المناظرة الخامسة هيمن عليها صعود بوتيدجيدج

الديموقراطيّون يتوحّدون ضدّ ترامب فقط

09 : 28

عين المرشّحين الديموقراطيين على البيت الأبيض (أ ف ب)

كعادتهم في السنوات الأخيرة، انقسم المرشّحون الديموقراطيّون بين معتدلين ويساريين متطرّفين خلال المناظرة التلفزيونيّة الخامسة في السباق لنيل تمثيل حزبهم في الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، فيما حاول العسكري السابق بيت بوتيدجيدج طرح نفسه على أنّه "الشخصيّة الجامعة" القادرة على جذب الناخبين الذين صوّتوا للرئيس دونالد ترامب، الذي شكّل "الهدف المثالي" ليُصوّب الديموقراطيّون سهامهم في اتّجاهه، في وقت اختلفوا على معظم الملفات الشائكة.

وبالرغم من تقدّم نائب الرئيس السابق جو بايدن والسيناتورة اليزابيث وارن والسيناتور بيرني ساندرز، وجميعهم في السبعينات من العمر، في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي، غير أن بوتيدجيدج، رئيس بلديّة ساوث بند في ولاية إنديانا، اخترق الصف الأوّل بصعوده بثبات الشهر الماضي، خصوصاً في ولايات تبدأ التصويت مبكراً مثل أيوا.

وهذا التكنوقراطي البالغ من العمر 37 عاماً وصاحب الخبرة السياسيّة، يقود حملة هادئة ويُقدّم مقترحات إصلاح براغماتيّة، كسبت تأييداً في أيوا ونيوهامشير، وهما من أوائل الولايات التي تبدأ التصويت. ويتبنّى بوتيدجيدج النهج المعتدل نفسه الذي يُمثله بايدن، الأوفر حظاً حتّى اللحظة لمواجهة ترامب وفق استطلاعات الرأي، غير أنّه أقرّ بأنّه على الرغم من صعود شعبيّته أخيراً، لم يُحقّق تقدّماً بين الناخبين السود الذين سيلعبون دوراً أساسيّاً بالنسبة إلى الديموقراطيين الساعين بكلّ قوّتهم إلى هزيمة الرئيس الجمهوري في انتخابات العام 2020. وإن كان هدف الإطاحة بترامب يوحّد الديموقراطيين، إلّا أن المرشّحين الأربعة الرئيسيين عرضوا بوضوح خلافاتهم، فانتقد بايدن وبوتيدجيدج، برنامجَيْ ساندرز ووارن اليساريَيْن. واعتبر بايدن أن الغالبيّة العظمى من الديموقراطيين لا تُؤيّد في الوقت الحاضر إصلاحاً على غرار ما يدعو إليه ساندرز ووارن، التي دافعت عن اقتراحاتها، مؤكّدةً أن أفضل وسيلة لجمع الأميركيين تقضي بـ"بناء أميركا مجدية للجميع، وليس فقط للأغنياء".

وشارك عشرة مرشّحين في المناظرة التلفزيونيّة أمس الأوّل، فيما يتنافس 18 ديموقراطيّاً لنيل ترشيح حزبهم، بينهم ديفال باتريك، الذي أعلن ترشيحه أخيراً، وهو حاكم سابق لولاية ماساتشوستس، وهدفهم المشترك إخراج ترامب من البيت الأبيض في تشرين الثاني 2020، غير أن ثلاثة منهم تقدّموا بشكل واضح على منافسيهم في الأشهر الأخيرة، وهم بايدن الذي بلغ الـ77 من العمر الأربعاء، وهو يحظى بـ30 في المئة من نوايا الأصوات، تليه وارن (70 عاماً) مع 18 في المئة من التأييد، ثمّ ساندرز (78 عاماً) ونسبة التأييد له 17 في المئة، بحسب متوسّط نسـب وضعهـا موقـع "ريـل كلير بوليتيكس".

