رغم وفرة الأعمال التلفزيونية في هذا العصر، قد لا نرغب دوماً في متابعة أحدث القصص الناجحة إذا كانت معقدة أكثر من اللزوم، خصوصاً مع كثرة مشاكلنا اليومية وروتيننا المرهق الذي يجعل من ايامنا مثقلة بالهموم والمصاعب، ما يدفعنا نحو الافلام للترفيه عن أنفسنا والابتعاد ولو لساعات قليلة عن الواقع. وقد نفضّل أحياناً اختيار عمل بسيط ومتوقع نسبياً، لا تعقيدات زائدة فيه على أن يتّسم بقوة التمثيل وأحداث درامية كافية لزيادة متعة المشاهدين من دون أن يضطروا لتدوين الملاحظات لمواكبة التطورات المتشابكة. يدخل مسلسل The Forest (الغابة) الذي تعرضه شبكة «نتفلكس» في هذه الخانة تحديداً؛ وهو من النوع الدرامي التشويقي الذي عادة ما يستهويه المشاهد اللبناني الذي يستسيغ كل انواع افلام ومسلسلات التشويق بدرجة عالية.
تدور أحداث هذا المسلسل الفرنسي القصير في منطقة «أردين» البلجيكية، وهو يعرض قصة نموذجية من نوع دراما الجريمة. تختفي فتاة مراهِقة اسمها «جينيفر» (أيزيس غيوم) وهي فتية للغاية وعمرها 16 سنة، وتشتبه الشرطة بأنها تعرّضت للقتل ولكن خيوط الفعل الاجرامي غير واضحة المعالم. يبدأ المسلسل بالتشويق منذ لحظات المشاهدة الاولى. من مسؤولية التحري المُنهَك «غاسبار ديكير» (سامويل لابارت) أن يكتشف حقيقة ما حصل فهو المكلف بالكشف عن خيوط ملابسات الاختفاء. تشمل القصة أيضاً حبكة مرتبطة بشخص غريب وغامض اسمه «إيف» وامرأة متحفظة تعرف أكثر مما ينبغي. هل تستطيع الشرطة العثور على «جينيفر» قبل فوات الأوان؟ وما الذي يحصل في تلك الغابة المشؤومة؟ أسئلة كثيرة تراودك عند البدء بحضور المسلسل ما يعني نجاحه من حيث توافر المكونات التشويقية واثارة الفضول. ولكن المسلسل عموماً ليس بالغ التميز اذ لا شيء يميّزه لدرجة عالية، بل إن الجريمة التي تشكّل محور الأحداث فيه ليست مؤثرة عاطفياً بقدر مسلسل Broadchurch مثلاً، وهي تخلو من التحولات المفاجئة والسريعة التي نشاهدها في مسلسل Ozark، ولا تعجّ بدوافع ملتوية وخارقة للطبيعة مثل مسلسلَي Bordertown (البلدة الحدودية) أو Dark (مظلم). بل إننا أمام قصة غامضة ومألوفة حول جريمة قتل، وهي تمتد على ست ساعات محتدمة نسبياً. يشمل العمل أداءً تمثيلياً جيداً وشخصية شريرة مريبة جداً. لكنّ أكثر ما يميّز المسلسل هو احتمال إنهائه دفعةً واحدة. حتى أننا لن نضطر للتركيز على أدق التفاصيل لمواكبة الأحداث. لكن بما أن الناطقين باللغة الإنكليزية مضطرون لقراءة الترجمة، قد يحتاجون إلى مستوى أعلى من الانتباه. مع ذلك، يبقى المسلسل خفيفاً لدرجة أن نتمكن من القيام بنشاط بسيط آخر أثناء مشاهدته.
قد يعتبر البعض هذا التقييم استخفافاً بالعمل، لكنه ليس كذلك. بعدما أصبحت الأعمال المطروحة معقدة لدرجة أن نحتاج إلى خبراء في جرائم القتل لتذكّر ما حصل في مسلسلات مثل Westworld، أو تحديد الأطراف التي تستحق ثقتنا في The Handmaid’s Tale، من الإيجابي أن نعثر على مسلسل ينهي قصته في ست حلقات ولا يتطلب أعلى مستويات التركيز؛ خصوصاً اننا في عصر السرعة وربما ايضاً نفاد الوقت والصبر فالمسلسلات الطويلة رائجة ولكنها تحتاج الى كثير من الصبر والوقت.
إذا كنت تبحث عن دراما متماسكة وممتعة حول عالم الجريمة لاستكشاف أعمال مختلفة عن الإنتاجات الرائجة، سيكون هذا المسلسل أنسب خيار لك خصوصاً انه ينتهي بسرعة ولا يأخذ الكثير من وقتك.