شربل داغر

الكتاب... التائه

25 تشرين الثاني 2019

10 : 31

الكتاب تائه، يبحث عن قارئ، كما يبحث عن معرضه الملغى في بيروت إلى موعد آخر في السنة المقبلة. إلا أن هناك ما هو أصعب من إلغاء معرض. هناك مصاعب تواجه الكتاب العربي، وهناك تحديات يتعرض لها.

أما لجهة المصاعب، فهي متشعبة. منها تراجعُ الحاجة إلى القراءة لدى فئات واسعة من الأجيال الشابة والمتعلمة. وتعود أسباب التراجع إلى ميل الشباب المتعاظم إلى التحاور الكلامي بدل التفاعل الثقافي القرائي.

ومنها فعاليةٌ متعاظمة وعالية للصورة على حساب فعالية الكلمة.

ومنها تراجعُ قيمة العربية في حسابات هذه الأجيال، التي تعود إلى كون العربية باتت ترتبط، في أذهانهم، وبصورة مزيدة، بالعنف والضيق والظلامية.تتناقص، إذا، الحاجة إلى الكتاب بالعربية عند هذه الفئات وغيرها... فكيف إن لم تكن هناك سياسات لتنمية حضور الكتاب في المجتمع.

هذا ما لا تُعنى به حكومات في برامجها... ولا يكفي بالمقابل ان تشتري هذه الوزارة أو تلك أعداداً من نسخ الكتب المعروضة في معارض الكتاب.

لا حياة للكتاب من دون برامج: في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام.

لا تنامي للكتاب، إن لم يتحول إلى "هدية" يتبادلها الأفراد في ما بينهم، في المناسبات والأعياد، أو فوق طاولات صالوناتهم. فكيف إن أضيفت على هذه المصاعب مشاكل الرقابة المتعاظمة، ومشاكل القرصنة المتفاقمة!

اما التحديات، فهي كثيرة.

منها القدرة على انتقال الكتاب من الورقي إلى الإلكتروني.

وهو انتقالٌ صعب، كما أتحقق منه، في بلادنا وكتابنا.

وهو تحدٍ أجده كبيراً، ما دام أن منسوب الثقافة يتراجع بقوة فظيعة...

وإذا كان للثقافة من قيمة، فقد باتت تتعين في ثقافات اجنبية، وبلغات اجنبية.لهذا أجد بأن تحديات الكتاب العربي هي تحديات عميقة تطاول الثقافة قبل الكتاب نفسه.


MISS 3