وإضافةً إلى بايدن ووارن وساندرز وبوتيدجيدج، شارك في المناظرة أيضاً أعضاء مجلس الشيوخ كمالا هاريس وكوري بوكر وايمي كلوبوشار ورجل الأعمال أندرو يانغ والمستثمر الذي أصبح ناشطاً توم ستاير وعضو مجلس النوّاب تولسي غابارد.

ويحلّ بوتيدجيدج، أوّل مرشّح مثلي الجنس يحظى بفرص فعليّة في السباق، في المرتبة الرابعة مع 8 في المئة من الأصوات فقط. بيد أنّه يُسجّل منذ نهاية تشرين الأوّل صعوداً سريعاً في استطلاعات الرأي في أيوا، الولاية التي تلعب دوراً محوريّاً في الانتخابات، إذ ستكون أوّل ولاية تُصوّت في 3 شباط، كما أنّه يتقدّم أخيراً في نيوهامشير، التي ستُصوّت مباشرةً بعد أيوا في 11 شباط. وقال بوتيدجيدج: "لديّ الخبرة الضروريّة لتحدّي دونالد ترامب. أعرف جيّداً أنّها لا توازي الخبرة التقليديّة في مؤسّسات السلطة في واشنطن، لكنّني أعتبر أنّنا بحاجة إلى أمر مختلف تماماً الآن"، مضيفاً: "من أجل هزم هذا الرئيس، نحن بحاجة إلى شخص يأتي فعليّاً من الأماكن التي يجذب فيها الناخبين"، في إشارة إلى الأرياف التي صوّتت لترامب في انتخابات 2016 بعدما أيّدت الديموقراطيين لسنوات.

وأوضح أن خطّته المتعلّقة بالرعاية الصحية "لكلّ من يُريد"، لن تُخرج أيّ أميركي من تأمينه الصحي الخاص، مع السماح لأيّ شخص بالانضمام إلى تغطية صحيّة حكوميّة غير مكلفة. وسجّل بوتيدجيدج اللحظات الأشدّ حدّة خلال المناظرة، حين تجادل مع المرشّحة تولسي غابارد، وهي مثله عسكريّة سابقة، حـــــــول السياسة الخارجيّة.

أمّا جو بايدن، فتلعثم في الكلام في أولى مداخلاته، معرّضاً نفسه لتغريدات ساخرة من ابن دونالد ترامب، لكنّ خصومه أبدوا مراعاة له خلال المناقشات. وبالرغم من تصدّره السباق، إلّا أنّه يُواجه تساؤلات حول سنّه وإمكان بقائه في السباق بعد الفضيحة الأوكرانيّة التي حملت مجلس النوّاب على فتح تحقيق بهدف عزل ترامب. ويتّهم الديموقراطيّون الرئيس الجمهوري بأنّه استغلّ صلاحيّاته الرئاسيّة فأوقف مساعدة عسكريّة أساسيّة لكييف، للضغط عليها من أجل أن تفتح تحقيقاً في شأن ملفات فساد تحوم حول هانتر، نجل جو بايدن، الذي كان يعمل في شركة أوكرانيّة للطاقة عندما كان والده نائباً للرئيس الأميركي.

إلى ذلك، وبعد ترشّح ديفال باتريك قد تتوسّع الساحة مجدّداً لتضمّ رئيس بلديّة نيويورك السابق، رجل الأعمال الملياردير مايك بلومبرغ، الذي لم يُعلن ترشّحه رسميّاً، لكنّه قدّم في الآونة الأخيرة أوراق الترشّح في ولايتَيْن، وأعلن حملة دعائيّة على الإنترنت بقيمة مئة مليون دولار في مواجهة ترامب. وفيما أظهر بايدن ثباتاً، فإنّ دخول بلومبرغ السباق يُمكن أن يؤشّر إلى فقدانه الثقة في ترشّح بايدن، الذي يُمكن أن يستفيـد منه بوتيدجيدج.


MISS 3