جسيكا أبو حيدر مطر

الاستقلال في زمن الثورة

اللبنانيون ينتزعون استقلالهم الجديد

22 تشرين الثاني 2019

02 : 00

جسيكا ابو حيدر

يمرّ عيد الإستقلال كلّ عام من دون أن أشعر أنّه يعنيني! مع أنّني أدرك تماماً القيمة التاريخيّة لهذه الذكرى العظيمة ووجوب استرجاعها والاحتفال بها، إلّا أنّها لم تخاطبني يوماً في واقعي. قد يكون ذلك لأنّني لا ألمس عادةً مفاعيل هذا الإنجاز التاريخي في واقعي اللبناني، فلست أحسب اللبنانيين لا أسياداً ولا أحراراً ولا مستقلين. بل أشعر بينهم ومعهم أنّنا ضحايا أعباء ماضية وعبيد سلطة فاسدة ورهائن مستقبل مجهول.

ولكن لهذه السنة طعمٌ جديد. لست أشعر بأنّه احتفالٌ بذكرى استقلال بعيد، مع أنني لا أشعر بعد أنّه استقلالٌ حاضر. هو شعور بضرورة وإمكانيّة إستعادة المعنى والمفاعيل الحقيقية لحالة الدولة المستقلّة. الإحتفال بذكرى الاستقلال هذه السنة مليء بالرغبة، بالحلم وبالأمل. هو شعور بالإندفاع لاستحضار أمجاد استقلال سنة 1943، هو طموح باستقلال جديد نسعى لتحقيقه معاً...

في تشرين 1943، رغب اللبنانيون بالاستقلال عن تبعيّتهم لدولة أجنبية تتحكم بالواقع والمصير.

في تشرين 2019، يرغب اللبنانيون بالاستقلال عن تبعيّاتهم لزعماء السياسة والطائفية التي تتحكم بحاضرهم ومستقبلهم.

في تشرين 1943، إجتمع اللبنانيون واختاروا لهم حكومة جديدة، مبعدين عنهم نير سلطة فرضها الإنتداب.

في تشرين 2019، يجتمع اللبنانيون ويختارون لأنفسهم نهجاً حكوميّاً جديداً يطمحون إليه، محطّمين نير سلطةٍ فرضتها عهودٌ من الفساد.

في تشرين 1943، قامت السلطة الغريبة بقمع قرار اللبنانيين ورفضه وزجّهم في السجون.

في تشرين 2019، تقوم السلطة الفاسدة، الغريبة عن حلم اللبنانيين وحاجاتهم وحقوقهم، بقمع الثوار، ومحاولة زجّهم في سجون الطائفية والتنديد بالشائعات والتهديد بالحرب الأهلية والضغط بالكوارث الإقتصادية.

لقد فشل الفرنسيون بفرض سلطتهم على اللبنانيين، وفي 22 تشرين الثاني 1943 رضخوا، وانتصر اللبنانيون وانتزعوا استقلالهم.

اليوم، 22 تشرين الثاني 2019، لم يستقلّ اللبنانيون بعد، ولكن من المؤكّد انهم تغيّروا، تشجّعوا، اتّحدوا، كسّروا قيودهم وخرجوا إلى نور الحرية، وها هم يستعدّون لانتزاع استقلالهم الجديد، الآتي، لا محالة.

* مشاركة في تنسيق جلسات الحوار في انتفاضة لبنان 2019 - منطقة كسروان