رمال جوني -

من يحمي عمّال البلديات هذه الأيّام؟

29 تموز 2022

17 : 12

لم تدرج الدولة مياومي البلديات على لائحة المساعدات، بل انها ابقتهم خارج اللعبة، رغم ان البلديات " قايمة على اكتافهم" الأمر الذي أثار حفيظتهم واستياءهم، سيما وأنّ وضعهم مأساوي... وأكثر.


رفع عدد منهم الصوت، رافضين تخاذل الدولة واستمرارها في تجاهلهم، ومعاملتها لهم على انهم لاجئون... لا عجب في لبنان ان يتقاضى العامل السوري "الولد" ٥ ملايين ليرة شهرياً، في حين لا يزال عامل البلدية يتقاضى ٧٥٠ الف ليرة فقط تضاف اليها مساعدة نصف راتب، الامر الذي يهدد استمرارية العامل ويضعه في خانة "التدهور".



"لن نقدر على الاستمرار في ظل هكذا ظروف"، يقول أحمد الذي ألمح إلى دخول المياومين في إضراب مفتوح، حتى تحصيل الحقوق، ما يعني دخول البلديات في "كوما".


وفي وقت كانت تنشغل الحكومة في البحث عن مخارج لإنهاء إضراب موظفي القطاع العام، وبينهم موظفو البلديات، سقط من تداولها "المياوم".


حتى في كتابها الى البلديات، الذي طلبت من خلاله تقديم آلية تسديد الزيادات، لم تذكر "المياوم". وهو ما سيحرمه حقه من الزيادة "على قلّتها"، ما دفعهم لمطالبة وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، بإنصافهم والنظر بحالهم، والاّ فلا مهرب من الإضراب العام، وحينها سيتعطل البلد نهائياً.


٩٥ بالمئة من عمال البلديات هم من فئة "مياوم"، اي لا صفة شرعية ولا قانونية له، رغم ان كل اعمال البلدية تقع على عاتقه. وفيما الموظفون اليوم في اضراب مفتوح، المياوم محروم من ابسط حقوقه. راتبه لا يتجاوز المليوني ليرة، وهي لا تكفي فاتورة اشتراك. حتى المساعدة وزيادة الراتب الجديدة، لن تلحقه، لأنّ أحداً لم يذكره، في أي من مسمّيات المساعدة، وبالتالي، فإنه "مدعوس"، محروم من الطبابة، من بدل النقل، من المساعدات الاجتماعية كافة، على عكس الموظف الذي يتقاضى بدل نقل يومياً، مساعدات مَرضية "مضاعفة"، بدل نقل رغم اضرابه، ويحظى بدعم كبير، علماً ان المياوم، إن قرّر الإضراب، وهذا حقّه، "تغرق القرى بالنفايات"، وتتوقف عجلة البلديات، وحين يتغيّب يوماً عن العمل " يحسم من أجره اليومي".


يواجه مياومو البلديات ازمة معيشية قاسية. فلن تلحقهم الزيادة المرتقبة، لان المرسوم لم يذكر مياومي البلديات، واقتصر الامر فقط على المستخدمين والأجراء، وبالتالي ضاعت عليه "الترقية الخجولة".


وما زاد الطين بلّة، أن المحافظ يرفض توقيع مرسوم زيادة المساعدة الجديدة، فمعظم مياومي البلديات، يتقاضون راتباً شهرياً بـ ٧٥٠ الف ليرة تضاف اليها ٥٠٠ الف المساعدة الاجتماعية، التي رفض المحافظ رفعها الى المليون ونصف المليون، رغم معرفته المسبقة بأنّ وضع العامل "بالارض"، وهو ما دفع الكثيرين منهم لمطالبة الوزير بيرم بالنظر في حالهم وانصافهم.


لا أحد ينكر واقع البلديات اليوم، فهي تواجه ظروفاً قاسية. معظمها "مشلول" بسبب ضعف الامكانات، وعدم تحويل اموال الصندوق البلدي المستقل، ولكن "هذا لا يمنع تحسين ظروف عمالها لتحسين انتاجيتهم"، يقول أبو جعفر، المياوم منذ ٢٠ عاما، وراتبه لا يتعدى المليون ونصف المليون.


يأسف أبو جعفر لتردي احوال مياومي البلديات على حد قوله "التعب كلو علينا، نعمل تحت حرّ الشمس ونتحمّل البرد، وفي النهاية يحظى الموظف بكل شيء ونحن نحرم من كل شيء... أين العدالة؟".


ما يخشاه ابو جعفر هو المرض. حينها "شو بعمل؟ من وين بدي أمّن أموال للمستشفى؟ وأكثر من ذلك، لسنا مشمولين بأي ضمان صحي أو تأمين، على عكس الموظف الذي تتوفًّر له الطبابة والاستشفاء، وحتى الدواء يشتريه على حساب البلدية، أمّا نحن فلا".


يدرك رؤساء البلديات واقع عمّالهم جيدا، بعضهم التفّ على القانون وأضاف تحسينات مالية لهم ولكنها غير كافية، والبعض "مطنّش"، كما يشير ابراهيم، المياوم منذ نحو خمس سنوات.


يسأل ابراهيم: "شو بيعملوا المليون ونصف المليون اليوم؟ لدي طفل يحتاج حليباً وادوية وغيرها، كيف اؤمن له ما يريد؟". وما يعزّ عليه، أن وزير العمل لم يطالب بحقوقهم، وهنا يتساءل: "لماذا هو في منصب وزير؟ أليس لكي يدافع عن حقوقنا؟ يريدون منّا أن ننظّف الطرقات ونرفع النفايات ونزيل الاعشاب، إضافة الى اعمال اخرى. ولكن هل يقدّرون تعبنا؟ هل يعرف الوزير ان المليون ونصف مليون لا تسمح لنا بالعيش هذه الايام".


يطالب عمال البلديات اليوم بحقوقهم اسوة بموظفي البلديات، غير انّه ما من نقابة تؤازرهم ولا من يتحرّك لأجلهم. حتى النقابة التي تدّعي حماية حقوقهم لا احد يسمع بها. حتى رئيسها "ما بيعرف شي عن معاناة المياوم والا كان تحرّك" بحسب فادي الذي يعمل في رفع النفايات. وهو يبدي غضبه حيال عدّم تحرّك اي جهة لاضافة المياوم الى مرسوم مساعدة مستخدمي البلديات، ويقول: "حتى رؤساء البلديات لم يتحرّكوا وكأنّ الامر لا يعنيهم، مش طالعة غير براسنا".


في تحركهم الأخير ناشد عمّال البلديات وزير العمل مساندتهم، فهو الورقة الاخيرة لديهم قبل صدور قرار رفع رواتب الموظفين، كي لا تضيع فرصتهم ويضطروا للدخول في إضراب مفتوح".


"على ما يبدو ان المياوم طالعة براسو"، ولكن "للصبر حدود" على ما يؤكد معظمهم، "ما بقى قادرين نتحمل اكتر" يشددون واذا لم تلحظهم المساعدة المرتقبة مع الزيادة الموعودة، حينها ستكون للمياومين الكلمة الفصل. فهل تتلقّف الدولة مناشدتهم قبل ان يقع "الفاس بالراس"؟


MISS 3