عماد موسى

إميل لحود القائد والملهم

2 كانون الأول 2019

09 : 11

لم يدرك اللبنانيون حجم الخطأ الفادح الذي ارتكبوه عن قصر نظر وسوء تقدير، يوم قبلوا أن يغادر العماد البحري إميل لحود قمرة القيادة بعدما صارع الأنواء تسعة أعوام وحقق المعجزات، وإن لم ينجز لحود شيئاً فهو قدّم للبشرية خطاب قسم تاريخياً، يصلح دستوراً لبريطانيا العظمى، وشرعة حكم في النروج، ونصاً أدبياً يؤهل صاحبه ليدخل تاريخ العظماء من البوابة الكبرى، ومادة إلزامية في جامعة برينستون التي حمل 35 من خريجيها جائزة نوبل وكان ألبرت آنشتاين من مدرّسيها في ثلاثينات القرن الماضي، وفخر لهذه الجامعة أن يدرّس طلاب الدكتوراه في أقسام الفلسفة والعلوم السياسية والآداب والقانون الدولي.

لا الشعب أدرك فداحة التخلي عن القائد والرئيس والإنسان، ولا فخامته رضخ لأمنيات الشابات والشبان، ولرجاء الأمهات، ولنداءات الأطفال، ولتوسلات الشيوخ، ولإلحاح الأحزاب والشرائح الشعبية بألا يترك الكرسي ولا يترك بعبدا.

لو عرف ميشال شيحا أن الزمن سيجود على وطن الأرز بإميل لحود، لأصرّ على أن تحدد الولاية الرئاسية بمدى العمر. كم أكرهك يا ميشال على فعلتك الدستورية الشنيعة! لكن ما يعوّض، ولو جزئيا، إبتعاد الرئيس "المكاوِم"عن المشهد السياسي، حضورُه في مشهديات "الميادين"، مرة في مسلسل من إعداد وإخراج وتقديم كريم بقرادوني، ومرة في سرديات تقتصر على تاريخه الإستثنائي والمؤامرات التي أحبطها بدهائه وحنكته وشجاعته. يحكي بأريحية، بسلاسة، بغزارة، بحيوية نبع فالوغا، ومنه تأتينا "صحة"، يجف، ونبع الجنرال المعرفي يفيض ويفيض ويفيض 12 شهراً بالسنة.

يفضّل الرئيس السابق "الميادين" على سواها من الشاشات لسبب وجيه وجوهري: فأمام فارس الكلمة الملتهبة والفرس الحرون يضيق أي ميدان، لذا يجد فخامته في الميادين مدى لأفكاره التي تبدأ منه وبه تنتهي.

بدا لحود أمام محاوِرته الشابة، بكامل جاذبيته، ربطة عنق زهرية، وجه زهري، نبرة صوت تضرب على الأوتار الحساسة... وكالعادة كان رؤيوياً، يرى ما لا يراه الآخرون.

ومن مأثورات الرئيس القائد والإنسان الجديدة والتي تستأهل التوقف عندها ساعات وساعات: "لا يمكن إسقاط العهد ( الحالي) وسيفشل ذلك كما فشلوا معي حين كنت رئيساً للجمهورية".

"عودة الحريري للحكومة المقبلة خطأ كبير لأن الهدف سيكون إنهاء المقاومة (الإسلامية)".

"الرئيس فؤاد السنيورة متورط بسرقة 30 مليار دولار".

ودرة الأقوال، من شجرة الدر: "إن الحراك الكبير الذي شهده لبنان عبر عن المطالب التي لطالما ردّدتها". أرأيتم أيها الثوار أي خطيئة اقترف أباؤكم؟

أتتخيلون إميل جميل لحود، صديق الدكتور بشار في كانون الأول 2019، ملهماً أسطورياً للثورة والثوار؟