أكرم حمدان

عندما يصبح نوع الفستان ولونه والمايوه هو الخبر؟

8 آب 2022

02 : 00

ترددت كثيراً قبل أن أبدأ كتابة هذا الموضوع نظراً لوجود أكثر من رأي ووجهة نظر ربما حول ما سأثيره، إن كان من الناحية العلمية أو حتى المهنية المرتبطة بمعايير الخبر الصحفي، فهل بات طبيعياً أن يكون الخبر الصحفي يتناول نوع الفستان ولونه أو مايو البحر الذي ترتديه تلك الفنانة أو مقدمة البرامج أو المذيعة أو غيرهن من الشخصيات التي ربما تكون مشهورة أو معروفة وربما لا؟؟

وهذا التساؤل ليس من باب التقليل من أهمية هذه الشخصيات ودورها وتأثيرها وإنما محاولة لفهم ما إذا كانت مهنة الصحافة وطريقة إنتقاء الأخبار قد تغيرت أو تبدّلت بفعل تطور تقنيات الإتصال والتواصل ودخول وسائل التواصل الإجتماعي كعامل مؤثر في نشر وتداول هذا النوع وغيره من الأخبار.

قد يكون مفهوماً ومبرراً لأي من المشاهير بمختلف مواقعهم أن ينشروا ما يريدون عن حياتهم الخاصة عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الإجتماعي، ولكن ما ليس مبرراً أو مفهوماً ربما أن يصبح ما تم نشره عنواناً لخبر رئيسي لدى بعض المواقع الإخبارية التي تعتبر نفسها مهمة وربما الأكثر غرابة في الأمر أن يتم إرسال الخبر عبر خاصية الإشعارات الملفتة والرئيسية وكأنه في بعض الأحيان خبر عاجل وأساسي.

ربما ينطلق البعض من نظرية أن هذه الشخصية المشهورة لديها متابعون ومهتمون بأخبارها ولذلك فهو يكسب المزيد من القراء والمتابعين لموقعه وصحيفته الإلكترونية إذا نشر أخباراً كهذه، قد تصح هذه النظرية لدى المواقع المتخصصة بأخبار المشاهير والفن وغيرها من المجالات التي تهتم بهذا الأمر، ولكن ما ليس مفهوماً أن تتصدر أخبار كهذه عناوين وإشعارات مواقع إخبارية تعتبر نفسها مهمة ويفترض أن تكون الأولوية لديها لأخبار الناس ومعاناتهم وما تقوم به السلطة السياسية من ممارسات على مختلف الأصعدة في لبنان وما أكثر الملفات التي يعاني منها المواطن من الذل والقهر والمهانة (الخبز والماء والكهرباء والمحروقات).

وكي لا نبقى في القراءة والتحليل، قد يكون مفيداً التذكير بأهم معايير الخبر الصحفي علمياً ومهنياً ومنها مثلاً طريقة سرد الخبر أو عرضه أو كتابته لكي يجذب الجمهور، إضافة إلى التأكد من صحته وعدم وجود أخطاء فيه وأن يتكون من فقرات صغيرة مترابطة تكون سهلة القراءة ومريحة لعين القارئ.

ومن المعايير الأساسية للخبر المصداقية وهي الشيء الأهم للخبر الذي يعطيه قوة له وللصحافي والموقع أو الصحيفة التي تنشره، إلى جانب معيار أو عامل السرعة الذي يؤثر على مصداقية غالبية المواقع الإلكترونية التي تقوم بنشر الخبر بطريقة سريعة دون الرجوع إلى المصدر الأساسي والتأكد من كافة البيانات.

ربما نكون عبر هذا التذكير فتحنا الباب أمام نقاش علمي ومهني حول معايير وأولويات الأخبار لدى المواقع التي تعرّف نفسها أنها مواقع إخبارية وذات طابع سياسي نوعاً ما، فالمسألة ليست ضد المشاهير وماذا يفعلون في حياتهم الخاصة وماذا يلبسون وأين وكيف يقضون عطلتهم ونوع مايو البحر ولون وقصة الفستان أو الشورت الذي ترتديه هذه أو تلك أو ذاك؟؟ وهي أمور يمكن متابعتها من خلال صفحاتهم عبر وسائل التواصل ومن خلال المواقع المتخصصة وكذلك الأقسام المتخصصة داخل المواقع والصحف الإخبارية السياسية.

المسألة ببساطة هي أن تبقى معايير الخبر الصحفي محترمة ومصانة وأن تبقى ممارسة مهنة الصحافة تُراعي الأصول العلمية والمهنية والأخلاقية دون المساس بخصوصية الآخرين.

فمع احترامي وتقديري لما ترتديه الفنانات، لا أجد مبرراً بأن يفرد أي موقع إخباري خبراً خاصاً حول هذا الأمر وكيف كانت التعليقات من المتابعين عبر صفحات وسائل التواصل الإجتماعي وأن يذهب إلى إرسال الخبر ضمن إشعارات الأخبار المهمة وربما العاجلة مع عنوان غريب لكي يجذب المزيد من القراء والمتابعين.

فهل هذا ما أصبح عليه الإعلام والصحافة؟؟