ريتا ابراهيم فريد

"عبّر"... منصّة بتحكي بصوت الشباب

28 تموز 2022

02 : 01

شبان وشابات من مختلف المناطق اجتمعوا وأطلقوا المنصة

هم من الفئة التي ترفض اليأس، يحفرون في الصخر بحثاً عن ملامح أمل. اجتمعوا، تناقشوا، وتبادلوا الآراء رغم تنوّعها واختلافها. فكانت مبادرة "عبّر" التي تتكلّم بصوت شبابي.

هم مجموعة شبان وشابات من مختلف المناطق، أطلقوا منصّة شبابية عبر الإنترنت، بهدف تعزيز مشاركة الشباب في النقاش ونقل وجهات نظرهم من خلال تقديم حلقات بودكاست أسبوعية تتناول مواضيع مختلفة تهمّ الشباب اللبناني.

الفكرة ظهرت حين نشرت جمعية "Search for common ground" (البحث عن أرضية مشتركة) إعلاناً عن حاجتها الى متطوّعين للعمل على صعيد إجتماعي في مجال التواصل، بهدف إطلاق مبادرة شبابية. تقدّم عدد كبير من الشبان والشابات، واختير منهم 21 شخصاً تمّ الاتفاق معهم على الإنطلاق بمشروع لمدّة بضعة أشهر يتضمّن تأسيس منصّة خلقوها سوية (والتي أصبحت في ما بعد منصّة عبّر). إضافة الى مبادرة مسرح متنقّل تهدف لكسر الصورة النمطية بين الشباب اللبناني القادم من بيئات ومناطق مختلفة.

خضعوا في البداية لمجموعة من التدريبات مع خبراء من الجمعية، مع الاستعانة بخبراء من الخارج عند الحاجة. وخلال التدريبات ظهرت فكرة أن تحمل المنصّة إسم "عبّر"، والهدف منها أن تكون جسر تواصل بين الشباب، وأن تطرح المواضيع من زاوية جديدة لا نراها في الإعلام عادة، على ألا تقتصر العناوين على مشاكل الفئة الشبابية، بل أن تشمل أيضاً النجاحات والإنجازات.

الحلقات الأسبوعية التي تُعرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصّة بالمنصّة، يقدّمها شاب يدعى علي، لكنّ المجموعة كلّها تشارك في الإعداد. وفي هذا الإطار، تحدّثت "نداء الوطن" الى ماريان، وهي إحدى الشابات اللواتي يشاركن في العمل، فأشارت الى أنّ الفريق خلق عدداً من اللجان حين بدأ بتنفيذ المشروع، بحيث تتسلّم كل لجنة مسؤولية شقّ معيّن، مثلاً هناك لجنة مختصّة بالقيام بالأبحاث واقتراح المواضيع، ولجنة أخرى مسؤولة عن التنفيذ والتصوير وإعداد الحلقات. وبالنسبة للتمويل، أوضحت أنّه كان في البداية مؤمّناً من الجمعية. لكنّ العمل اليوم بات يستند على المجهود الشخصي للفريق، الذي يسعى الى تأمين موارد تضمن الإستمرارية، أو حتى عن تمويل جديد.

ناطرين نسمع قصصكن

مواضيع متنوّعة بدأت تُطرح تباعاً عبر البودكاست، من بينها أهمية مشاركة الشباب في العمل التطوعي خلال الأزمات، كسر الصور النمطية في المجتمع اللبناني، التنمّر، الأثر النفسي من العنف الرقمي على الانترنت، الصحة النفسية، وغيرها... مع الإشارة الى أنّ المنصّة كانت قد نشرت دعوةً للمتابعين جاء فيها: "عنا كتير قصص نشاركها معكن، وناطرين نسمع قصصكن، تواصلوا معنا لتكونوا ضيوف منصّتنا الرقمية".

وعن تحديد عناوين الحلقات واختيار الضيوف، لفتت ماريان الى أنّ المجموعة كانت قد أقامت دراسةً حول عدد من المواضيع، تضمّنت استطلاع رأي لشباب بين عمر 18 و35 سنة، حول العناوين التي يهتمّون بطرحها، على أن تكون هناك مواضيع جديدة في المرحلة المقبلة. وأضافت: "نحاول أن نكون مثالاً صالحاً وأن ننقل الصورة الجميلة عن شبان وشابات من بيئات ومناطق وجنسيات مختلفة، لكنهم نجحوا في أن يجتمعوا ويتناقشوا ويتبادلوا الخبرات".





نقاشات وآراء متبادلة


مناقشة المواضيع الحسّاسة

من جهة أخرى، كانت المجموعة قد دخلت في نقاشات مطوّلة حول الخطوط الحمراء أو الحدود المرسومة لطرح المواضيع أو كيفية مناقشتها. وكونهم لا يزالون في بداية الطريق، لم يكن في وسعهم أن يغوصوا فوراً في مواضيع دقيقة. لكن في المقابل، أجمعوا على أنه لا يمكنهم البقاء على السطح وضمن العموميات التي لا تهمّ الناس. "أدركنا ضرورة طرح مواضيع تحمل اختلافات واسعة في وجهات النظر، قد تصل أحياناً حدّ الاقتتال الكلامي، خصوصاً تلك التي لا يتقبّلها البعض، سواء كانت سياسية أم دينية أم إجتماعية"، تقول ماريان، مشيرةً الى أنّ اللجنة المسؤولة عن الشقّ الإعلامي في جمعية "Search for common ground" بادرت الى جمع الفريق ضمن دورات خضعوا لها حول كيفية التطرّق الى مواضيع حسّاسة ومناقشتها من دون التسبّب بأي أذية.




وعن مدى امتلاك شباب لبنان اليوم الطاقة للتغيير في ظلّ كل ما يمرّون به، تقول ماريان: "أنا شخصياً فقدتُ الأمل من الجيل الأكبر سناً. فبالرغم من كل ما يحصل، ما زالوا في مكانهم، وما زالوا متمسّكين بأفكارهم المتحجّرة. من جهة أخرى، الأطفال هم أعمار واعدة، لكنّهم لا يزالون في مرحلة التلقّي، ويمكنهم في المستقبل أن يحدثوا تغييراً". وتضيف: "الأمل الوحيد إذاً هو بفئة بالشباب. فهم يمتلكون الوعي الكافي بأنّ ما يحصل أمامهم هو خطأ، ومن الضروري تغييره. خصوصاً في ظلّ انفتاحنا على بعضنا، حيث أدركنا أننا نتشابه في أمور كثيرة، خلافاً لما زرعوه في رؤوسنا من أفكار. لا شكّ في أنّ كثيرين شعروا باليأس وهاجروا، لكن في المقابل هناك قسم لا يزال صامداً، وأملنا في هؤلاء الصامدون".

"عبّر" ما زالت في المراحل الأولى، إذ لم يمضِ بعد شهران على انطلاقتها. وهُنا تشدّد ماريان على أنّ الهدف أن تصل هذه المنصّة الى أكبر عدد من المتابعين، وأن تحظى بثقة الفئة الشبابية وأن تستقطب الشباب للمشاركة وطرح آرائهم وقصصهم لفتح نقاش حولها. وعلى صعيد أوسع، تقول: "نحن كشبان وشابات نسعى لأن نحمل معنا المبادئ والأفكار والقيم التي استنتجناها من خلال نقاشاتنا، وأن نطبّقها حيث نكون".


MISS 3