هند مطر

وليد صادق يعود إلى الرسم في غاليري صالح بركات هذا الصديق الصعب المراس

13 آب 2022

02 : 01

اللوحة بجنونها الصعب

إنه أول معرض فردي له في لبنان منذ العام 2010، وهذه بكل تأكيد عودته إلى عالم اللوحات بعد سنوات أمضاها مع الفن التصوري. وكان لا بد لهذه العودة الميمونة من أن تكون في غاليري صالح بركات، المُتذوّق للفن والمُدافع الشرس عن كل ما له علاقة بهذا البلد الذي تحوّل حديقة جميلة من الخيبات، والقائم في شارع لطالما كان الشاهد على نزواتنا الجميلة التي لم تتحقق بعد، شارع الحمرا.


وها هم الناس يتوافدون بالعشرات إلى هذا الغاليري الأنيق، وقبل الموعد المُحدّد لإفتتاح معرض الفنان والكاتب وليد صادق: Paintings 2020-2022.




عودة الى الصديق



وكأنهم يُريدون بأي ثمن أن يُشاركوا في الإحتفالات الصغيرة التي تُقام هنا وهناك داخل العاصمة الجريحة، للتعلّق بما تبقّى لنا من حياة.

يضحك صادق عندما أطلب منه أن يُعرّف عن هذه الأعمال المينيماليّة الطلّة للقارئ قائلاً، "أنصحهم أن يزوروا الغاليري ليكتشفوا بأنفسهم!". وسُرعان ما يضيف بصوته الخافت الذي يكاد يختفي وسط العجقة الجميلة في الغاليري ويذوب في الأحاديث الجانبيّة التي تُعلن على طريقتها عن ما يُشبه العودة إلى دورة الحياة الطبيعيّة، "أحاول بناء شيء ما في بلد وصلنا فيه إلى مكان مسدود ومسيّج بالدمار. شعرتُ برغبة في تغيير أسلوب العمل المفاهيمي الذي كنت أركز عليه".




فرح ساكن


فجأة جذبه الرسم "التقليدي" الذي يصفه بالصعب من حيث تركيب اللوحة، "هذه الصعوبة في تركيب اللوحة جذبتني مجدداً بعد 25 عاماً أمضيتها مع الفن المفاهيمي. وفي العام 2016 فهمت أن زمن ما بعد الحرب إنتهى وأننا إنتقلنا إلى زمن آخر – ما بعرف شو هوّي –".

إستدرجته اللوحـــة بجنونها الصعب ورفضها العنيد أن تُروّض بسهولة، وهذه القدرة التي تملكها في توسّل لغتها الخاصة التي لا علاقة لها بالكلام لسرد حكايات، لا سيما و"أنني عملتُ كثيراً مع اللغة. ووجدتُ أن اللوحة في الواقع لا تستطيع أن تُدافع عن نفسها وتحديداً إذا لم يضع لها الفنان أي عنوان بل ترك للمُشاهد الحريّة المُطلقة في تزويدها العناوين فيبني معها تالياً قصّة. وآمل أن تكون اللوحة كريمة".




الرسم جدد شباب الفنان


وفي مُحترفه الصغير في الجامعة الأميركية في بيروت حيث يُدرّس في قسم الفنون الجميلة وتاريخ الفن، يعمل صادق الذي تُزيّن وجهه الهادئ إبتسامة ساكنة بدورها تماماً كلوحاته. لا وقت لديه لينغمس في الطقوس التي تسبق عادةً عمليّة الخلق، فهو مُنهمك بالتعليم وبعائلته، "وبسرق الوقت سرقة تأرسم".

في بداياته، بحثت أعماله في الموروثات العائليّة للحرب الأهليّة اللبنانيّة. وبدأ لاحقاً في نشر النصوص النظريّة لفهم تعقيد الصراع المدني المُستمر في أوقات الإستقرار الإجتماعي والإقتصادي النسبي. وفي الفترة التي امتدت بين عامي 2006 و2016، إقترحت أعماله المكتوبة نظرية موجّهة لمجتمع ما بعد الحرب غير الراغب في إاستئناف الحياة المعياريّة. خلال تلك السنوات كانت أعماله الفنيّة تبحث عن شاعريّة يُحاكي من خلالها مجتمعاً يحكمه مبدأ الحرب المطوّلة.



احتفالات الحياة الصغيرة


وفي العام 2016، شعر بحدوث تغيير إجتماعي وسياسي وفكري في البلد، وقرر عندئذِ إنهاء عمله الذي تمحور حول فترة ما بعد الحرب.

وعندما عاد أخيراً إلى الرسم "تجدّد شبابي لا سيما وأنني منذ بضع سنوات شعرتُ بأنه لم يعد لدي أي شيء أقوله والموضوع لم يُزعجني آنذاك. ولكنني الآن أشعر بأن لدي الكثير لأقوله. تجدّد شبابي، وفي الحقيقة لقد بدأتُ لتويّ!".




مينيمالية وأناقة




MISS 3