نجح شامبوليون قبل مئتي عام في فكفكة معاني اللغة المصرية القديمة رابطاً بين الهيروغليفية والديموقيطية والاغريقية. قرأ شامبوليون الفرنسي في حجر رشيد ان الشعب يشكر الفرعون على خدماته لمواطنيه فكان في قراءته فاتحاً في علم اللغات وفي معرفة اسرار حضارة مصرية عالمية فريدة.
بعد مئتي سنة من ترجمة كتابات حجر رشيد يواصل دوكان مواطن شامبوليون الفرنسي محاولاته لفكفكة رموز حجر رشيد اللبناني وحتى اللحظة لا يزال يدور في حلقة مفرغة، فلا هو تمكن من فكفكة اللغات الثلاث ولا قرأ في نوايا الرئاسات الثلاث. حجر دوكان يبدو مختلفاً عن حجر رشيد. ترجمته متعددة الوجوه والتأويلات وهو في كل مرة يلتقي فيها مسؤولاً لبنانياً يسمع رواية مختلفة أو «نقّاً». الجميع يشكو الجميع، والكل يعد بما لا ينفّذ، وكأن شيئاً لم يحصل في لبنان منذ ثلاث سنوات او منذ عامين عندما انفجرت بيروت ببنيها.
فلنراجع زيارات خليفة شامبوليون السابقة. في العام الماضي تحادث مع المسؤولين عن ضرورة اقرار قوانين اصلاحية تتعلق بالكابيتال كونترول والمصارف والموازنة وانجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. الجميع وعد يومها ان كل شيء سيسير على ما يرام قبل الوصول الى الانتخابات النيابية، وهو كرر ما يقوله رئيسه ايمانويل ماكرون من ان فرنسا تقف دائماً الى جانب لبنان وستبقى داعمة له حتى خروجه من أزمته.
لكن شيئاً من الوعود لم يبصر النور. بقي حجر رشيد اللبناني عصياً على التفسير، واستمر دوكان في الاستماع للمعزوفات نفسها، وواصل شخصياً تقديم المطالب نفسها، وفي هذين اليومين كرر مراراً ما نطق به قبل شهور وسنوات، واستمع على مضض الى وعود مشابهة، والارجح ان الثابتة الوحيدة في جولاته ستكون الكبة والتبولة كما جاء في تحليل إحدى الصحف العام الماضي.
دوكان في الدكان كتبنا مرةً سابقة ولا يزال الدكان اللبناني عصياً على الفهم في المئوية الثانية لتفكيك ألغاز حجر رشيد…
أبسط الامور تشكيل حكومة لكن الاجماع الغرائبي يقول ان لا حكومة.
والاجماع نفسه يلفت الانظار الى اولوية انتخابات رئاسة الجمهورية، لكن ارباب ما يسمى بالمعركة الرئاسية ينصحون بطول البال، فالفراغ احتمال كبير، وكما حصل قبيل تنصيب الرئيس الحالي يمكن ان تتكرر التجربة في نهاية عهده مفتوحة على أشد وأدهى.
حجر رشيد اللبناني بات يستدعي استحضار شامبوليون من قبره!