين قُتِلا بالرصاص الحي في ساحة الخلاني في بغداد، فيما قُتِلَ ثالث بسبب قنابل الغاز المسيّل للدموع. كما أكّد محتجّون متمركزون في "ساحة التحرير" أنّهم باقون في المكان، فيما سجّل سقوط قتلى وجرحى جرّاء انفجار عبوة ناسفة في "ساحة الطيران". وفي البصرة، قطع متظاهرون الطريق المؤدية إلى ميناء أم قصر، حيث كانت قوّات الأمن قد فرّقت الأسبوع الفائت اعتصاماً في المكان نفسه. وعاد الشارع ليستعيد زخمه من جديد، خصوصاً بعدما وجدت السلطات نفسها محرجة في قمع التظاهرات، في وقت أعلنت وزارة الدفاع العراقيّة أن هناك طرفاً ثالثاً من "العصابات" يستخدم قنابل الغاز المسيّل للدموع لقتل المتظاهرين والقوّات الأمنيّة في ساحات التظاهر.

وفي سياق متّصل، كشف مصدر في الداخليّة العراقيّة أن التحقيقات أكدت أن "عصائب أهل الحق"، الموالية لطهران، هي التي أقدمت على اختطاف عميد المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري في الوزارة اللواء ياسر عبد الجبار، قبل أيّام عدّة في منطقة الجادريّة وسط بغداد، مشيرةً إلى أن عمليّة اختطاف اللواء الجبار حصلت نتيجة رفضه منح 150 مقعداً حاول حزب تابع لـ"عصائب أهل الحق" فرضها عليه وإدراجها ضمن طلبة معهد التطوير الأمني، في حين حذّر عبد المهدي من ارتفاع وتيرة حالات الخطف في البلاد.


MISS 3