شربل داغر

"نجوم" الغناء في سماء الحاكمِين

15 آب 2022

02 : 01

وقعتُ، قبل أيام، قبل تلقي حفلة الجلد اليومي في نشرة الاخبار التلفزيونبة المسائية، على عدد من الافلام المصورة لأغنيات مطربين ومطربات عرب.

المشاهد ساحرة ومغرية : ينقل المطرب خطواته القليلة والخفيفة فوق سلم طائرة خاصة، قبل أن يصل إلى ارض غير أرضنا، من دون شك. ذلك ان زميلاً له لا يتمشى أو يتنزه إلا في حديقةِ قصرٍ مترامية ومهندَسة وفق مقص حلاق النبات والأشجار في القصور. أما زميلته فتوزع ابتساماتها ودورات فستانها في قاعات ذات رياش فاخر للغاية...

وكان، في السهرة المترعة بالوجبات الرومنسية، أن وقعتُ على فيلم لجون ترافولتا، يُجرّب "اكتشاف" موهبة غنائية لإطلاقها والاغتناء بها ومعها...

ما يسترعي في الفيلم الاميركي هو ان كثيراً من طالبات وطلاب الشهرة الغنائية لا يرتدون غير ثياب مهملة، عادية...

ما يدعو إلى السؤال والريبة، هو ان "الكليبات" العربية لا تناسب أرض الشقاء، التي نعيش فوقها، من دون ان تتوافر لنقلنا سوى سيارات ضيقة، قذرة، ولنا ان نتأكد فيها مما نحمل مخافة سرقتها...

كان لهذه "الكليبات" العربية أن تتجول، وتدور، في أغنى بلد في العالم، لا في هذه البلاد البائسة.

ألا يكون للصورة المصورة ان تشبه خارجها الاجتماعي أم أن لها أن تنقله بصورة عكسية؟

لماذا لا نرى شوارع تشبه شوارعنا، وهيئات تشبه هيئاتنا؟ أيكون للفن أن يكون ساحرا في الظاهر الاجتماعي والفردي ام ان له في الكلمة في الصورة في استفزاز الصدمة؟

مطربات ومطربون قلة بفترشون ارض الحمام، مثل نانسي عجرم في "كليب" يعود إلى سنوات سابقة، او يلتقون في مباهج عيد ميلاد، يشبه غيره من الاعياد الاليفة.

للفن وظيفة سحرية اكيدة : من اين تتأتى؟ أمن الواقعية "الفجة" ام من التخيل المدهش؟

للفنانين (من مخرج ومطربة او مطرب) خيارات تتطلب أن يكون للمطرب او المطربة "مكانة" فردية واجتماعية في الصورة، لدرجة ان المطربة تستيقظ من نومها، وفي فراشها، في كامل بهرجتها. وهو ما لا يتم تصويره (كما في المسلسلات التلفزيونية)، إلا في بيوت الاغنياء الفارهة.

ألا تكون صورة الفن مدهشة من ناحية جمالية، فتثير مخيلتنا، وتنشط حواسنا، وتجدد صورتنا إلى ما يحيط بنا؟

أم أن لصورة الفن أن تُبقينا في الموقع الاجتماعي والفردي الأدنى، فتجعل من المطربين والمطربات "نجوماً" فعلا في سماء بعيدة، هي نفسها سماء الحاكمِين؟


MISS 3