شربل عازار

الفقراء الجدد والأغنياء الجدد

6 تموز 2022

02 : 00

شربل عازار

المقاييس في لبنان انقلبت رأساً على عقب.

كلّ لبنانيّ يعمل في القطاع العام أو في القطاع الخاص ويقبض راتبه بالليرة اللبنانيّة هو «فقير جديد» لو مهما بلغ راتبه. وبالتالي أصبح لبنان معقلاً وسجناً للفقراء.

«الأثرياء الجدد» هُم، كلّ عائلة لبنانيّة هاجر فردٌ منها او أفراد الى الخارج للعمل، فأصبحت عائلة ميسورة بفضل تحويلات أبنائها المغتربين. لاحظوا من يرتاد أماكن السهر واللهو والسياحة فتتيقّنوا! بالتأكيد نشكر كل مغترب ومهاجر لبناني على مساعدة أهلِه وبالتالي وطَنِه.

الارتفاع الصاروخي في تعرفة الخلوي والانترنت حصل بعذر عدم إفلاس قطاع الاتصالات. هل كان ليُفلِس هذا القطاع لو لم تشترِ إحدى الشركات، وفي عِزِّ الانهيار المالي، مبنىً جديداً يُقال انّ ثمنه مع أثاثِه اقترب من مبلغ مئة مليون دولار اميركي «فريش» يعني ثلاثة آلاف مليار ليرة لبنانيّة؟

هل تستوعبون الرقم؟ طبعاً قيل الكثير عن السماسرة المستفيدين من هذه الصفقة. لن نتكلم عن الرواتب وفائض التوظيف «الزبائنيّ» في شركات الخلوي.

الحلّ يكمن هنا وليس برفع الفاتورة على المواطن المقيم الذي لم يعد يكفيه راتبه لخُبزِه ولبنزينه ولاشتراك مولّده.

لبنان اليوم، يعمل على استعادة ثقة صندوق النقد به وكذلك ثقة الدول والمستثمرين العرب والخليجيّين واللبنانيّين والشركات العالميّة الكبرى في كلّ المجالات.

بربّكم، كيف سَيَثِق العالم بلبنان إذا كان حُكّامُه وسياسيّوه ومصرفيّوه لا يثقون به؟

تصوّروا أنّ صاحب ملحمة يخاف أن يأكل اللحم من ملحمته، والمزارع من زرعه وصاحب المطعم في مطعمه، ومالك المستشفى يخاف أن يتعالج في مستشفاه وصاحب شركة التأمين يخاف ان يؤمّن سيارته في شركته، ومالك المصرف يخاف إيداع امواله في مصرفه فيودِعها في مصارف الخارج، فكيف سيجرؤ الآخرون على أكل اللحم والزرع والطعام من عندهم؟ ومن سَيجرؤ على الاستشفاء في هذا المستشفى ويؤمّن سيارته في تلك الشركة ويضع أمواله في مصرف المصرفيّ الذي يحوّل ثروته خارج البلاد للحفاظ عليها؟

واستطراداً، إذا لم يثق رئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء ورئيس مجلس النواب والنواب وأصحاب المصارف بدولتهم ويعيدوا كلّ أموالهم التي في الخارج الى لبنان، فعبثاً يُقنعون الآخرين من لبنانيّين وغير لبنانيّين بإمكانية نهوض هذا الوطن.

فالثلاثة مليار دولار التي ربّما يَتحَنَّن صندوق النقد الدولي فيُقرضها على مراحل للبنان، يملكها أكثر من مسؤول لبنانيّ وأكثر من مصرفيّ لبنانيّ، ولبنانيّو الاغتراب سبق وأن حوّلوا عشرات مليارات الدولارات الى لبنان، وهم على استعداد لمعاودة الأمر لو وَثِقُوا بدولتهم الجديدة التي يحكمها «الأوادم».

ندعو السّادة النواب جميعاً، خاصة التغييريّين والجدد منهم، الى استصدار قانون يُلزِم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والنواب وموظّفي الدولة وأصحاب المصارف والمساهمين فيها وكلّ متعهد لبنانيّ يتعامل مع الدولة، أن يُثبِت أن لا أموال لديه في الخارج ويرفع السريّة عن حساباته المصرفيّة أينما وجدت كشرط أساسيّ أوّلي لتبوّؤ المناصب وامتلاك المصارف ونَيْلِ الالتزامات.

إن لم يَبنِ أرباب البيت، عبثاً يبني البنّاؤون.

MISS 3